حديث صحافي لرئيس الحكومة الإسرائيلية لا يستبعد فيه حق الفلسطينيين في التفاوض بشأن الحل الدائم على أساس القرارين 242 و 338 ويكرر مفهومه للسلام مع سوريا، القدس
النص الكامل: 

قلت في أكثر من مناسبة في السابق أنه لا يوجد حل عسكري للانتفاضة ومع ذلك كان أول رد لك على أحداث الأسابيع الثلاثة الأخيرة هو قمع الانتفاضة عسكرياً، مما أدى إلى سقوط 14 قتيلاً ومئات الجرحى في غضون ثلاثة أسابيع فقط؟

قلت في الماضي، ولا زلت أقول اليوم، إن الوسائل العسكرية وحدها لا تحل المشكلة وأكرر اليوم أن الحل يكون بالدمج بين أمرين أولهما وضع الأمور في شكل واضح أمام الفلسطينيين، كما فعلنا مع الدول العربية، وإيضاح أن العداء والحروب لا يمكن أن تحقق شيئاً، وثانياً حمل الفلسطينيين عملياً على تحويل طريقة حل المشاكل إلى طاولة المفاوضات.

لماذا لا تبدأ أنت بالخطوة الأولى وتحوّل أسلوب معالجة الأوضاع في الأراضي المحتلة؟

لأني أؤمن أننا إذا أظهرنا أننا نخضع للعنف، فإن فرص التفاوض ستكون أقل. ما كان أي زعيم عربي ليفكر في إقامة سلام مع إسرائيل لو لم يقتنع أولاً بأن اللجوء إلى القوة لا يمكن أن يحقق ما يمكن تحقيقه من خلال المفاوضات.

ولكن لم تكد تمضي ثلاثة أشهر على تشكيلك حكومتك حتى عادت الأوضاع في الأراضي المحتلة إلى ما كانت عليه عندما كنت نفسك وزيراً للدفاع في العام 1988, ألا تعتقد أن أسلوبك أعاد الانتفاضة من جديد؟

آمل أننا لسنا في صدد العودة إلى ما كانت عليه الانتفاضة في أولها، ولكني مع ذلك لا أنكر أن هناك تصاعداً في العنف.

أنا لم أقل أبداً إن الانتفاضة انتهت ولكنها غيرت في العام ونصف العام الأخيرين من طابع المشاركة الشعبية فيها.

ولكن أحد أسباب التوتر والتصعيد هو الشعور لدى الكثير من الفلسطينيين أن وفدهم المفاوض لم يقدم لهم شيئاً ملموساً.

ذلك لأن وفدهم يعالج ظواهر المشكلة وليس مستعداً للبحث في حل المشكلة.

أنت الذي قلت، عندما قدمت حكومتك أمام الكنيست، إن الأولوية هي لحل قضية الفلسطينيين، وغيّرت رأيك بعد ذلك...

إنهم لم يتقبلوا بعد أن علينا التقدم في مرحلتين كما اتفق في مؤتمر مدريد. مرحلة أولى لاتفاق مرحلي لا يشمل العناصر الرئيسية للحل الدائم، أي الأرض والمجلس التشريعي... 

لا يشملها ولكن لا يستبعدها...

لا، لا يشملها لأن خلاصته اتفاق مرحلي يبقي الباب مفتوحاً للجهتين للتفاوض في شأن الحل الدائم كما يرغبون. ولكن لا يستبعد حق الفلسطينيين، عندما نتفاوض على الحل الدائم في فترة لا تتعدى بداية السنة الثالثة للمرحلة الانتقالية، في التفاوض على أساس القرارين 242 و338. أنا على استعداد لوضع جدول زمني، وأبلغت الأميركيين بذلك، لإِجراء انتخابات عامة ينتخب فيها الفلسطينيون بأنفسهم ولأنفسهم مجلسا تنفيذياً لا تشريعياً. إنهم ليسوا على استعداد للبحث في القضايا العملية التي من شأنها أن تغير الوضع في المناطق (المحتلة). لا يتقبلون أننا نتجه نحو اتفاق مرحلي وليس نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة. إنهم يخشون التقدم ولا توجد قيادة قادرة على اتخاذ قرار حقيقي. إن قيادتهم منذ الخمسينات والستينات تطمح للحصول على كل شيء فتبقى من دون أي شيء. لم تفهم (القيادة) بعد أن عليها أن تبدأ بما هو أقل من طموحاتها.

تقول لا توجد قيادة، ولكن هناك قيادة وأنت الذي لا تعترف بها. إنها في تونس وهي القيادة التي لا يرى الفلسطينيون سواها.

هناك إطار للمفاوضات وافق الفلسطينيون عليه. إنه إطار مؤتمر مدريد. وهناك أساس واضح لما علينا أن نفعله مع الفلسطينيين وهم منذ البداية لم يتأقلموا معه بخلاف سوريا. وبناء على ما حُدد في مدريد هناك قضيتان رئيسيتان: إسرائيل والفلسطينيون، وإسرائيل وسوريا. إذ إن لبنان هو محمية سورية ولا يستطيع اللبنانيون أن يقرروا شيئاً من دون موافقة سوريا أما بالنسبة إلى الأردن فإن إمكانات تأثيره على الفلسطينيين بالقدر الذي يرغب به محدودة جداً. لذا فإنه من دون البدء في حل إحدى القضيتين على الأقل، لن يكون هناك أي تحرك ذي مغزى.

يبدو اليوم أن هناك فرصاً أفضل لتحرك كهذا مع سوريا، وهاذ ما يسبب إحباطاً آخر للفلسطينيين، فالعالم ينظر إلى هذا الجزء من المفاوضات (الإِسرائيلي ـ السوري) كالجزء الواعد لأن هناك في الجهة العربية (السورية) من هو قادر على اتخاذ القرارات.

إذا كنت تعني أن الوفد الفلسطيني لا يستطيع أن يتخذ قراراته بنفسه، فلماذا لا تتحدث مباشرة مع الجهة التي تتخذ القرار؟

نحن نتفاوض مع الممثلين عن الفلسطينيين في المناطق...

ولكن هم لا يعتبرون أنفسهم ممثلين...

نحن على دراية تامة بأنهم يتشاورون على الأقل مع آخرين ونحن لا نرى أن بعض الأشخاص في تونس يلعب دوراً إيجابياً. أنا أعتبر أن هناك فرقاً أساسياً مع بعض العناصر ـ وليس جميعها ـ في القيادة الفلسطينية في المناطق (المحتلة) الذين يقدرون مشاكل الفلسطينيين هنا. إنهم أكثر براغماتية من الأشخاص في تونس.

وعدت خلال حملتك الانتخابية بإلغاء القانون الذي يمنع الاتصال بمنظمة التحرير. أين اختفى هذا الوعد؟

هناك فهم خاطئ لفكرة التغيير الذي سيطرأ على القانون، فهو يتعلق بالاتصالات الشخصية ولن يغير في موقف الحكومة من التفاوض فقط مع ممثلين فلسطينيين من المناطق (المحتلة) في المفاوضات الثنائية.

أعتقد أن علي أن أتحقق من هذا الموضوع الآن في ضوء الحقائق الجديدة، وأن أقرر متى أرغب في أن يصبح فاعلاً، ولكن من دون أن يغيب عن بالي أنه قد يؤدي إلى تغيير موقف الولايات المتحدة من تعليق الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية. ولا أود أن أسهّل العودة إليه.

وهل لكم الشروط نفسها كالولايات المتحدة من الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية؟

لا، هذا موقف الولايات المتحدة وليس موقف إسرائيل. ولكن مع ذلك فإنني ـ بخلاف الحكومة السابقة ـ على استعداد للقبول بفلسطينيين من خارج المناطق (المحتلة) في إطار المفاوضات المتعددة الأطراف ما لم يكونوا أعضاء في هيئات المنظمة. وأنا لا أتفق مع الحكومة السابقة في أن لجنة اللاجئين يجب أن تكون ممثلة بفلسطينيين من المناطق (المحتلة)، إذ على العكس يجب أن يكون هناك ممثلون عن اللاجئين في سوريا ولبنان والأردن لأن هؤلاء هم اللاجئون الذين يجب أن تحل مشكلتهم.

هل هناك ظروف معينة يمكن خلالها أن تتحاوروا مع خصمكم الرئيسي، أي منظمة التحرير؟

أنا أؤمن أن السياسة التي اتبعتها منذ العام 1989 بضرورة التفاوض مع فلسطينيي المناطق يجب أن تكون سياسة إسرائيل. مع من هم يتحدثون ليس شأني.

ألا توافق على أنه من دون الضوء الأخضر من منظمة التحرير الفلسطينية في تونس ما كانت لتبدأ مفاوضات السلام؟

لا أستطيع إنكار ذلك.

إذن ما هي مشكلتك؟

أرى أن مشكلة الفلسطينيين في المناطق (المحتلة) اليوم ليست مقصورة على تونس، بل هناك اليوم المعارضة، المنظمات العشر التي اجتمعت في دمشق و"حماس". هذا الجزء من الفلسطينيين يعارض المسيرة بأكملها ولذا إذا سألتموني: من يخشى الفلسطينيون في المناطق (المحتلة) أكثر، تونس أم المعارضة، سأقول المعارضة.

ولكن هؤلاء لم ينجحوا حتى الآن في وقف المسيرة فماذا إعطاؤهم حجماً أكبر من تأثيرهم؟

لا أستطيع أن أناقش الشؤون الفلسطينية الداخلية. 

ولكنك تعلم أن في إمكانك أن تعزز مكانة المفاوضين لو بدأت بتغييرات ملموسة؟

هناك الكثير من الانتقاد في إسرائيل بسبب اللفتات التي قمت بها مثل إطلاق ما بين 600 و800 معتقل وإنْ كان هذا القرار جلب الطمأنينة لنا.

أنت تعلم أكثر من غيرك أن هذه "اللفتات" لا تتناول القضايا الأساسية؟

أنا أتفق معكم، ولكن هذا بالضبط ما نريد منهم (الفلسطينيين) أن يتطرقوا إليه من خلال المفاوضات. هم قالوا لجنة فرعية واحدة: حقوق الإِنسان. هل تعتقدون أني سعيد بالاحتفاظ بـ 6000 معتقل في المنشآت العسكرية (التابعة للجيش الإِسرائيلي).

لماذا لا تطلقهم إذن؟

ما دام هناك عنف، سنستخدم القوة لمعالجته ولكن الحل يجب أن يكون سياسياً بحيث يغير الوضع بالتوافق مع ما تم الاتفاق عليه سابقاً. ما سنتعامل معه حالياً هو الترتيبات الانتقالية للحكومة الذاتية للفلسطينيين وهم يرفضون التعامل مع المشكلة يبدأون بالحديث عن المجلس التشريعي، والمجلس التشريعي ليس هو الحل للاتفاق المرحلي. 

بشكل عملي أكثر، ماذا عن الأرض والمياه؟ أليس هناك بُعد إقليمي للمرحلة الانتقالية؟

لا، لا بُعد إقليمياً. إذا بدأنا بالحديث عن البعد الإِقليمي سنخوض في الحل الدائم. أنا أفرق بين ما هو إقليمي وبين قضية الأرض. وكي نبدأ ببحث المشكلة، علينا أولاً أن نتفق على المفهوم. ماذا سنقيم؟ ما هي مجالات المسؤولية؟ لقد وضعنا وثيقة من 33 صفحة تقترح 15 مجالاً ستفوض للفلسطينيين...

ولكنهم يعترضون على مفهوم التفويض بالذات...

لا يمكننا أن نبدأ من قضية واحدة: علينا أولاً أن نبدأ بالمفهوم، ثم ماذا ستكون سلطة كل من المجالات. لقد قلنا لا للتشريعات ونعم للقوانين الثانوية.

وهل ستطبق هذه المجالات على أرض معينة أم أنها ستكون في الهواء؟

ليست في الهواء. ستنطبق على الفلسطينيين الذين يسكنون في المناطق (المحتلة).

ماذا عن المياه والأرض؟

نحن على استعداد للتفاوض على كل هذه الأمور، ولكننا في حاجة إلى شركاء يبدأون بالتفاوض حولها.

ولكنكم لا تتيحون لهم معرفة المعلومات الأساسية التي تهمهم: كم عددهم وما هي الأراضي التي ستتبع لهم. هل ستوافقون على منحهم الإحصاءات الأساسية؟

بعد أن نتفق على المفهوم ونبدأ بالتفاوض، سيحصلون على كل المعلومات.

ولكن ألا تفاوضون منذ عام؟

نحن نتفاوض على المفهوم (بإلحاح وعصبية) يجب أن نتفق في شأنه. قالوا إن المفهوم لا يروق لهم، فقلنا لنخض إذن في كل قضية على حدة ولكن ليس فقط القضايا التي ترغبون أنتم بالخوض فيها وإنما كل المشكلة. ذلك أننا إذا اتفقنا على أمر واحد فقط لن يقودنا هذا إلى أي شيء. يجب أن نرى الصورة الشاملة.

ولكن الصورة الشاملة تم تعريفها منذ عام في مدريد. إنها الحكومة الذاتية الانتقالية.

ما هي؟ إنه مصطلح عام. ما هو الجسم الذي سيديرها؟ ما هي المجالات التي ستخضع لها؟ هذه هي المشكلة التي نود الخوض فيها، أن نتفاوض معهم. نحن على استعداد للخوض في كل التفاصيل ولكن أولاً يجب أن نحدد المفهوم العام.

لنتحدث عن المفاهيم إذن. سلفك يتسحاق شمير كان يشير إلى الفلسطينيين بـ "عرب يهودا والسامرة". أنتم تتحدثون عن الفلسطينيين. من هم الفلسطينيون بالنسبة إليكم؟

لا يعود أمر تعريفهم لي.

ولكن من هم بالنسبة إليك؟ هل هم شعب؟

نحن نعترف بهم على أنهم كيان مختلف كلياً عنا من ناحية الدين ومن ناحية سياسية ويمكن القول من ناحية وطنية.

هل لهم حقوق وطنية؟

لا أعرف ما هي الحقوق الوطنية.

ولكن البرنامج السياسي الأخير لمؤتمر حزب العمل يتطرق إلى الحقوق الوطنية.

حسناً. ما هي الحقوق الوطنية؟ 

نحن نرغب بتعريفك أنت لها.

نحن اتفقنا على أن نبدأ بتسوية مرحلية لا أن نذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في المرحلة الحالية. لدينا جدول زمني عندما سنتفاوض على الحل الدائم. ولكن مهلاً... هل ﻠ "الباسك" في إسبانيا مثلاً الحق الوطني في تقرير المصير؟ هناك الكثير من الأمثلة على كيانات متعددة، سواء كانت كيانات سياسية أو دينية أو حتى وطنية وليس لديها هذا الحق. هناك 15 مليون كردي ولست على علم بأن العراق أو تركيا أو إيران توافق على حقهم في إقامة دولة لهم.

عندما تقول كيان وطني (National Entity)، كيف ترى مستقبل هذا الكيان على المدى البعيد؟

علينا أولاً أن نبدأ (بالتفاوض) ثم نقرر بعد ذلك ماذا سيكون. هناك خيارات عدة.

ولكن الفلسطينيين يريدون دولة مستقلة. ماذا تقترح أنت كمستقبل بعيد المدى نسبياً؟

أساساً لا أرغب أن أضم بإرادتي 1,7 مليون فلسطيني ليصبحوا إسرائيليين. ولكن هذا لا يعني أني سأتخلى عن كل المناطق.

ثانياً قد تطرأ أفكار جديدة. علينا أن نبدأ بتغيير الوضع الحالي.

وماذا بعد ذلك؟

بعد ذلك؟ مثلاً سمعت من بعض الفلسطينيين ـ ولا أقول إن هذا موقف الجميع ـ بأن من الممكن، على المدى البعيد، إقامة نوع من العلاقة الفدرالية بينهم وبيننا. وقد تكون كونفدرالية (تضمنا) نحن الفلسطينيين والأردن. لا أعتقد أن الوقت مناسب اليوم للبحث في هذه الأفكار. سيتطلب الأمر بعض الوقت وأنا أؤيد أن يبني الفلسطينيون مثلاً صناعاتهم الخاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

هل تعتقد أن الاقتصادين يجب أن يفصلا؟

على المدى البعيد لست ضد ذلك.

هل هذا الكيان الفلسطيني المستقل...

أنا لم أقل كياناً مستقلاً. قلت فقط كياناً مختلفاً.

هل كيان فلسطيني على قطعة أرض محددة وفي علاقة كونفدرالية مع الأردن ومع ضمانات أمنية لإِسرائيل مقبول لديكم؟

أنا لم أقل ماذا ستكون الحدود التي ستفصل بيننا ولكني أرى أننا كلما تطرقنا الآن أكثر للحل الدائم ستقل إمكانية إحداث تغيير في الوضع الحالي، مثل القدس. إذا أثيرت الآن سنصل إلى طريق مسدود.

ولكن أنا لم أتحدث عن المفاوضات بالذات وإنما عن فكرة طرحتها أنت لعلاقة فدرالية أو كونفدرالية...

المهم الآن أن نتقدم في المفاوضات السياسية. عندما ننجح في إحداث تغيير، فإننا نخلق بذلك حقائق جديدة وقد تنشأ أفكار جديدة. دعونا لا نكون دوغماتيين الآن، ولنبدأ بالحكومة الذاتية الانتقالية.

قد يكون من الأسهل الحصول على ذلك إذا اتضح تصور ما لما سيكون عليه المستقبل؟

لا أريد إلزامهم (الفلسطينيين) بفكرة معينة. إنهم يقولون الآن: دولة مستقلة. إنه حقهم المشروع أن يعبروا عما يطمحون إليه ما داموا يركزون جهودهم على الترتيبات الانتقالية للحكومة الذاتية. لسنا مضطرين لتبني وجهة نظرهم، فلنا وجهة نظر خاصة بنا. ولكن لنضع جانباً ما يريده كل منا في المرحلة الدائمة ولنبق الباب مفتوحاً لها.

بعد مرور 3 أشهر على تشكيل حكومتك لا زلنا لا نعرف أياً من المستوطنات "أمني" وأيها "سياسي". آلا تصنفها لنا؟

إني أميز بين المستوطنات التي بنيت في المناطق ذات الأهمية الأمينة لإِسرائيل وهي على طول خط المواجهة ووادي الأردن ومرتفعات الجولان.

وما عدا ذلك؟

الباقي كله سياسي.

وما مستقبل المستوطنات السياسية؟

ستكون خاضعة للتفاوض مع الفلسطينيين عندما نصل إلى مفاوضات الحل النهائي.

إذن المستوطنات الأمنية هدفها أمني والسياسية يمكن التفاوض على إزالتها؟

هذا هو تعريفي للأمنية. لم أكن في الماضي من مؤيدي إقامة مستوطنات سياسة.

ماذا عن الـ 11 ألف وحدة سكنية التي وافقت على مواصلة بنائها؟ في أي مستوطنات تقام؟

معظمها في المستوطنات السياسية.

إذن أنت تزيد مشكلة إلى المشكلة الأصلية بالموافقة على إقامة 11 ألف وحدة جديدة في مستوطنات خاضعة للتفاوض؟

(إشارة باليدين بمعنى "هذا هو الأمر").

هل تثق بحافظ الأسد؟

(صمت ثم تردد ثم:) هناك تساؤل أُثير قبل وقت طويل. نحن نعلم أنه لا توجد في العالم العربي مجتمعات ديمقراطية ولا أنظمة سياسة ديمقراطية. والتساؤل كان: هل ننتظر إلى حين يطرأ تغيير، أم هل نحن على استعداد للتفاوض مع الأنظمة الموجودة؟ وقررنا أننا على استعداد للمجازفة مع علمنا أن تغييرات قد تحصل. ولكن علينا الاحتفاظ بهامش أمني...

هامش إقليمي؟

جزء منه إقليمي وجزء يتعلق بترتيبات أُخرى.

هل تسوية سلمية مع سوريا يمكن أن تؤدي بشكل أوتوماتيكي إلى انسحاب إسرائيلي من "الحزام الأمني" المحتل في جنوب لبنان؟

نحن نتفاوض على أساس ثنائي بهدف الوصول إلى سلام شامل ناتج عن اتفاقات ثنائية. لقد تعلمنا الدرس الصعب بأن مصر لا يمكن أن تمثل الفلسطينيين ولا سوريا ولا الأردن يمكن أن يمثلهم. ولكن لبنان حكاية مختلفة. القضية بيننا وبين لبنان لا تتعلق بأراض.

هل توافقون على أن يضمن الرئيس السوري لكم أمنكم على الحدود الشمالية مع لبنان؟

لست أدري إذا كان يستطيع ذلك. نحن نرغب في رؤية حكومة في لبنان قادرة على السيطرة على أراضيها وقد يكون ذلك بدعم من سوريا. ولكني لا أعتقد أن اللبنانيين يجرؤون على عمل أي شيء في هذا الاتجاه من دون ضوء أخضر من سوريا.

ولهذا سألت إذا يمكن للتسوية مع سوريا أن تنتهي بانسحابكم من جنوب لبنان.

سوف نرى. نحن نتفاوض مع سوريا ولكن السوريين أنفسهم يصرون علينا: لا تتفاوضوا معنا حول مشكلة لبنان تفاوضوا معهم. لا أستطيع أن أفرض عليهم ما لا يرغبون به كما لا يستطيعون أن يفرضوا علينا ما لا نريد. 

بعض جنرالاتك في الجيش الإِسرائيلي يعتقد أن لا أهمية استراتيجية لهضبة الجولان في زمن السلم وفي حقبة صواريخ "سكاد"، وبعضهم الآخر يعتقد العكس. أنت الذي احتللت الهضبة (كان رئيس أركان الجيش في حرب 1967) وكنت جنرالاً في السابق فأيهم تؤيد؟

في الشرق الأوسط الاتفاقات الدولية ليست منزلة وما لم تكن مدعمة بقوة لن تكون قابلة للتطبيق. وإذا ما اندلعت حرب عربية ـ إسرائيلية، وحرب الخليج لم تكن عربية ـ إسرائيلية، فإنها لم تقتصر على الصواريخ.

لماذا كل هذا الإِصرار في إسرائيل على لقاء قمة بينك وبين الرئيس السوري حافظ الأسد؟

لا يمكننا أن نوقع معاهدة سلام مع سوريا من دون إثبات للشعب السوري أن قائدهم على استعداد للتصالح مع إسرائيل عبر لقاء مع قيادة إسرائيل. هذا ما عنيته عندما تحدثت عن ضرورة اللقاء. لم أطلب لقاء قمة الآن، ولا أتوقع من حافظ الأسد أن يفعل ما فعل أنور السادات ولكني لا أرى سلاماً يقام بين سوريا وإسرائيل عندما ترفض قيادة البلدين اللقاء. لم يحدث هذا في العالم قط.

ما هي طبيعة السلام الذي تريدونه مع سوريا؟

قلنا وفي شكل علني إننا نقبل تطبيق القرارين 242 و338 من أجل الوصول إلى معاهدة سلام مع سوريا، مما يعني أنه في إطار السلام سيكون هناك بعد إقليمي، ولكننا لن ندخل في القضايا الإِقليمية قبل أن نضمن أننا نتحدث مع سوريا عن سلام بمعناه الحقيقي أي: حدود مفتوحة لحركة الأشخاص والبضائع وعلاقات دبلوماسية وسفارات وتطبيع للعلاقات وأن تكون معاهدة السلام بيننا ماثلة لوحدها من دون أن تكون تحت تأثير أو مشروطة بما حدث أو لا يحدث في المفاوضات مع الوفود الأُخرى.

 

المصدر: "الحياة" (لندن)، 20/10/1992. وقد أدلى رابين بهذا الحديث، الذي حضرته "الحياة"، إلى الصحافة الأجنبية.

* رئيس الحكومة الإسرائيلية: يتسحاق رابين.