أزمة إسرائيل المائية ومياه لبنان
كلمات مفتاحية: 
المياه
نزاع على المياه
الموارد المائية
نهر الليطاني
جنوب لبنان
نبذة مختصرة: 

يتناول التقرير الأطماع الاسرائيلية في مياه لبنان، وخطط إسرائيل للاستيلاء على المياه اللبنانية، ويستعرض الأطماع التاريخية الإسرائيلية بالمياه اللبنانية، وخطط الحركة الصهيونية لتحقيق هذه المطامع، بالإضافة إلى الأزمة المائية التي تعانيها الدولة العبرية بسبب استنزاف الموارد المائية القائمة، وارتفاع الحاجة إلى مصادر جديدة في ضوء موجة الهجرة اليهودية من الاتحاد السوفياتي. ويركز التقرير على نهر الليطاني ومطامع اسرائيل فيه، وعلى إمكانات تحويله، ثم على السياسة الإسرائيلية التي اتبعها الاحتلال في جنوب لبنان بغرض تحقيق هدفه المائي. ويستنتج أن نية إسرائيل السيطرة الكاملة على نهر الليطاني التي تضمن زيادة مواردها المائية 50 في المئة، وحل مشكلة العجز المائي، يشكلان حافزاً على الحرب لأن تحويل مياه الليطاني يفترض سيطرة إسرائيل على سد القرعون أو تدميره، وأن هذا الأمر يتطلب القيام بعملية عسكرية.

النص الكامل: 

ينذر دخول أزمة المياه في إسرائيل حدود الخط الأحمر في مطلع هذه السنة، وإعلان حالة الطوارىء في مرفق المياه الإسرائيلي في ١٩ آذار / مارس الماضي،(1)  باحتمالات خطرة قد تصل إلى حدود مواجهة عسكرية واسعة النطاق في شأن الموارد المائية في المنطقة. فمعطيات الأزمة تنذر بعجز متزايد في ميزان المياه الإسرائيلي خلال العقد المقبل، وتشير إلى انعدام الحلول الممكنة والمقبولة ضمن حدود إسرائيل الحالية. وإسرائيل التي دأبت منذ الستينات على تلبية استهلاكها المتزايد من المياه من موارد إضافية استولت عليها من العرب بالحرب، هي اليوم في حالة تأهب لضمان أمنها المائي بالاستيلاء على مورد جديد خارج حدودها. وبذلك يكون لبنان بثروته المائية في عين العاصفة. فالبدائل المائية الممكنة، بالنسبة إلى إسرائيل، تكاد تكون مستحيلة اقتصاديًا ومحرَّمة سياسيًا. واستيعاب طلائع الهجرة الجماعية اليهودية المتوقعة خلال النصف الأول من التسعينات سيفاقم المشكلة إلى حد تحولها إلى حافز على الحرب.

فإسرائيل ذات الموارد المائية الشحيحة، اعتمدت منذ الستينات على الموارد المائية الإضافية التي سبقت العرب إليها واستولت عليها منهم في غزواتها، لتلبية معدلات استهلاكها المدني العالية، وتطوير زراعتها، وتنفيذ سياستها الاستيطانية. ويتراوح الحجم الإجمالي للموارد المائية العربية المسلوبة بين ٦٠٠ و ٧٠٠ مليون متر مكعب من المياه في السنة، يمثل نحو ٤٠٪ من استهلاك إسرائيل السنوي من المياه.(2)  فعندما احتلت إسرائيل أراضي عربية في مصر وسوريا والأردن سنة ١٩٦٧، كانت تحقق توسعًا إقليميًا وتلبي حاجتها المائية في آن واحد، فتستولي على ما تبقى من روافد نهر الأردن بما فيها مياه نهر بانياس العذبة في الجولان، وعلى مياه الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحسم نزاعها مع سوريا في شأن بحيرة طبريا، وتسيطر في الهضبة السورية على نقطة انطلاق إلى مياه الليطاني. لكن إسرائيل، ومنذ أواخر السبعينات، كانت قد استخدمت آخر هذه الموارد المائية الإضافية التي استولت عليها في السينات، بينما بقيت معدلات استهلاكها من المياه تزداد فتزداد معها حاجتها إلى موارد جديدة خارج حدودها بسبب محدودية الطاقة الإنتاجية لمعامل معالجة المياه المستعملة ومعامل تحلية المياه.

وإذا وضعنا احتلال إسرائيل في الجنوب اللبناني ضمن سعيها الدائم لضمان أمنها المائي، فإنَّها تكون قد تجاوزت مرحلة التطلع شمالًا صوب مياه لبنان ودخلت مرحلة التوسع الإقليمي نحوها منذ "عملية الليطاني" سنة ١٩٧٨، ويكون أقدم أهدافها الجيو – سياسية قد أصبح في متناول اليد بعد الاجتياح الذي قامت به سنة ١٩٨٢. إنَّ سيطرة إسرائيل على منطقة ٢٠ ميلًا من مجرى نهر الليطاني تجعل مسألة تحويله إلى أراضيها خيارًا مغريًا ومتاحًا في أوضاع شلل الحكم في لبنان وحروبه الداخلية، إذ أنَّها تجد في هذا الخيار حلًا لمشكلتها المائية سبق أنْ اعتمدته في الماضي. ففشل الحركة الصهيونية في تضمين حدود فلسطين (تمهيدًا لمشروع الدولة اليهودية فيها) تلك الأجزاء من أراضي لبنان الغنية بالموارد المائية، لم يضع حدًا لهذه الأطماع التي تتجاوز الرغبة في التوسع الإقليمي – بحد ذاته – إلى الحاجة الاستراتيجية إلى ضمان موارد مائية وفيرة لهذه الدولة العتيدة. وقد وضع احتلالها في الجنوب اللبناني هذه الأطماع التاريخية على أسس جديدة تنطوي على أخطار تعد لبنان بالكارثة. فغنائم إسرائيل المائية من حروبها مع العرب أصبحت بالنسبة إليها ثمنًا للسلام، وغنائمها المائية من حروبها في لبنان تكتسب قيمة حيوية أكبر في سياق ما هو مشكلة مائية جوهرية لا مشكلة عابرة تواجهها إسرائيل اليوم، وتجعل من احتلالها في لبنان ضرورة مائية استراتيجية يترتب على لبنان دفع ثمن باهظ لقاء ذلك.

 الحافز المائي

دأبت إسرائيل منذ احتلالها منطقة تضم نحو ٥٠ قرية في الجنوب اللبناني، في أعقاب عملية الليطاني، على سوق الحجج الأمنية، لتبرير سياستها التوسعية فيه؛ وكانت هذه الحجج هي نفسها التي بررت بها الاجتياح الذي قامت به سنة ١٩٨٢ والذي وسّعت به رقعة احتلالها لحزام بعمق يتراوح بين ١٠ و ٣٠ ميلًا، بحيث بات يضم ١٧١ بلدة وقرية. ودأب المسؤولون الإسرائيليون على نفي نيتهم البقاء في الجنوب اللبناني بصورة دائمة وتأكيد أنَّ هذا الوجود موقت ويزول بزوال الضرورات الأمنية التي استوجبته. لكن، إذا كان صحيحًا أنَّ لإسرائيل أهدافًا أمنية في الجنوب اللبناني فإنَّ هذه الحجج كانت تخفي دائمًا الحاجة المائية الكامنة وراء توسعها فيه. وإنَّ الكثير من ممارسات الاحتلال في الجنوب لا يبدو من عوامل الضرورات الأمنية ذات الصلة بمكافحة المقاومة الفلسطينية واجتثاثها فيه لضمان أمن مستعمراتها الشمالية. لكن هذه الممارسات تجد تفسيرها المنطقي في سياق اضطرار إسرائيل إلى الاستيلاء على موارد مائية جديدة خارج حدودها. وقد كان أبرز إجراءات الاحتلال بعد غزو سنة ١٩٧٨، منع المزارعين اللبنانيين من حفر آبار مياه جديدة وإغلاق آبار قديمة؛(3)  تمامًا كما فعل الاحتلال في الضفة الغربية بعد حرب ١٩٦٧، من أجل توفير مياهها لتل أبيب ويافا وغيرهما من المدن الساحلية في إسرائيل. وليس الزهد الذي أبداه المسؤولون الإسرائيليون في مياه الليطاني بعد اجتياح سنة ١٩٨٢ بحجة أنَّه "مجرد مجرى شحيح عند النقطة الأقرب إلى حدود إسرائيل... فلا يستحق الذكر أو المشقة الآن"،(4)   سوى تغطية واهية للنيات الحقيقية لا يضاهيها في إثارة الريبة إلَّا امتناع إسرائيل من إثارة اهتمامها بمقاسمة لبنان مياه الليطاني في المفاوضات اللبنانية – الأميركية – الإسرائيلية، التي انبثق منها اتفاق ١٧ أيار / مايو ١٩٨٣. فهذا الزهد يتناقض مع تعليلات الحركة الصهيونية لأطماعها في مياهه، ومع الإجراءات والممارسات الإسرائيلية في الجنوب التي لا تتصل بالضرورات الأمنية التي يدعيها الاحتلال.

لقد طالبت الحركة الصهيونية منذ سنة ١٩١٩ بتحديد حدود فلسطين من الشمال من عند نقطة على البحر الأبيض المتوسط بالقرب من صيدا تتبع مصادر المياه لتشمل نهر الليطاني كله حتى منعطفه، وتتجه شمالًا حتى جسر القرعون وتشمل راشيا وحاصبيا وقمم جبل الشيخ، لأن مستقبل الدولة الصهيونية العتيدة سيعتمد على مدى وفرة الموارد المائية المتدفقة من منحدرات جبل الشيخ ومن نهري الليطاني والأردن.(5)  لكن تنازع المصالح الاستعمارية بين فرنسا وبريطانيا أدى إلى رسم حدود فلسطين النهائية بصورة أبقت منابع نهري الحاصباني وبانياس خارج حدود فلسطين، وأبقت نهر الليطاني من منبعه حتى مصبه ضمن حدود لبنان. وفي الواقع، كانت المنطقة الوحيدة التي أُجبرت القوات الصهيونية على الجلاء عنها بعد حرب ١٩٤٨ هي منطقة تضم أربع عشرة قرية لبنانية كانت احتلَّتها في عملية "حيرام" بهدف الوصول إلى الليطاني، لأن لبنان أصر على أنْ يكون خط الهدنة مع إسرائيل مطابقًا على امتداده لخط الحدود الدولية.(6) 

لكن على الرغم من هذه الإخفاقات فقد ظلت مياه الليطاني، في نظر إسرائيل، عنصرًا دائم الوجود في خطط الخبراء بالشؤون المائية قبل قيام الدولة وبعده – من لاودرميلك سنة ١٩٣٨ الذي وضع خطة الاستيلاء على مياه الحاصباني والليطاني وبانياس، إلى كوتون سنة ١٩٥٤ الذي وضع خططًا مفصَّلة تعطي إسرائيل حصة الأسد من مياه الليطاني، إلى "مؤتمر أرماند هامر للتعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط" الذي عُقد في تل أبيب مطلع حزيران / يونيو ١٩٨٦، وطُرح فيه مشروع تعاون ثلاثي بين لبنان والأردن وإسرائيل يتضمن شراء إسرائيل مياه الليطاني التي تصب في البحر وتحويلها من لبنان إلى بحيرة طبريا والأردن والضفة الغربية، على أنْ تستغل إسرائيل فوارق الارتفاع في التصريف لإنشاء مساقط مياه في أراضيها لتوليد الطاقة الكهربائية.(7)

وقد  اعتبرت إسرائيل مشروع الليطاني اللبناني ضربة اقتصادية لها، ونظرت بخطورة إلى مشروع لبنان لتحويل مياه ينابيع الحاصبات وشبعا في منطقة الحاصباني الأعلى إلى حوض الليطاني لتخزينها في سد ميفدون في قضاء النبطية بموجب توصيات أول مؤتمر قمة عربية عقد سنة ١٩٦٤، في سياق الصراع بشأن الموارد المائية، وقضت بالرد على المشروع الإسرائيلي بتحويل مياه نهر الأردن، واسترداد مياه روافده إلى الأراضي العربية. وتعرض لبنان لسلسلة اعتداءات إسرائيلية، حرصت إسرائيل على تبريرها بحجة أنَّ لبنان مسؤول عن "أعمال إرهابية" تنطلق من أراضيه.(8) لكن غارات سلاح الجو الإسرائيلي سنة ١٩٦٥ استهدفت، بين ما استهدفته، العمال اللبنانيين الذين كانوا يعملون في ورشة بناء سد الحاصباني.(9)  وما فشلت إسرائيل في كسبه بالمفاوضات (مشروع المبعوث الأميركي إريك جونستون في الخمسينات) استولت عليه بالقوة. فقد أكملت مشروع تحويل مياه نهر الأردن إلى النقب في الجنوب بواسطة القناة القطرية، التي تعتبر العمود الفقري لشبكة مياه إسرائيل، وعرقلت تنفيذ المشروع العربي المضاد بالقوة العسكرية لتصبح مياه الأردن وروافده ومياه الضفة الغربية فيما بعد تحت سيطرتها بعد حرب ١٩٦٧.

لكن هذا التوسع الإقليمي الذي غنمت إسرائيل منه موارد مائية جديدة لم يحل مشكلتها نهائيًا؛ فقد ظلت تعيش على شفير أزمة مائية. وعندما بلغ استهلاك إسرائيل السنوي من المياه ١٧٥٠ مليون متر مكعب سنة ١٩٨٦، كان خبراء المياه يتوقعون أنْ يزداد استهلاكها السنوي إلى ٢٥٠٠ مليون متر مكعب سنة ٢٠٠٠، وأنْ تتفاقم ظاهرة النقص في شبكة مياه نهر الأردن، في الأردن والضفة الغربية وإسرائيل خلال التسعينات، إلى حد نشوء خطر مواجهة عسكرية في شأن الموارد المائية، قد تتعدى الأردن وإسرائيل لتشمل الدول العربية المجاورة لحوض الأنهر الأساسية في المنطقة.(10)

 استهلاك بالاستدانة

إنَّ النظام المائي في إسرائيل الذي كان يعمل في النصف الأول من الثمانينات على نسبة ٩٥٪ من طاقة الموارد المائية، بسبب نسبة الاستهلاك المتزايدة باستمرار، والذي لا يترك سوى هامش ٨٠ مليون متر مكعب من المياه في منطقة معرضة لتقلبات موسمية،(11)  أصبح يعمل على أساس الاستدانة في النصف الثاني من الثمانينات.

ففي إسرائيل ٤,٣ ملايين نسمة يستهلكون ٢١٤٥ مليون متر مكعب من المياه في السنة، يذهب منها ١٤٤٥ مليون متر مكعب (أكثر من الثلثين) إلى القطاع الزراعي، و٤٣٥ مليون متر مكعب للاستهلاك المنزلي والمدني، و١٠٠ مليون متر مكعب إلى الصناعة، و١٠٥ ملايين متر مكعب إلى الضفة الغربية، و ٦٠ مليون متر مكعب نقص (أي الكمية التي لا تعيدها الطبيعة دوريًا). وكانت إسرائيل تسحب ٩٥٠ مليون متر مكعب من جوف الأرض، و ٦٠٠ مليون متر مكعب من بحيرة طبريا، و٩٠ مليون متر مكعب من مياه الفيضانات، و٦٠ مليون متر مكعب من مصادر أخرى، و٢٠٠ مليون متر مكعب من مصادر مستقلة مثل خزانات لاستيعاب مياه الفيضانات، ومياه الينابيع والجداول، وتحلية المياه المالحة؛ وهذا يعني أنَّ مرفق المياه يعاني نقصًا بنحو ٢٥٠ مليون متر مكعب من المياه في السنة.(12)  ويعني الإنفاق أكثر من الدخل الاستدانة. وتعني الاستدانة هنا السحب الزائد الذي يؤدي إلى جفاف الينابيع أو إصابتها بالملوحة. فالسحب الزائد يؤدي إلى انخفاض منسوب الطبقات الجوفية المائية فتتسلل إليها مياه البحر المالحة. ومن الصعب إعادة هذه الطبقات الجوفية إلى طبيعتها السابقة إذا أصيبت بالملوحة. وقد أدى السحب الإسرائيلي الزائد في المنخفض الساحلي، خلال سنوات الجفاف (وكانت سنة ١٩٨٣ استثناء)، إلى إصابتها بالملوحة، بالإضافة إلى تلوث المياه الجوفية في هذا الجزء من البلد نتيجة استخدام الأسمدة وتسرب مياه المجارير ونفايات المدن.(13)

وبينما تعترف شركة مكوروت للمياه بأنَّ الهوة القائمة اليوم بين مخصصات المياه العذبة وبين قدرة إنتاج معامل الشركة المرتبطة بالقناة القطرية، تبلغ نحو ١٨٠ مليون متر مكعب من المياه،(14)  يقول خبراء المياه أنَّ العجز في ميزان المياه بلغ حد سنة استهلاك كاملة وربما أكثر من ذلك.(15)  لكن الأهم أنَّ المشكلة جوهرية لا موسمية، وأنَّ إسرائيل قد استخدمت استخدامًا تامًا، ومنذ الثمانينات، المياه السطحية ضمن حدودها القديمة، والمياه التي استولت عليها من العرب منذ الستينات، ولم تعد المياه الجوفية العذبة متوفرة،(16)  مما اضطرها إلى تقليص سحب المياه من الطبقات الجوفية بسبب تسرب الملوحة إليها، "ولم يبق لها من مصدر آخر سوى البحر"،(17)  أو استخدام قوتها العسكرية للاستيلاء على موارد مائية جديدة.

ولقد أوصى المخططون المائيون الإسرائيليون منذ الثمانينات بضرورة التركيز على محطات تحلية المياه، وإيجاد السبل الكفيلة بزيادة طاقة معامل تكرير المياه المستعملة لاستباق تفجُّر المشكلة بسبب مستويات الاستهلاك الأعلى المتوقعة بعد سنة ١٩٩٠. لكن تكلفة البدائل التقنية باهظة إلى حد يجعلها محرمة، وخصوصًا إذا ما قيست بوجود إسرائيل على ضفاف الليطاني. فمعالجة المياه المستعملة ومياه المجارير تبقى مشاريع طويلة الأمد إذا ما نجحت، وتعطي الزراعة بين ١٥٠ مليون متر مكعب و٢٠٠ مليون متر مكعب في السنة.(18)   فالصعوبات التقنية تحد من كميات المياه المعالجة التي تستطيع أنْ تنتجها معامل التكرير، وبالتالي لا يمكنها أنْ تسد النقص. أضف إلى ذلك أنَّ تكلفة المتر المكعب الواحد من المياه المعالجة تبلغ ٦ – ٨ أضعاف تكلفته من المياه الطبيعية؛ أمَّا تكلفة المتر المكعب الواحد من المياه التي أُزيلت ملوحتها فتبلغ ١٢ – ١٦ ضعفًا.(19)  فتكلفة المياه المحلاة تتراوح بين دولار واحد ودولارين ونصف الدولار للمتر المكعب الواحد. وهذا يعني أنَّ تكلفة التزوّد بـ ٧٠٠ مليون متر مكعب من هذه المياه تتراوح بين ١,٢ و١,٨ مليار دولار في السنة.(20)

إذن كي تستخدم إسرائيل مياه البحر عليها أنْ تحمّل اقتصادها عبئًا سنويًا بهذا الحجم، وهو في ضائقة واضحة المعالم: معدلات تضخم عالية جدًا؛ تخفيض منتظم للعملة؛ ازدياد منتظم للعجز في الميزان التجاري بحيث أنَّ الدخل من التصدير يغطي أقل من نصف الإِنفاق على التصدير؛ معدل نزوح يفوق الهجرة حتى نهاية سنة ١٩٨٩؛ اعتماد متزايد على المساعدات الأميركية أكبر مما تبينه المعطيات الرسمية.(21)

إغراء الليطاني

لقد جندت إسرائيل فريقًا من الخبراء يضم ٤٠ مهندسًا واقتصاديًا وخبيرًا بالشؤون المائية لدراسة المشكلة، ووضع التوصيات. وتضمن التقرير الذي رفعه هؤلاء إلى المعنيين، أواخر سنة ١٩٨٨، استنتاجهم أنَّ مرفق المياه في إسرائيل وصل إلى منعطف، ويتطلب فحصًا جديدًا للمعطيات والفرضيات الأساسية التي أُدير هذا المرفق بموجبها، كما يتطلب تخطيطًا جديدًا لتطويره، لأن المشكلة تفاقمت إلى حد يبدو فيه الجفاف أقرب إلى إسرائيل من أي وقت مضى، ولأن الاستمرار في السياسة المائية الحالية سيلحق الضرر البالغ بمصادر المياه، ويعرض مستقبل البلد للخطر، ويورث الأجيال المقبلة أرضًا قاحلة.(22)

وإزاء العبء الكبير الذي تلقيه البدائل المائية التقنية على اقتصاد إسرائيل غير المستقر، فقد بدا واضحًا منذ استشفاف الأزمة المائية أوائل الثمانينات، أنَّ البدائل المائية المهمة الوحيدة الأخرى هي خارج حدود إسرائيل، وتفترض الاعتماد على قوتها: مياه الليطاني في لبنان؛ مياه اليرموك الذي يتدفق إلى الأردن بالقرب من نقطة اتصال الحدود اللبنانية – الإسرائيلية – السورية السابقة لحرب ١٩٦٧. وبالتالي أمام إسرائيل أحد خيارين: إمَّا أنْ تقدم على تحويل مياه الليطاني إلى أراضيها، وإمَّا أنْ تزيد في حصتها من مياه اليرموك.(23)

وإشكالية خيار اليرموك هي التي تزيد في إغراء الليطاني بالنسبة إلى إسرائيل؛ فالاستغلال الكبير لمياه اليرموك في المشاريع الزراعي السورية، وخصوصًا في منطقة حوران، وفي مشاريع الري الأردنية، يحول دون أنْ تزيد إسرائيل في حصتها منه بإجراء من جانب واحد. وكانت إسرائيل قد حاولت، مطلع الثمانينات، أنْ تزيد في حصتها من مياه اليرموك إلى ١٨٠ مليون متر مكعب في السنة بوساطة الولايات المتحدة، لكن مساعي البعثة الأميركية التي ترأسها فيليب حبيب سنة ١٩٨٠، لدى عمان، باءت بالفشل. والتوترات التي نشأت بين الأردن وسوريا من جهة وبين إسرائيل من الجهة المقابلة، بسبب مشروع سد اليرموك، قد تتفاقم إذا ما حاولت إسرائيل زيادة حصتها بعملية عسكرية، مثل تدمير سد المقارن الأردني، وتتحول إلى مواجهة مسلحة مع دول حوض الأنهر الأساسية في المنطقة.(24)   وكان نائب وزير الزراعة الإسرائيلي، أبراهام كاتس – عوز، قد قال إنَّ هذا المشروع الذي يحرم إسرائيل ٧٠ مليون متر مكعب من المياه في السنة ويزيد في ملوحة مياه نهر الأردن التي تستغلها، "سيؤدي إلى نشوب حرب مائية في الشرق الأوسط إذا نفّذ."(25)  وهكذا يبدو خيار الاستيلاء على الليطاني الخيار الأفضل بالنسبة إلى إسرائيل، من خيار مواجهة عسكرية مع العرب، مع ما ينطوي عليه من تكاليف اقتصادية وعسكري وسياسية، وخصوصًا أنَّها تستطيع أنْ تزيد في مواردها المائية بنسبة ٥٠٪ إذا حولت مياه الليطاني إلى أراضيها.(26)

إنَّ الأهداف المائية الإسرائيلية كانت في صلب حملة إسرائيل على مرتفعات الجولان واحتلالها. فقد ضمن لها هذا الاحتلال حماية منشآت سحب المياه عند بحيرة طبريا، واستباق أي مجهود عربي محتمل لاستعادة مياه الأردن العلوي إلى الأراضي العربية أو تطوير اليرموك. لكنه أعطاها أيضًا نقطة انطلاق إلى نهر الليطاني الذي يمكن أنْ تحول ٤٠٠ مليون متر مكعب من مياهه إلى أراضيها، بل أنْ تحول ٨٠٠ مليون متر مكعب – أي كامل تدفقه السنوي تقريبًا – إذا سيطرت على سد القرعون أو دمرته.(27)

وإلى جانب الخطة الأساسية القديمة لتحويل مياه الليطاني إلى إسرائيل، درس المهندسون الإسرائيليون طرائق تحويل مختلفة منذ ذلك الحين. فقد تضمن مشروع السنوات العشر المائي الإسرائيلي لتحويل مياه نهر الأردن وروافده، والذي شرع في العمل فيه سنة ١٩٥٦، خطة لتحويل مياه الليطاني عبر وادي الحولة المجفف إلى شبكة مياه إسرائيل بواسطة قنوات خاصة. وقد اعترف رئيس حكومة إسرائيل في حينه، ليفي إشكول، بوجود هذه القنوات منذ سنة ١٩٦٧.(28)  وفي أوائل السبعينات، تضمن تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة الدولية (FAO) معلومات عن إقدام إسرائيل على نصب معدات تحت الأرض على مسافة من حدودها مع لبنان لسحب المياه الجوفية من منطقة الجنوب؛(29)  وتأكدت الغاية من ذلك بعد عملية الليطاني سنة ١٩٧٨، عندما منع الجيش الإسرائيلي المزارعين اللبنانيين من حفر آبار مياه جديدة وأغلق بعضها القديم؛ وإقدامها على طمر أنابيب ومعدات تحت الأرض في منحدر بالقرب من  مرجعيون، بحسب شهادة مراقب عسكري أميركي،(30)  مما أشار إلى إمكان كونها تسحب المياه سرًا من الطبقة الجوفية المائية الواسعة في سهل المرج (وهو امتداد لسهل البقاع، ويسمى أيضًا سهل الخيام)، التي تتغذى من تسرب مياه نهري الليطاني والحاصباني والينابيع الجوفية في منطقة جبل الشيخ. وقد طُمرت هذه الأنابيب والمعدات، في الواقع، في مطار عسكري قديم أقامه البريطانيون في الحرب العالمية الثانية وأعادت إسرائيل تعبيده ووسعته في خريف سنة ١٩٨٣.(31)  كما أنَّ احتلالها لما سمي المنطقة الأمنية آنذاك، وفَّر لها السيطرة على نهر الوزاني الذي يجري من لبنان جنوبًا إلى الأرض المحتلة، وتنفيذ مشروع على الأراضي اللبنانية لزيادة معدل تدفق مياه الحاصباني إلى أراضيها.

وقد ظهر اهتمام غريب بشراء العقارات في المنطقة الحدودية في الجنوب اللبناني بعد عملية الليطاني؛ والأراضي التي كانت معروضة للبيع بقيمة ١٠ – ١٥ ليرة لبنانية للمتر الواحد بيعت بقيمة تزيد على ١٥٠ ليرة لبنانية للمتر. وقد أكدت مصادر مصرفية وعقارية لبنانية هذه الظاهرة آنذاك، ودخول عشرات الملايين من الليرات إلى لبنان بين آذار / مارس ١٩٧٨ وآذار / مارس ١٩٧٩، لشراء الأراضي هناك من قبل جهات غير لبنانية. كما ذكرت مصادر استخباراتية أنَّ هذه الأراضي تقع في نتوء جغرافي يشرف على نهر الليطاني وسده، وتسيطر عليه ميليشيا سعد حداد التابعة لإسرائيل. ويذكر أنَّه، في تلك الآونة، كان النقص في مرفق المياه الإسرائيلي يتفاقم، وكان المسؤولون في منظمة الأمم المتحدة يؤكِّدون أنَّ السحب الزائد للمياه الجوفية في النقب وفي الضفة الغربية سيزيد في ملوحتها، ويجعلها غير صالحة للاستعمال في النصف الثاني من الثمانينات، إلَّا بعد معالجتها في معامل التكرير.(32) 

إنَّ تفحّص غزوات إسرائيل للبنان واحتلالها أجزاء منه منذ ما يزيد على اثني عشر عامًا، ضمن هذا السياق، يوضح الهدف المائي الذي يتجاوز التعليلات الأمنية. فالجيش الإسرائيلي بات في مواقع داخل الأراضي اللبنانية تمكنه من تحويل مياه الليطاني وجرها نهائيًا إلى إسرائيل إذا قررت العمل على مثل هذا الحل لمشكلتها المائية المتفاقمة. فإذا قيس الحزام الأمني المحتل الذي يتراوح عمقه بين ١٠ أميال و ٣٠ ميلًا عند نقاط مختلفة، من النتوء الجغرافي الإسرائيلي حول مستعمرة المطلة، فإنَّه يصل إلى شمالي السد الأساسي على نهر الليطاني، ويضم السدود وبوابات التحكم في تدفق المياه وغيرها من المنشآت اللازمة لإدارة النهر. وقد احتل الجيش الإسرائيلي في بداية اجتياح سنة ١٩٨٢، بلدة دير عين الجوزة التي تسيطر على نهر الجوزة الصغير الذي يصب في بحيرة القرعون.(33)  وفي السنة الفائتة أقدمت إسرائيل على مد أنابيب يبلغ قطرها ٦ إنشات، من "نبع العين" المتفرع من هذا النهر، بحجة تزويد قرى منطقة حاصبيا المحتلة بالمياه.(34) 

وكان أول ما فعله الإسرائيليون لدى بلوغهم سد القرعون الاستيلاء على خرائط المسح والسبر الجيولوجي والمعلومات التقنية الخاصة بالنهر والسد ومنشآته.(35)  وبحسب رئيس مصلحة الليطاني في حينه، كمال خوري، فقد أجروا بدورهم عمليات مسح وسبر، وخصوصًا فيما يتعلَّق بإمكان حفر قناة تحويل تقع عند أقرب نقطة لليطاني من حدود إسرائيل.(36) وعزز هذا القول شهادة ضباط وجنود من القوة النرويجية في يونيفيل، على قيام جرافة عسكرية إسرائيلية بشق طريق منحدرة على ممر المياه الصخري بالقرب من دير ميماس في كانون الثاني / يناير ١٩٨٣، وقيام فريق هندسي فيما بعد بغرز قضبان حديدية في نتوءات الصخور لإجراء عملية السبر.(37) وقد اعترف وزير العلوم الإسرائيلي في حينه يوفال نئمان بالأمر، وأكد مهندس معهد التخنيون دافيد كرميئيلي، وهو مصمم مشاريع مائية في إسرائيل، أنَّ أية عمليات لتحويل مياه لبنان إلى إسرائيل ستكون تحت السيطرة العسكرية، وبالتالي من الأسرار العسكرية.(38) 

إمكان تحويل الليطاني

وفي تقدير خبراء لبنانيين فإنَّ إسرائيل تستطيع، من الناحية التقنية، أنْ تجر مياه الليطاني عندما ينعطف غربًا عند نقطة الخردلي بين يحمر ودير ميماس، حيث يبلغ معدل تدفقه السنوي ٦٥٠ مليون متر مكعب، وذلك بواسطة نفق طوله ٨ كيلومترات، إما بتدفق المياه طبيعيًا إلى طبريا، وإما بجرها إلى سد بيت نطوفة في الأرض المحتلة، ومن هناك إلى القناة القطرية الإسرائيلية لإيصالها من ثم إلى النقب في الجنوب، وأنَّه يمكن إقامة المنشآت اللازمة في مدة عامين.(39)

لكن في تقدير مهندسين مائيين آخرين أنَّ تحويل إسرائيل لمياه الليطاني من أقرب نقطة لمجراه من حدودها ينطوي على صعوبات طوبوغرافية، واقتراب النهر من حدودها مضلل. فعلى الرغم من أنَّ النهر يجري على مسافة نحو كيلومترين من قلعة الشقيف القريبة من الحدود، فإنَّ إسرائيل لن تستطيع أنْ تحوِّل سوى جزء ضئيل من تدفقه السنوي. وتحويل مياه الليطاني بصورة فعَّالة يجب أنْ يتم من عند نقطة بالقرب من سد القرعون حيث يبلغ معدل التدفق السنوي ٧٠٠ مليون متر مكعب من المياه، وهذا يعني أنَّ على إسرائيل أنْ تسيطر سيطرة فعلية على كامل الجزء الجنوبي من وادي البقاع ومعظم الجنوب اللبناني جنوبي نهر الزهراني وتحتفظ بها، لأن ممر مياه الليطاني ما إنْ ينطلق من الوادي المركزي نحو الحدود الإسرائيلية حتى يصبح سحيقًا وشديد الاندفاع ينخفض قاعه بسرعة إلى أنْ ينعطف غربًا إلى ما وراء الخردلي؛ وإذا كان في الإمكان، نظريًا، جر المياه من هناك بواسطة نفق طوله كيلومتران أو أربعة كيلومترات يربط الليطاني بنهر الأردن العلوي، لضخ مياهه من هناك إلى القناة القطرية الإسرائيلية، فإنَّ هذا لا يتيح سوى نقل جزء ضئيل من مجمل تدفقه السنوي.(40)

وفي أية حال، فإنَّ الخطة الهندسية الإسرائيلية الأساسية لتحويل مياه الليطاني تتضمن سلسلة من القنوات والمجاري القصيرة والسيفونات والأنفاق التي يبلغ طولها ١٠٠ كيلومتر، تمر عبر الجنوب اللبناني من مرجعيون إلى شمال إسرائيل بالقرب من بيت نطوفة حيث تتصل بشبكة الري الإسرائيلية من دون ضخ تقريبًا أو بقليل منه. وهكذا تتطلب المعطيات الطوبوغرافية احتلالًا عسكريًا أوسع بما أنَّ السيطرة على منعطف النهر بالقرب من المطلة لا يجدي لأن ممر المياه عميق جدًا ولبنان يستعمل معظم المياه عكس مجرى النهر. وهذا يعني أنَّ إسرائيل إذا كانت تريد أنْ تستبق اللبنانيين وتستولي على كل مياه الليطاني، فسيكون عليها السيطرة على كامل سهل البقاع جنوبي طريق بيروت – دمشق الرئيسية، وعلى سد القرعون لتسهيل السحب عند مجرى النهر، وعلى منحدرات جبل لبنان من شتورا حتى جزين والنبطية لحماية شبكة التحويل من الهجمات المضادة، لأن الرصد على تلال الشوف يستطيع أنْ يسيطر بمدفعيته على السهل وعلى أعمال التحويل.(41)

إنَّ المنطقة التي تحتلها إسرائيل من الجنوب اللبناني تلبي مواصفات المنطقة الأمنية العازلة بالنسبة إلى إسرائيل، التي تستطيع أنْ تصد وتحبط العمليات الفدائية خارج حدودها على الأراضي اللبنانية، بدروع وأدوات لبنانية تتمثل في جيش لبنان الجنوبي الذي يقوده اللواء أنطوان لحد. وقد أصبح هذا الحزام آخر حلقة في خط الدفاع الذي أحاطت إسرائيل به نفسها: نهر الليطاني وأوديته السحيقة في الشمال؛ الجولان ووادي الأردن في الشرق؛ صحراء سيناء في الجنوب؛ البحر الأبيض المتوسط في الغرب. لكن تساوق الهدف المائي مع الهدف الأمني كان واضحًا منذ حرب ١٩٦٧. فاحتلال مرتفعات الجولان آنذاك وفَّر لإسرائيل السيطرة على نقطة انطلاق إلى الليطاني، كما وفَّر لها الحزام الأمني الموسع منذ حرب ١٩٨٢ السيطرة على الامتداد السفلي لنهر الليطاني الذي يجري من الشرق إلى الغرب في الجنوب اللبناني على مسافة ٢٠ ميلًا من معظم الحدود الإسرائيلية. وعندما بلَّغ رئيس حكومة إسرائيل في حينه، شمعون بيرس، الكنيست الإسرائيلي استكمال إسرائيل انسحابها الجزئي من الجنوب اللبناني في حزيران / يونيو ١٩٨٥، وزعم أنَّ هذه الخطوة "تضع حدًا للأخبار الملفقة التي تشاع عن أطماع إسرائيل في أجزاء من لبنان أو في مياه أنهاره"(42)  كانت إسرائيل قد أتمت وصل شبكة مياه القرى الحدودية التي تتغذى من مياه الليطاني، بشبكة مياه الجليل في إسرائيل،(43)   وكانت ورش شركة مكوروت تعمل في الجنوب اللبناني.(44)

سياسة الأرض المحروقة والقضم

إنَّ إمعان الجيش الإسرائيلي في التدمير المنهجي للاقتصاد المحلي وللبنية التحتية في الجنوب اللبناني، منذ أواسط السبعينات مرورًا بعملية الليطاني واجتياح سنة ١٩٨٢، لا يعود يبدو اعتباطيًا إذا وُضع في سياق هدف إسرائيل المائي من احتلالها في لبنان. فاستراتيجيتها تتضمن عنصرين رئيسيين: (١) تفريغ المناطق التي تحتلها في الجنوب من أكبر عدد ممكن من السكان؛ (٢) الاحتفاظ بالجزء الجنوبي  الشرقي المفرغ من سكانه إلى أقصى مدة ممكنة لضمان تنفيذ أعمال البناء الواسعة النطاق التي تتطلبها الخطط الهندسية لتحويل مياه الليطاني إلى أراضي إسرائيل.(45)  وهذان الشرطان يفسران سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها الجيش الإسرائيلي، وأشكال القمع والتضييق التي يمارسها ضد السكان المحليين، وانعدام التساوق الذي كان ظاهرًا بين الاعتداءات الإسرائيلية والعمليات الفدائية الفلسطينية. فقد كان القصف المدمّر عشوائيًا إلَّا عندما كان الأمر يتعلق بعملية محددة الهدف ضد موقف للفدائيين. وكانت الإصابات مدنية في أكثريتها الساحقة. ولم يكن الهدف الأمني المعلن، القاضي بتصفية وجود المقاومة الفلسطينية في الجنوب اللبناني، متناقضًا مع هذه الاستراتيجية المائية بل كان مطلبًا أساسيًا لها. وقد نجحت إسرائيل في تهجير نحو ١٥٠ ألفًا من سكان الجنوب اللبناني رحلوا عن قراهم هربًا من النار والدمار والحرمان والعقوبات الجماعية التي يفرضها الاحتلال على قرى بأكملها، بالإضافة إلى إبعاد مئات آخرين.

وعندما قدمت الحكومة اللبنانية احتجاجًا رسميًا إلى مجلس الأمن الدولي في آب / أغسطس ١٩٨٤، على حفريات تجريها إسرائيل بين حدودها ونهر الليطاني على خط يشير إلى نية حفر قناة لتحويل المياه من لبنان، كانت الورش الإسرائيلية تنشط في القطاع الشرقي في مشاريع حرصت إسرائيل على إعطائها طابعًا أمنيًا خدماتيًا.(46)  فقد تعززت الشكوك في أهداف إسرائيل المائية عندما قام الجيش الإسرائيلي في ١٦ آب / أغسطس ١٩٨٤، بتسييج منطقة يبلغ طولها كيلومترًا واحدًا حول مصادر نهر الوزاني، ومنع مراقبي الأمم المتحدة من الاقتراب من هذه المنطقة؛(47) وذلك لأن الإسرائيليين الذين يستغلون مياه الوزاني والحاصباني استغلالًا كاملًا كرافد لنهر الأردن يمر عبر بحيرة طبريا، قد سبق أنْ اعترفوا بأنَّهم يجربون خططًا لتحويل مياه النهرين عبر أنابيب تحت الأرض، إلى قناة استراتيجية تتجنب بحيرة طبريا التي أصبحت نسبة ملوحتها عالية.(48)

ويبدو أنَّ الأمر تجاوز مرحلة تجربة الخطط إلى مرحلة التنفيذ. فقد أقدمت إسرائيل، السنة الفائتة، على تسييج عدة هكتارات أخرى حول الوزاني، ومدت قنوات من النبع في اتجاه الشمال بحجة ري قرى منطقة العرقوب داخل الحزام الأمني المحتل.(49)

وقد ترافقت سياسة تدمير البنية الاقتصادية والبنية التحتية المحلية وسياسة تهجير السكان مع عمليات قضم للأراضي اللبنانية، بدأت منذ الاعتداءات الإسرائيلية على منطقة العرقوب وشبعا خلال حرب ١٩٦٧، عندما استولت إسرائيل على عدد من المزارع، ثم ضمته بواسطة شريط شائك سنة ١٩٧٢، وظلت مستمرة حتى يومنا هذا.

ففي نيسان / إبريل ١٩٨٩، استكملت إسرائيل اغتصاب مزارع شبعا الأربع عشرة المنتشرة على السفوح والهضاب الجنوبية الغربية لجبل الشيخ، وتمتد من بلدة المجيدية إلى بلدة شبعا، على مساحة ٤٠ كيلومترًا مربعًا تقريبًا. وكانت آخر عملياتها تلك الاستيلاء على مزرعتي بسطرة وفشكول وطرد ثلاثين عائلة من شبعا بعد أنْ فشلت سياسة الترغيب والترهيب في حمل المزارعين على التخلي طوعًا عن أراضيهم، وتسليم جيش الاحتلال سندات ملكية أراضيهم في مقابل تعويضات موعودة. وأصبحت بلدة شبعا محرومة من نحو ٢٠ ألف دونم من الأراضي الزراعية الخصبة المزروعة بآلاف أشجار الزيتون والكرمة، ومن مساحات واسعة من المراعي الخصر التي تفيد في إشتاء نحو عشرة آلاف رأس من الماشية.(50) 

وقد طاول الضم الإسرائيلي آلاف الدونمات من الأراضي اللبنانية في مناطق أخرى: المنطقة الممتدة من سفوح جبل الشيخ في اتجاه الأراضي اللبنانية؛ المنطقة المحاذية لدير ميماس على امتداد الحزام الأمني؛ الأراضي الممتدة من كفركلا إلى مركبا؛ الأرض القائمة على امتداد حدود قرية ميس الجبل؛ الأراضي بين بليدا وعيترون، المعروفة باسم "منطقة الكيلو ٩"؛ حرج مارون الراس؛ مساحات من أراضي قرية رميش؛ مساحات من أراضي قريتي عيتا الشعب وعلما الشعب؛ مساحة من الأراضي الواقعة غربي مستعمرة روش هانيكرا؛ أراض في منطقة مرجعيون تبلغ مساحتها ٢٠ كيلومترًا مربعًا، بين حولا وميس الجبل؛ وضع اليد على غابة من شجر الصنوبر في المنطقة ما بين الهبارية وراشيا الفخار.(51)

 مصير الحزام المائي

إنَّ كون إسرائيل تستغل مياه الحاصباني والوزاني، وتسحب المياه من جوف أرض الجنوب اللبناني إلى أراضيها، لم يعد مسألة للطعن فيها.(52)  واحتلالها لمنطقة الحزام الأمني الغنية بالمياه، والذي يوفِّر لها السيطرة على نحو ٣٠ ميلًا من مجرى نهر الليطاني، يتيح لها ضخ مياهه ونقلها إلى أراضيها. وكونها أصبحت تستغل هذا الإمكان لم يعد، أيضًا، مسألة قابلة للطعن فيها.(53)  والمسألة المطروحة اليوم هي: ماذا بعد كل هذا؟ فإسرائيل التي أصبحت مهددة فيما تسميه أمنها المائي، وهي تبحث عن مورد مائي جديد خارج حدودها، لن تكتفي بضخ المياه من مجرى الليطاني ضمن الحزام المحتل، ونقلها بالصهاريج إلى أراضيها. فهذه العملية يمكن أنْ تُعتمد كتدبير موقت يسد حاجات طارئة لا كحل لمشكلة أساسية لأنَّها عملية مكلفة ولا تؤمن سوى كميات محدودة جدًا. والتدابير الموقتة لمواجهة مشكلة ما، هي عادة إجراءات تسبق خطط حلها. وهذا ما يجعل خطر إقدام إسرائيل على تحويل الليطاني خطرًا حقيقيًا وداهمًا اليوم.

فقد أصبحت حاجة إسرائيل إلى الاستيلاء على الليطاني حاجة مضاعفة اليوم بدخول مرفق مياهها حدود الخط الأحمر. فبالإضافة إلى العجز في مرفق مياهها الذي كان متوقعًا، في أية حال، في مطلع التسعينات فإنَّ إسرائيل هي اليوم في طور استيعاب طلائع هجرة جماعية جديدة تتوقع أنْ يصل حجمها إلى مليون مهاجر يهودي في النصف الأول من هذا العقد. وسيفاقم استيعاب هذا الحجم السكاني الإضافي، والحاجة إلى مواصلة المشاريع الاستيطانية والتطوير الزراعي، مشكلتها المائية. ويكفي أنْ نعرف أنَّ إسرائيل بوسائلها الزراعية المعتمدة تحتاج إلى ١٠٠,٠٠٠ متر مكعب من المياه في السنة لري نحو ٤ آلاف متر مربع من الأراضي المزروعة، كي نقدر حقيقة سعيها اليوم لتأمين مورد مائي إضافي خارج حدودها الحالية. فالبدائل التقنية، إلى جانب محدودية إنتاجها من المياه، تكلف بضعة مليارات من الدولارات في السنة، الأمر الذي يشكل عبئًا لا يحتمل على الاقتصاد الإسرائيلي المنهك. وبديل اليرموك ينطوي على مضامين عسكرية واقتصادية وسياسية، تفترض أنْ تكون إسرائيل مستعدة لخوض حرب واسعة النطاق مع عدد من الدول العربية، وتحمّل مضاعفاتها. بينما يكسبها الاستيلاء على الليطاني عدة مئات الملايين من الأمتار المكعّبة من المياه في السنة. وهذه غنيمة استراتيجية بالنسبة إلى إسرائيل تترتب عليها مضاعفات خطرة بالنسبة إلى لبنان.

يترتب على استيلاء إسرائيل على مياه الليطاني نتائج اقتصادية مدمرة: فسد الليطاني ينتج ثلث الطاقة الكهربائية التي تزود بها مدينة بيروت وعدد من المدن الساحلية الأخرى؛ ومياه الليطاني تروي المدن الساحلية ومناطق في سهل البقاع وفي الجنوب اللبناني؛ والاحتلال الإسرائيلي في لبنان عامل أساسي من العوامل التي حالت ولا تزال تحول دون إكمال المرحلة الثالثة من مشروع الليطاني التي، إذا نُفذت، ضمنت ري المنطقة الجافة جنوبي الليطاني بواسطة مشروع سد في منطقة جسر الخردلي، وخزان لحفط المياه جنوبي مدينة مرجعيون، معقل جيش لبنان الجنوبي التابع لإسرائيل. ويؤكد الخبراء اللبنانيون أنَّ أي مشروع إسرائيلي لتحويل مياه الليطاني إلى الأراضي الإسرائيلية قد يكلف الليطاني على الأقل ٣,٥ مليارات قدم مكعبة من المياه في السنة، ومن شأن خسارة بهذا الحجم أنْ تعطل القدرة اللبنانية على الري الفعال للمنطقة الجافة جنوبي الليطاني، وتحول معظم المنطقة إلى صحراء في نهاية الأمر. ومن شأن مشروع إسرائيلي من هذا النوع أنْ يقطع المياه الصحالة للشرب، كليًا أو جزئيًا، عن ٨٠ أو ١٠٠ قرية، وأنْ يقطع مياه الري عن نحو ٥٠ ألف دونم من الأراضي الزراعية، ويفقد مشروع الليطاني قيمته؛ وهو المشروع الذي يعوّل على تنفيذه بمراحله كلها، لإحداث تغيير جذري في أسس الزراعة القديمة في الجنوب اللبناني، فيطورها من زراعة المحاصيل الموسمية القليلة المداخيل، والتي تشجع على هجرة أبنائه، إلى زراعة مخططة تعطي المردود الوافي اقتصاديًا الذي يكفل بقاء السكان على أراضيهم والارتباط بها.

أمَّا النتائج على الصعيد السياسي فلن تكون أقل فداحة. فاستيلاء إسرائيل على الليطاني سيكون غنيمة استراتيجية لا تقل  أهمية عن غنيمتها من مياه الضفة الغربية التي احتلتها قبل نحو ربع قرن. وإذا كان من عبرة في احتلال إسرائيل للضفة الغربية فهي أنَّ استيلاءها على الموارد المائية فيها، الذي يوفر لها ما بين ٣٥٪ و٤٠٪ من حاجاتها من المياه في السنة، هو عامل أساسي من عوامل تمسكها بها قلما يُذكر في العلن. لكن لا يكاد يخلو أي مشروع من مشاريع الحلول الخاصة بمستقبل المناطق المحتلة وسكانها التي تصوغها مؤسسات معنية في الولايات المتحدة وإسرائيل، من وقفة أمام مسألة الموارد المائية فيها ومصيرها، وهل تكون خاضعة لسيطرة إسرائيلية – فلسطينية مشتركة أو لسيطرة إسرائيل وحدها. فقد أصبحت مياه الضفة الغربية بالنسبة إلى إسرائيل جزءًا لا يتجزأ منها نتيجة ارتباط نظامها المائي بها، وهي لن تتخلى عن الضفة الغربية طوعًا، من دون ضمانات أكيدة تؤمن لها القدرة على مواصلة الحصول على ما تحتاج إليه من مياهها، أو الحصول على مورد بديل آخر في المنطقة يعوضها من موارد الضفة المائية ويزيد – ونهر الليطاني اللبناني من منبعه إلى مصبه، هو المرشح الأول على ما يبدو.

وكما أنَّ غنيمة مياه الأراضي العربية المحتلة منذ سنة ١٩٦٧ عقبة أساسية أمام أية تسوية سياسية تقضي بانسحاب إسرائيلي منها – وهي بهذا المعنى تشكل حافزًا على الحرب أيضًا – فإنَّ غنيمة مياه لبنان تشكل عقبة أساسية في وجه أي مسعى سياسي لتحقيق انسحاب إسرائيلي من الجنوب اللبناني لأن إسرائيل ستصر على تضمين أي اتفاق بهذا المعنى شروطًا بمقاسمة لبنان مياه الليطاني. كما أنَّ هذه الغنيمة عامل أساسي من عوامل استمرار التدخل الإسرائيلي في الصراعات الداخلية اللبنانية لمصلحة التيار التقسيمي. وأكثر من ذلك، فإنَّ نية إسرائيل السيطرة الكاملة على نهر الليطاني، التي تضمن لها زيادة مواردها المائية بنحو ٥٠٪ وحل مشكلة العجز في مرفق مياهها، تشكل حافزًا على الحرب أيضًا. فتحويل مياه الليطاني إلى إسرائيل يفترض، في رأي الخبراء، سيطرة إسرائيل على سد القرعون أو تدميره؛ وهذا الأمر يتطلب عملية عسكرية واسعة النطاق ضد لبنان شبيهة باجتياح سنة ١٩٨٢. ولا يمكن أنْ يفهم من امتناع إسرائيل من إثارة رغبتها في مقاسمة لبنان مياه الليطاني في المفاوضات اللبنانية – الأميركية – الإسرائيلية سنة ١٩٨٣، سوى أنَّها تضمر الاستيلاء على الليطاني، وأنَّها تراهن على استمرار الأوضاع المؤاتية لاستمرار احتلالها. فهذه الأوضاع كفيلة بأنْ ينتهي لبنان إلى التقسيم، فتسهل أمام إسرائيل عملية فرض الاتفاقات المائية وغير المائية مع محميتها في الجنوب، وربما مع غيرها أيضًا.

30/6/1990

 

(1)   "دافار"، 6/4/1990.

(2)  Thomas Stauffer, “Arab Waters in Israeli Calculations: The Benefits of War and the Costs of Peace,” in Abdel Majid Farid and Hussein Sirriyeh (eds.), Israel and Arab Water (London:   

 Ithaca Press, 1985), pp. 76-77.                                                                                                  

(3)  بحسب ضباط نرويجيين في:

John Cooley, The Herald Tribune International, June 10, 1993.                                           

(4)   Joe Stork, “Water and Israels’ Occupation Strategy, MERIP Reports, July-August, 1983, p. 24.              

(5) نكديمون روغيل، "الأهداف الإقليمية للحركة الصهيونية"، "كيفونيم"، العدد 33، تشرين الثاني / نوفمبر 1986، ص 62.

(6)   المصدر نفسه، ص 65.

(7)  "دافار"، 1/6/1986.

(8)  مؤسسة الدراسات الفلسطينية وقيادة الجيش اللبناني، "القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني" (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية ووزارة الدفاع الوطني، 1973)، ص 531.

(9)   البرلمان اللبناني ريمون إده في:

Lelei Lelaulu, “The Land and Water War,” The Middle East, May 1979, p. 44.              

(10)  إلياهو سلبيتر، "والآن: أزمة مياه أيضًا"، "هآرتس"، 2/7/1986.

(11)   Stork, op.cit., pp. 19-20.

(12)   تيدي برويس، "أرض المياه القليلة"، "ملحق دافار الأسبوعي"، 23 و 30/1/1987.

(13)   عوديد شورير، "لنستخرج المياه من الحجر"، "عسيكيم"، 17/6/1986، ص 7.

(14)   "دافار"، 6/4/1990.

(15)   عوفر اريان، "أسعار المياه اللامعقولة"، "دافار"، 1/4/1990.

(16)  Stauffer, op.cit., p. 78.

(17)   وزير الزراعة إريك نحامكين، في: برويس، مصدر سبق ذكره.

(18)   Stauffer, op.cit., p. 78.

(19)    Raghda Jaber, “The Politics of Water in South Lebanon,” Race and Class, Vol. 31, Oct.-Dec, 1989, p. 65.                                                                                                              

(20)  Stauffer, op.cit., p. 77.

(21)  Ibid., p. 81.

(22)  ألوف بن، "تعاني مرفق المياه"، "هآرتس"، 15/5/1990.

(23)  John Cooley, “The War over Water,” Foreign Affairs, No. 54, Spring 1984, p. 25; Stauffer, op.cit., p. 78.

(24)   سلبيتر، مصدر سبق ذكره.

(25)       Joyce Starr and Keneth Libre, “The Israeli Water Crisis,” New Outlook, August 1988, pp. 7-10.

(26)  Leslie Schmida, “Israeli Water Projects and their Repercussions on the Arab-Israeli Conflict,” in Farid and Sirriyeh, op.cit., p. 29.                                                            

(27)  Ibid., p. 28.

(28)   Lelaulu, op.cit., p. 46.

(29)   Jaber, op.cit., p. 66.

(30)   Cooley, “The War over Water,” op.cit., p. 23.

(31)   Ibid., p. 23.

(32)   Lelaulu, op.cit., pp. 43-44, 46.

(33)   Thomas Stauffer, “The Lure of the Litani,” The Middle East International, July 30, 1982, pp. 13-14.

(34)   مذكرة بعثة لبنان لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، "السفير"، 16/3/1990.

(35)    Stork, op.cit., p. 24.

(36)   John Cooley, The Herald Tribune International, June 10, 1983.

(37)  . Cooley, “The War over Water,” op.cit., p. 23

(38)   Stork, op.cit., p. 24.

(39)  Salah Halawani, “Lebanese Development Projects and Israels’ Pursuit of the Litani and Hasbani Waters,” in Farid and Sirriyyeh, op.cit., pp. 52, 55.                                           

(40)  Stork, op.cit., p. 24; Stauffer in Farid and Sirriyeh, op.cit., p. 78.

(41)  Stauffer in Farid and Sirryeh, op.cit., p. 80.

(42)  "هآرتس"، 11/6/1985.

(43)  من مذكرة بعثة لبنان لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، مصدر سبق ذكره.

(44)   ذكرت صحيفة "هآرتس"، 30/3/1985، أنَّ اتفاقًا تم بين شركة مكوروت والجيش الإسرائيلي يقضي بأنْ يستأنف عمال الشركة أعمالهم المختلفة داخل الأراضي اللبنانية، على أنْ يتساووا لحظة دخولهم الأراضي اللبنانية مع الجنود الإسرائيليين على صعيد شروط العمل وتعويضات الإصابة بأي أذى. وأضافت الصحيفة أنَّ وزارة الدفاع وقيادة الجيش وقعتا اتفاقات مماثلة مع المدنيين الإسرائيليين الآخرين العاملين في لبنان.

(45)   Stauffer in Farid and Sirriyeh, op.cit., pp. 78, 80.

(46) ذكرت "دافار"، 27/6/1984، أنَّ مقالع الحجارة في كفر غلعادي في الجليل تعاقدت مع وزارة الدفاع على تنفيذ أعمال شق طرق ومسالك في الجنوب اللبناني، وأنَّ هذه المقالع تقوم حاليًا بأعمال من هذا النوع في أنحاء القطاع الشرقي وستنتهي قريبًا من تعبيد طريق طوله ٦ كيلومترات بين المطلة ومرجعيون من المفروض أنْ يخفف ازدحام حركة السير على هذا المحور (!)

(47) "دافار"، 17/8/1984. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إنَّ السياج أقيم من أجل العمل على إصلاح الطريق، وسيزال فور الانتهاء من أعمال الإصلاح (!)

(48)  Jaber, op.cit., p. 64.

(49)  من مذكرة بعثة لبنان لدى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، مصدر سبق ذكره.

(50)  "السفير"، 26/3/1990؛ المصدر نفسه، 3/5/1989.

(51)  "السفير"، 20/6/1989؛ المصدر نفسه، 14/3/1990.

(52) كشف الخبير بشؤون المياه في الشرق الأوسط البروفسور الأميركي توماس ناف، أمام اللجنة الفرعية لشؤون أوروبا والشرق الأوسط التابعة للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي، أنَّ إسرائيل تضخ حاليًا مياه الليطاني وتنقلها بالصهاريج إلى أراضيها ("الحياة"، 27/6/1990).

(53) وصل خبراء إسرائيليون برفقة ضابط من الجيش الإسرائيلي إلى نبع الجوز بالقرب من بلدة شبعا، وإلى نبع الحاصباني في القطاع الشرقي أيضًا، لأخذ عينات من مياه هذين النبعين لتحليلها، في أعقاب اكتشاف تلوث خطر في مياه الشفة في إسرائيل دعت في إثره وزارة الصحة الإسرائيلية السكان إلى غلي المياه حتى يتم اكتشاف مصدر التلوث ومعالجته ("السفير"، 28/6/1990).