الترحيل من أجل السلام
النص الكامل: 

تحاول "هآرتس" في الفترة الأخيرة الادعاء، باستمرار وإصرار، أنني أطالب بتطبيق فكرة الترحيل على عرب إسرائيل. ولقد خصصتْ لهذا الموضوع افتتاحية (في 25/7/1988) من دون التأكد من صحة ادعاءاتها. أنا لم أدلِ بهذه الفكرة في أي مكان، لا شفاهة ولا كتاب.

صحيح أنني أؤيد فكرة الترانسفير (الترحيل) (استبدال السكان الاتفاق) لعرب يهودا والسامرة وغزة إلى الدول العربية. إنني لا أملك حق ابتكار هذه الفكرة لأنني أخذتها من معلمي الحركة الصهيونية وقادتها، مثل دافيد بن – غوريون الذي قال من جملة أمور أخرى: "إن أي تشكيك من جانبنا في ضرورة ترحيل كهذا، وأي شك عندنا في إمكان تحقيقه، وأي تردد من قبلنا في صوابه، قد تجعلنا نخسر فرصة تاريخية" ("مذكرات دافيد بن – غوريون"، المجلد الرابع، ص 299). كما أن تعلمت هذا من بيرل كتسنلسون، وىرثر رؤوفين، ويوسف فايتس، وموشيه شاريت وآخرين.

لقد زعموا أن هذه الفكرة غير خلقية. وفي رأيي أن ليس هناك فكرة أكثر خلقية منها، لأنها تحول دون وقوع الحروب وتمنح شعب إسرائيل الحياة. فإذا كانت هذه الفكرة غير خلقية فإن الصهيونية كلها وتجسيدها خلال أكثر من مائة هما غير خلقيين. إن مشروع الاستيطان في أرض – إسرائيل وحرب الاستقلال حافلان بعمليات نقل للعرب من قراهم. فهل كان هذا خلقياً، ولم يعد كذلك الآن؟ [....]

[....] كيهودي وصهيوني وجندي، أؤيد السلام. إنني، كجندي شاهد حروباً، أناصر السلام لكنني لا أستطيع قبول الاعتقاد الذي مفاده أن انسحاباً سيجلب سلاماً. إن التوق إلى السلام ليس ملكاً لأحد منا، ولا حتى ملكاً للذين يصرخون في الشوارع داعين إلى السلام.

إنني أصدقهم في أن تطلعهم إلى السلام تطلع صادق. لكن الخوف هو من عماهم المتمثل في استعدادهم للتخلي عن أجزاء من أرض – إسرائيل، التي هي شرط وجودنا الأمني. إن الذين يخافون من الحرب والمستعدين بسبب ذلك للانسحاب، سيجدون أنفسهم بعد غد غارقين في حرب حتى أعتى أضعافاً، تبدأ من ضواحي القدس ومشارف غوش دان. إن الذي لا يدرك ذلك لا يفهم وضعنا، وهو لا يعرف الخريطة ولم يفهم العرب.

إن الذين يعتقدون أن السلام يتحقق بالتخلي عن مناطق، لا يفهمون ما يقوله العرب بصراحة: القضاء على دولة اليهود على مراحل. إذ إنهم سيحصلون بالاتفاقات على كل ما سينجحون في الحصول عليه، وبعد ذلك يتجدد الإرهاب وتتجدد الضغوطات (من الداخل والخارج)، وهم سيطالبون بأمور غضافية مثل "حق العودة" للاجئي 1948 إلى منازلهم، أي إلى حيفا وعكا ويافا وصف واللد والرملة، وإلى كل البلد.

ولماذا لا يطالبون بضم "المثلث الإسرائيلي" إلى الكيان العربي الذي سيقوم في يهودا والسامرة؟ وفي الجليل نشأت أيضاً أكثرية عربية. لماذا يظل مبدأ "سلام في مقابل مناطق" غير منطقي، حتى في تلك الحالة؟ إن العرب سيطالبون بذلك من موقع قوة. فهم سيحتفظون بمناطق تسيطر على أرض – إسرائيل، في حين يستمر لدينا الانشقاق وجملات التخويف تنشر الذعر. إن الذي سيبدأ بالخضوع والانسحاب اليوم سيواصل ذلك غداً.

إن دولة إسرائيل، التي ستضغط من جديد ضمن حدود الخط الأخضر، ستبدو فريسة سهلة للعرب وتغريهم بالهجوم عليها. إن إسرائيل القوية، مع عمق استراتيجي يحتفظ بالأراضي المشرفة على أرض – إسرائيل الغربية، ومن دون طابور خامس في الخلف، ستبعد إمكانات الحرب وربما حملت السلام المنشود.

("هآرتس"، 17/8/1988)

السيرة الشخصية: 

رحبعام زئيفي: محام - المدير المشار لمؤسسة الحق – القانون من أجل الإنسان في الضفة الغربية.