القوائم العربية: الفلسطنة تعمق مسارها وسط أزمات داخلية متفاقمة
Keywords: 
الكنيست الإسرائيلي
الانتخابات الإسرائيلية
الفلسطينيون في إسرائيل
الأحزاب السياسية
التصويت
Full text: 

عشية انتخابات الكنيست الثالث عشر، تنطرح جملة من الأسئلة التي تتعلق بنمط الاقتراع الممكن لفلسطينيي 1948. وتتعلق هذه الأسئلة بمدى ما سيكشف توزع الأصوات العربية عن الشوط الذي قطعته المسارات السياسية – الاجتماعية التي تعتمل في أحشاء المجتمع الفلسطيني منذ أعوام، وخصوصاً مسار الفلسطنة (أو التسيّس، بحسب بعض علماء الاجتماع الإسرائيليين)، والأزمة التي يعيشها مختلف القوى السياسية العاملة في "الوسط العربي"، وعلى رأسها الحزب الشيوعي الإسرائيلي (ماكي). كما أنها تتعلق بنوع وحجم التأثيرات التي تلقاها الفلسطينيون العرب جرّاء التطورات الدرامية، العالمية والإقليمية والمحلية، منذ انتخابات سنة 1988: انهيار الكتلة "الاشتراكية"؛ عدوان التحالف الغربي – بقيادة الولايات المتحدة – على العراق؛ استمرار الانتفاضة / الثورة وتراجع طابعها الشعبي وتصاعد بُعْدها المسلح واشتراك فلسطينيي 1948 في هذا البعد؛ انطلاقة المفاوضات العربية – الإسرائيلية، برعاية أميركية، ثم دخول هذه المفاوضات الطريق المسدود المحتوم.

في انتظار ما ستسفر الانتخابات الوشيكة عنه فعلاً من نتائج، ومن دون الغرق في خضم التكهنات بشأن هذه النتائج، يبقى لدينا مؤشران فقط على اتجاهات الاقتراع العربي، يؤسسان للأجوبة الأولية عن الأسئلة المطروحة. وأول هذين المؤشرين اتجاه تصويت العرب في الانتخابات السابقة، وخصوصاًً انتخابات الكنيست الثاني عشر. أما ثانيهما فهو المخاض الذي يعيشه الشارع العربي، حتى الآن، استعداداً للمعركة الانتخابية الفاصلة.

اتجاه الاقتراع

في الانتخابات السابقة

              كانت نتائج انتخابات الكنيست الثاني عشر سنة 1988 قد كشفت، فيما عنى الصوت العربي، عن استمرار مسار الفلسطنة، وتسارع هذا المسار بفعل الانتفاضة / الثورة. فقد حازت القوائم غير الصهيونية على معظم الأصوات العربية: نحو 58%، قياساً بـ 51% في انتخابات سنة 1984. وفي المقابل، تراجعت حصة القوائم الصهيونية من 49% إلى 42% تقريباً. وفي هذا المجال، حدثت "ثورة حقيقية" فيما يتعلق باقتراع القطاع البدوي، "المحافظ والتقليدي"، الذي أعطى القوائم الصهيونية 45,5% من أصواته، قياساً بـ 90% من الأصوات في انتخابات الكنيست الحادي عشر. ومن جهة ثانية، كانت تلك أول مرة تخوض فيها قائمة عربية خالصة انتخابات الكنيست؛ وهي قائمة الحزب الديمقراطي العربي، وتتمثل برئيسها عبد الوهاب دراوشة في الكنيست. ومن جهة ثالثة، انخفضت نسبة تصويت العرب في تلك الانتخابات إلى 70%، قياساً بـ 72% في الانتخابات التي سبقتها. ويُعتبر هذا الانخفاض ذا مغزى، إذا أخذنا في الاعتبار الأوضاع السياسية التي أحاطت بالانتخابات، وخصوصاً نداءي م. ت. ف. إلى الناخبين العرب بضرورة الإقبال على صناديق الاقتراع لمصلحة "قوى السلام في إسرائيل". واستمرت حركة "أبناء البلد" في موقفها الثابت المقاطع لانتخابات الكنيست، ومعها قسم من مؤيدي "الحركة الإسلامية".[1]

              يمكن الافتراض، وإنْ بحذر، أن اتجاهات الاقتراع العربي هذه ستتبدى في الانتخابات التشريعية، هذه المرة أيضاً. فالعامل الرئيسي الذي يقف وراء تلك الاتجاهات، متمثلاً في مسار الفلسطنة، لا يني يتواصل، بل إن بعضاً من التطورات السياسية الأخيرة قد عمل على تغذية هذا المسار، كما كانت حال الحرب الأميركية على العراق. وكذلك الأمر بالنسبة إلى انهيار المجموعة "الاشتراكية"، الذي عزّز – في جانب منه – مبدأ الاعتماد على الذات، بدلاً من الركون إلى دعم خارجي ما.

              أما الحذر، في هذا الافتراض، فيعود إلى ما يتضمنه العامل الذاتي، ممثلاً في القوى السياسية الناشطة في الشارع العربي، من مظاهر الضعف والفرقة، وتفاقم الأزمات الداخلية – الأمر الذي قد ينعكس سلباً على نتائج الجولة الانتخابية الحالية. لكن يجب الإشارة هنا إلى وجود مظاهر أخرى، إيجابية، في واقع فلسطينيي 1948 السياسي الراهن، تدل هي الأخرى على تعاظم مسار الفلسطنة من جهة، وعلى إمكان تجاوز الأزمة التنظيمية من جهة أخرى. وهذا كله مما سنتناوله في الجزء التالي من هذه المقالة.

الخريطة السياسية

عشية الانتخابات

              تنقسم القوى السياسية العاملة في"الوسط العربي"، تقليدياً، إلى معسكرين عامين: صهيوني وغير صهيوني، مع اختلاف مكونات كل من المعسكرين، بين فترة وأخرى. وفي انتخابات الكنيست لهذه المرة أيضاً، تشهد الخريطة السياسية تغيرات ذات مغزى، وخصوصاً داخل المعسكر غير الصهيوني، أي العربي أساساً.

في المعسكر العربي هذا، شهدت الحملة الانتخابية عدداً من التطورات المهمة، نخص ثلاثة منها بالذكر:

1-  السعي لتأليف قائمة عربية واحدة: وقد بدأ هذا السعي حتى قبل الإعلان الرسمي في شأن تقديم موعد انتخابات الكنيست من تشرين الثاني/نوفمبر إلى حزيران/ يونيو من هذه السنة، وكان هدفه تأليف قائمة موحدة من مختلف القوى الفعالة في الشارع العربي، وخصوصاً: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) بعمودها الفقري حزب "ماكي"؛ الحزب الديمقراطي العربي؛ القائمة التقدمية للسلام. وسرعان ما اتضحت معارضة "ماكي" للمشاركة في مثل هذه القائمة، لأنها – في رأيه – تلحق الضرر بـ"التعايش اليهودي – العربي". لكن رَفْع نسبة الأصوات اللازمة لنجاح القائمة إلى 1,5%، و"الضغوط التي تمارسها جهات مختلفة في البلد والخارج"، دفعت "الديمقراطي" و"التقدمية" إلى مواصلة مساعيها في هذا المجال، بالاشتراك مع مجموعة "المستقلين" الجديدة التي يتزعمها رئيس مجلس كفر مندا المحلي محمد زيدان (وتضم: رئيس مجلس مشهد محمد مرعي؛ د. فيصل عزيزية من دبورية؛ الياس جبور من شفاعمرو؛ رئيس مجلس الطيبة السابق عبد اللطيف حبيب).

شهد تأليف القائمة المنشودة، منذ البداية، مخاضاً عسيراً لم يقتصر على موقف "ماكي" السلبي منها. فقد برزت بين الأطراف الأخرى المرشحة لها خلافات جدية، لا تتعلق بالبرنامج الانتخابي المشترك، بل بتركيبة القائمة وبمن يقف على رأسها.[2]   ولم يسفر المخاض عن ولادة، حتى كتابة هذه السطور.

2- وجود أزمة داخلية، وخصوصاً داخل "ماكي" و"حداش": تلقي الأزمة التي يعيشها حزب "ماكي"، منذ أواسط سنة 1989، على خلفية طابعه العربي – اليهودي المزدوج،[3]  بظلالها على استعدادات الحزب لانتخابات الكنيست. وقد تبدت تلك الأزمة في حالة الضعف التي أحاقت بالحزب، وبالتالي بجبهة "حداش"، جراء الصراعات الداخلية ومغادرة مئات الأعضاء صفوفه.[4]

لكن أثر الأزمة الأوضح تجلى في الخلافات الداخلية بشأن أسماء المرشحين للقائمة الجبهوية، وترتيب أماكنهم فيها. ففي 15 آذار/مارس، رفع مجلس "ماكي" توصية إلى مجلس جبهة "حداش" بوضع هاشم محاميد على رأس قائمة الجبهة الانتخابية – وهذه أول مرة على الإطلاق يتبوأ فيها عربي هذا المركز – وبأن يتبعه في القائمة المرشحون بالترتيب التالي: تمار غوجانسكي؛ سالم جبران؛ محمد نفاع؛ بنيامين غونين.[5] لكن خطر انشقاق الجبهة خيّم على الاجتماع الذي عقده مجلسها في 28 آذار/ مارس، بعد أن رشحت "جبهة الناصرة الديمقراطية" – المنضوية ضمن إطار "حداش" – رئيس بلدية الناصرة توفيق زياد رئيساً للقائمة، بدلاً من محاميد. وجاء في تعليق صحافي على أجواء هذا الاجتماع أن زياد كان يجابه القيادة الحزبية القديمة، وأنه كان ثمة ما يشبه ثورة الشبان على القدامى، وأن عزلة الأعضاء اليهود كانت بارزة. وتقرر، في النهاية، تأجيل انتخاب أعضاء القائمة لفترة أسبوعين.[6]   وقررت الجبهة فيما بعد، في 11 نيسان/أبريل، وخلافاً لقرار الحزب الأصلي، أن يكون الخمسة الأوائل في القائمة كما يلي: توفيق زياد؛ هاشم محاميد؛ تمار غوجانسكي؛ صالح مرشد (رئيس مجلس عبلين)؛ مصطفى أبو ريّا (رئيس مجلس سخنين). وصرح زياد، تعليقاً على هذه النتيجة، أن تركيبة القائمة – كما تحددت – كانت ضرورية لمنع انشقاق الحزب، وأنه عارض ترشيح غوجانسكي للمرتبة الثانية في القائمة بسبب مواقفها السياسية.[7]

لم تقتصر الخلافات الداخلية على "ماكي"، بل طالت القائمة التقدمية أيضاً. ففي أواسط آذار/مارس، أرسلت مجموعة من أعضاء القائمة في الناصرة، يتزعمها سكرتير القائمة القس رياح أبو العسل، رسالة رسمية إلى قائمة حداش تتضمن عرضاً بخوض الانتخابات جنباً إلى جنب – وهو عرض يرفضه رئيس القائمة محمد ميعاري. كما تحدث بعض الأنباء عن صراع داخلي في شأن الزعامة بين ميعاري ود. مريم مرعي.[8]

3- بروز مجموعات سياسية عربية جديدة: يبدو أن الشارع العربي، الجيّاش بالنقاشات والأفكار، على خلفية مسار الفلسطنة والأزمة السياسية – التنظيمية، أخذ يفرز – بمناسبة الانتخابات – مجموعات سياسية جديدة، تعبر عن عمق الفلسطنة والأزمة من جهة، وعن محاولة تجاوزهما من جهة أخرى. فبالإضافة إلى مجموعة "المستقلين" السالفة الذكر، والتي تشترك في الجهود الرامية إلى تأليف قائمة عربية، ترددت الأنباء عن استعدادات تجري لإقامة حركة سياسية – فكرية عربية جديدة، تحمل اسم "الطليعة". وقد بادر إلى تأسيس هذه الحركة كل من: د. محمد سكران من قرية عبلين؛ د. راشد عويسات؛ د. الشيخ أحمد جريشة. وتقوم الحركة على المبادىء الأساسية التالية: المطالبة بمساواة العرب في الحقوق؛ تقرير المصير للشعب الفلسطيني؛ إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية في الأراضي المحتلة إلى جانب إسرائيل؛ تحسين مكانة المرأة العربية؛ حل مشكلة البطالة لدى العرب، وخصوصاً لدى الأكاديميين منهم. وأفادت الأنباء أن المبادرين إلى تأسيس الحركة يقيمون اتصالات بكل من دراوشة وميعاري، وبشخصيات في اليسار الجديد.[9]

لعل التطور الأهم، في هذا المضمار، هو ما يتعلق بإنشاء حركة "ميثاق المساواة". وقد عقدت الحركة اجتماعها التأسيسي، في حيفا، في 11 نيسان/أبريل. وافتتح الاجتماع أمير مخول، ثم تحدث د. عزمي بشارة عن خصوصية الحركة وهويتها السياسية وضرورة وجودها ضمن الخريطة السياسية في إسرائيل، وخصوصاً في الوسط العربي. ويجري نقاش بشأن الهوية السياسية للحركة، شارك فيه أكثر من 30 نشيطاً. وبرز في الاجتماع رأيان فيما يختص بالمشاركة في انتخابات الكنيست، أحدهما يؤيد المشاركة والثاني يعارضها.[10]   وكانت الحركة قد وزعت "نشرة لمرة واحدة"، تحمل اسم "البيان"، وشعارها: تحرر وطني وديمقراطية وعدالة اجتماعية. كما نشرت "ميثاق المساواة"، باعتباره اقتراحاً مقدماً إلى الاجتماع التأسيسي. ودعا الميثاق إلى جعل "إسرائيل دولة مواطنيها اليهود والعرب"، وبالتالي "إلى إلغاء كافة القوانين والنظم والمؤسسات والاتفاقيات التي تمنح امتيازات وقدراً أكبر من الحقوق لأحد مركبات الدولة"، مثل: قانون العودة، وقوانين الأرض، والاتفاقيات القائمة بين دولة إسرائيل والوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي. وطالب الميثاق بـ"إزالة الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية كأساس للمشاركة والتعاون بين الشعبين"، وبالعمل على فصل الدين عن الدولة. لكن أبرز ما ورد في ميثاق الحركة الجديدة هو المطالبة بإقامة "حكم ذاتي للأقلية الفلسطينية"؛ إذ جاء فيه: "... في هذه الدولة، تعيش أقلية فلسطينية يجب الاعتراف بها كأقلية قومية. وهذا يعني الاعتراف بحقها في الحكم الذاتي الثقافي الذي يُمنح للأقليات القومية في الدول المتحضرة. وفي هذا الإطار يجب أن تنتقل كافة المؤسسات التي تختص بالأقلية العربية على مختلف فئاتها إلى أيد عربية، ومن ضمن ذلك جهاز التعليم ووسائل الاتصال الرسمية الناطقة بالعربية...".[11]

إلى جانب هذه التطورات الثلاثة البارزة في الشارع العربي، حدث بعض التطور في موقف "الحركة الإسلامية" بعدم المشاركة في انتخابات الكنيست. فقد أعاد أحد زعماء الحركة هذا الموقف، لا إلى اعتبارات أيديولوجية تقوم على عدم الاعتراف بالسلطة الإسرائيلية، بل إلى عدم رغبة الحركة في المجازفة بالمشاركة، وهو ما قد يؤدي إلى إصدار حكم من قبل المستشار القانوني للحكومة أو غيره، بأنها حركة خارجة على القانون.[12]  ومهما يكن الأمر، فقد برزت خلافات داخل الحركة في شأن الانتخابات، بين داعٍ إلى مقاطعتها، وآخر (مثل زعيمها الشيخ عبد الله نمر درويش) يقول بالاشتراك في قائمة عربية موحدة، وثالث يدعو الإسلاميين إلى دعم المرشحين العرب.[13]  أما حركة "أبناء البلد"، فقد ظلت على موقفها التقليدي المقاطع للانتخابات.

في المقابل، لم تطرأ تطورات ملموسة على وضع الأحزاب الصهيونية في الشارع العربي، وإنْ كان ثمة ما يشير إلى بعض التراجع في هذا الوضع. فقائمة "اليسار" الموحدة، "ميرتس"، المؤلفة من مابام وراتس وشينوي، لم تضم عربياً واحداً في مكان مضمون فيها. ويعود تراجع "اليسار" في الشارع العربي، إلى موقفه من الفلسطينيين في إبان أزمة وحرب الخليج في الدرجة الأولى.[14]

أما الليكود (وكذلك المفدال)، فمن المتوقع أن يحافظ على قوته في "الوسط" العربي، المحدودة، وإن كان قد وضع هدفاً له الحصول على ضعف عدد الأصوات العربية التي حصل عليها سنة 1988. ويعود ذلك إلى اعتبارات عملية، غير أيديولوجية، من جانب ناخبيه العرب من جهة، وإلى طموحه إلى استقطاب أصوات جديدة على حساب حزب العمل من جهة أخرى.[15]

وخلافاً للانتخابات السابقة، لم يتخلل الحملة الانتخابية دعوات صهيونية إلى طرد العرب الفلسطينيين، لكن لم تعدم التصريحات المعادية لهم والمحرضة عليهم. مثال ذلك تصريح رئيس كتلة "تسومت" في الكنيست، رفائيل إيتان، الذي دعا إلى حرمان العرب من حقهم في الاقتراع للكنيست، لأنهم لا يخدمون في الجيش الإسرائيلي. وأضاف: "إن العرب في أرض إسرائيل أعداء، وليثبتوا العكس. وسيتضح لكم في الأيام القليلة المقبلة... من قتل الجنود في جبال منشه. ولو قُيّض للعرب لاختاروا فناء دولة إسرائيل في هذه اللحظة."[16]

خلاصة: أول مرة...

              لعل أول ما يلفت المراقب المتتبع لمناخ فلسطينيي 1948 السياسي، عشية الانتخابات، هو كثرة المستجدات التي تشير، على نحو أو آخر، إلى استمرار مسار الفلسطنة، بل تعمّق هذا المسار. ومن هذه المتغيرات: التوجه، وإنْ المتعثر، إلى تأليف قائمة عربية واحدة؛ قيام حركة جديدة، وإنْ كانت عربية – يهودية، تطالب بمنح الأقلية الفلسطينية الحكم الذاتي؛ تعريب قائمة حداش، بوضع عربي على رأسها، وبوجود أكثرية عربية فيها، وبإمكان وصول مرشحين عرب فيها فقط – إذا صحّ بعض التوقعات القائلة بنجاح اثنين منها.

              لكن هذه المتغيرات الإيجابية ذاتها تتضمن، في المقابل، العناصر السلبية للأزمة التي يعيشها الشارع العربي: تعثر محاولات التوصل إلى قائمة موحدة؛ استمرار البحث عن إطار سياسي، يكون عربياً – يهودياً مشتركاً؛ تفاقم الأزمة الداخلية، التي يعيشها "ماكي" منذ ثلاثة أعوام تقريباً.

              وهكذا، فإنه بين حدّي الفلسطنة والأزمة، ستجرى انتخابات الكنيست الثالث عشر؛ وبين كفتيهما، ستتوزع الأصوات العربية فيها. وستكون نتائج الانتخابات مؤشراً جديداً على الشوط الذي  قطعه كل منهما، في اتجاهين متعاكسين. وأغلب الظن أنه لن تقع مفاجآت كبيرة في هذه الجولة الانتخابية، فيما عنى نمط الاقتراع العربي. لكن، هل يكون غياب "أبناء البلد" التقليدي حاضراً هذه المرة؟

نيسان/ أبريل 1992

[1]    لمزيد من التفصيلات في شأن هذه النتائج، أنظر مقالنا "الصوت العربي في انتخابات الكنيست الثاني عشر"، "نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، السنة 15، العدد 11، تشرين الثاني/ نوفمبر 1988، ص 853-857.

[2]    للتفصيلات، أنظر: محمد خليلية، "عرب إسرائيل يستعدون للانتخابات"، "دافار"، 7/10/1991؛ محمد خليلية، "دافار"، 9/3/1992؛ يوسف الغازي، "في اللقاء المقبل نناقش البرنامج"، "هآرتس"، 5/2/1992.

[3]   للاطلاع على تطورات الأزمة في تلك الفترة، أنظر مقالنا: "ماذا يجري داخل الحزب الشيوعي الإسرائيلي"، "مجلة الدراسات الفلسطينية"، العدد 2، ربيع 1990، ص 257 – 267.

[4]   سفيان كبها، "يبحثون عن الصوت العربي"، "هآرتس"، 21/2/1992؛ خليلية، "عرب إسرائيل يستعدون للانتخابات"، مصدر سبق ذكره.

[5]   "هآرتس"، 16/3/1992.

[6]   المصدر نفسه، 29/3/1992؛ "دافار"، 29/3/1992.

[7]   "دافار"، 12/4/1992.

[8]   "هآرتس"، 18/3/1992؛ كبها، مصدر سبق ذكره.

[9]   "هآرتس"، 28/2/1992.

[10]   "الفجر" (القدس)، 12/4/1992.

[11]   أنظر: "البيان"، نيسان/ أبريل 1992، ص 1 و 10.

[12]   امير غيلات، "معاريف"، 12 – 13/3/1992.

[13]   الغازي، مصدر سبق ذكره.

[14]   "هآرتس"، 16/3/1992؛ كبها، مصدر سبق ذكره.

[15]   أنظر: كبها، مصدر سبق ذكره؛ "دافار"، 2/2/1992؛ دولي بن – أليعيزر، "لمن سيصوت الدروز والشركس؟"، "دافار"، 27/2/1992.

[16]   روتي هايمن، "هآرتس"، 2/3/1992.