تسعى هذه الورقة لإلقاء الضوء على مواقف قوى اليسار الفلسطيني ودورها في الميدان والسياسة تجاه الحرب الإسرائيلية الهمجية على قطاع غزة منذ عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها كتائب القسام في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وحتى تاريخ إعداد هذه الورقة، كما تتضمن مقدمة عن واقع اليسار الفلسطيني قبل تاريخ الحرب.
اليسار الفلسطيني: قراءة مكثفة لواقعه
تُجمع قوى اليسار الفلسطيني على المقاومة والتحرير وإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. كما أنها تتفق على منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وتطالب بإصلاحها وإعادة الاعتبار إلى دورها، وتوسعتها لتشمل حركة "حماس" والجهاد الإسلامي.
ومع هذا، فإن إجماعهم على الأهداف وعلى منظمة التحرير لم يجمعهم على شكل النضال من أجل إصلاحها واستعادتها، فالجبهة الشعبية تناضل من خارج اللجنة التنفيذية للمنظمة، بينما الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وحزب فدا يناضلون من داخلها.
لقد تراجع دور اليسار الفلسطيني وخَفَتَ، كما هو الأمر بالنسبة إلى اليسار العربي والعالمي، منذ نحو ثلاثة عقود، في إثر انهيار الاتحاد السوفياتي. وربما كانت آخر تجارب اليسار الفلسطيني المهمة في أواسط الثمانينيات مع تجربة التحالف الديمقراطي،[1] والتي لم يُكتب لها الاستمرار طويلاً، وكحالها تجربة التحالف الديمقراطي الفلسطيني سنة 2018، والتي لم تعش طويلاً أيضاً.
لقد ازدادت أزمة اليسار الفلسطيني على الصعيدَين، السياسي والشعبي، عقب اتفاق أوسلو، وتأسيس السلطة الفلسطينية، ودخول قوى اليسار في مؤسساتها ووزاراتها. وهذا الخفوت وغياب الحضور شهدناه في انتخابات سنة 2006، حين حصل اليسار مجتمِعاً على 2%[2] فقط في النتائج النهائية. وفي انتخابات الكتل الطلابية في جامعة بيرزيت 2023 - 2024،[3] حصلت الجبهة الشعبية على 6 مقاعد فقط من مجموع 51 مقعداً، بينما لم تحصل قوى اليسار الأُخرى التي دخلت الانتخابات باسم "اليسار الموحد" على أي مقعد. وفي انتخابات جامعة النجاح في نابلس 2022 - 2023 أيضاً،[4] حصلت الجبهة الشعبية على 3 مقاعد فقط من مجموع 81 مقعداً، بينما لم تحصل قوى اليسار الأُخرى على أي مقعد.
لكن، وعلى الرغم من واقع اليسار الحالي، فإن قواه تتقدم بمبادرات وطنية، ولا سيما بعد الانقسام الفلسطيني سنة 2006، وفي ظل العدوان الحالي على قطاع غزة، إلاّ إن المعضلة القائمة في اليسار الفلسطيني هي عدم القدرة على تحقيق المبادرات، وذلك لأسباب متعددة، ذكرتُ بعضها أعلاه، وأسباب أُخرى، على رأسها انقسام اليسار الفلسطيني.
الحرب على قطاع غزة 2023-2024
في ميدان المقاومة العسكرية
شاركت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في التصدي للعدوان العسكري الإسرائيلي عقب الهجوم النوعي غير المسبوق الذي بادرت إليه كتائب القسام ضد أهداف صهيونية فيما يُسمى "غلاف غزة" في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سنة 1948.
ومن فصائل اليسار وقواه في قطاع غزة، تمتلك كل من الجبهتَين، الشعبية والديمقراطية، ذراعاً عسكرية؛ كتائب الشهيد أبو علي مصطفى (الجبهة الشعبية)، وكتائب المقاومة الوطنية الفلسطينية/قوات الشهيد عمر القاسم (الجبهة الديمقراطية). وقد أظهرت البيانات العسكرية التي أصدرتها هذه الكتائب على امتداد الفترة التي تغطيها هذه الورقة حجم الدور الميداني لكل من الجبهتَين، وذلك بحسب قدراتهما العسكرية المحدودة (عدداً وعدّة).
في التحركات السياسية
سعى الموقف الغربي المؤيد لدولة الاحتلال إلى تعميم خطاب دولي وإقليمي معادٍ لحركة "حماس" بعد مقارنتها بتنظيم داعش، وهذا الأمر عقّد المسار السياسي بعد أن أقصى هذا الخطاب "حماس" من أي دور في حل سياسي نشطت أطراف متعددة في الخوض فيه تحت عنوان "اليوم التالي للحرب في غزة"، وقد تحدث بعض هذه الأطراف عن عودة مفترضة للسلطة في رام الله إلى قطاع غزة.
وقد ازداد المسار السياسي تعقيداً مع إمساك كتائب القسام، ومرجعيتها "حماس"، بصورة أساسية، بمعظم العوامل الفلسطينية ــ إن لم يكن كلها ــ في معادلة الحرب والسلام في غزة، في ظل الحاجة الإسرائيلية والغربية الملحة إلى الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في القطاع، وإنشاء قناة اتصال مع الحركة في هذا الشأن عبر وسطاء. ولقد فرضت هذه العوامل استحقاقات غير مسبوقة على مكونات الحالة الفلسطينية، ومنها فصائل وقوى اليسار الفلسطيني.
وقد وضع حال الانقسام الفلسطيني قوى اليسار أمام مهمة أساسية، تبدأ بتقديم رزمة من الخطوات السياسية والإجرائية تمثل رؤيتها لما يجري، وسبل تمكين الحالة الفلسطينية مجتمعة من مواجهة العدوان الإسرائيلي الهمجي وتداعياته السياسية متمثلة في المشاريع الإسرائيلية والغربية التي تسعى لتصفية المقاومة الفلسطينية، وتشكيل وقائع جديدة في غزة تنسجم مع الأهداف الاحتلالية الإسرائيلية. وفي سبيل تحقيق ذلك، شهدت الفترة الأولى من الحرب الإسرائيلية على غزة لقاءات بينية جمعت قوى يسارية في إطارات ثنائية ومتعددة، وترصد هذه الورقة أبرزها عبر ما توفر من وثائق وبيانات إعلامية، وجاءت على النحو الآتي:
- البيانات الفردية
-
بيان بتاريخ 19/12/2023: جددت الجبهة الشعبية "تأكيدها على ضرورة تشكيل قيادة طوارئ وطنية لإدارة معركة التصدي للعدوان الصهيوأمريكي على شعبنا، والمخططات التصفوية التي تستهدف قضيتنا وحقوقنا."[5]
-
بيان بتاريخ 25/10/2023: دعت الجبهة الديمقراطية إلى اجتماع عاجل وملزم وشامل للأمناء العامين، وقالت في بيان لها إن الدعوة تأتي "على قاعدة ضمان وحدة شعبنا وقواه السياسية وحقه في المقاومة الشاملة للظفر بأهدافه الوطنية."[6]
-
بيان بتاريخ 14/11/2023: دعا حزب الشعب إلى "ضرورة التوحد على كل المستويات وفي جميع المجالات، وسرعة تنسيق الجهود وتسخير كل الطاقات والإمكانيات الفلسطينية، لمجابهة العدوان وإفشال مخططاته وأهدافه."[7]
-
بيان بتاريخ 26/10/2023: طالب الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني، فدا، الرئيس محمود عباس بأن يتوجه "بالدعوة لعقد اجتماع عاجل للأمناء العامين تشارك فيه كل الفصائل، بما فيها حركتا ’حماس‘ والجهاد الاسلامي، من أجل وضع استراتيجية سياسية وكفاحية فلسطينية جديدة تواجه العدائية والغطرسة الإسرائيلية."[8]
أصدرت الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وحزب فدا بياناً مشتركاً في 10/12/2023، دعوا فيه إلى إنجاز وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، عبر إجراء حوار داخلي عميق في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. كما طالبوا اللجنة المنبثقة من القمة العربية والإسلامية الاستثنائية، التي عُقدت في الرياض في 11/11/2023، بالمباشرة في إجراءات تنفيذ قرار القمة بـ "كسر الحصار ووقف العدوان." وجددوا دعوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى تجميد العلاقة مع الإدارة الأميركية حتى وقف العدوان على الشعب الفلسطيني، ودعوة الدول العربية إلى اتخاذ موقف مشابه، ولا سيما بعد استخدامها الفيتو، بالإضافة إلى رفض التعاطي مع الرؤى والمقترحات الأميركية والبريطانية لما يُسمى بـ "اليوم التالي"، والتحذير من الانزلاق إلى هذا المشروع، وخصوصاً لأن الهدف منه تكريس القضية الفلسطينية كقضية أمنية، فضلاً عن التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وجبهته الوطنية العريضة.
- اللقاءات الجماعية
-
اللقاء الخماسي في بيروت: شاركت الجبهتان، الشعبية والديمقراطية، في اجتماع خماسي في 28/12/2023، بمشاركة حركتَي "حماس" والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية - القيادة العامة، وصدر عن هذا اللقاء بيان عَرَضَ تداعيات حرب الإبادة المستمرة، وقدّم المشاركون عن طريقه اقتراحات، جاء فيها: الدعوة إلى لقاء وطني جامع وملزم يضم الأطراف كافة من دون استثناء، لتنفيذ ما تم التوافق عليه في الحوارات الفلسطينية السابقة، ومواجهة استحقاقات نتائج الحرب الهمجية على الشعب الفلسطيني في القطاع. ويأتي، بالإضافة إلى ذلك، رفْض كل الحلول والسيناريوهات لما يُسمى "مستقبل قطاع غزة"، وتقديم حل وطني فلسطيني، يقوم على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تنبثق من توافُق وطني شامل، وتضم كل الأطراف. هذا فضلاً عن تطوير النظام السياسي الفلسطيني وتعزيزه على أسس ديمقراطية، عبر الانتخابات العامة (الرئاسية والمجلسَين التشريعي والوطني)، وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة وديمقراطية.
-
نداء فلسطين: شاركت شخصيات من حزب الشعب والجبهة الديمقراطية وحزب فدا في لقاء وطني عُقد في رام الله في 15/1/2024، وذلك بمشاركة شخصيات وفعاليات وطنية. وصدر عن هذا اللقاء "نداء فلسطين"، توجهت فيه هذه الشخصيات والفعاليات إلى جميع قيادات منظمة التحرير الفلسطينية والقوى والفصائل الفلسطينية كافة، وإلى الشعب وقواه الفاعلة بصورة عامة، مطالبة بتسريع توحيد الموقف الفلسطيني، وعقْد اجتماع عاجل للأمناء العامين كافة، ووقف العدوان وفك الحصار عن قطاع غزة، ووقف الاستيطان والعدوان على الضفة وتهويد القدس والمقدسات، ورفْض المشاريع الأميركية الخطِرة، وخصوصاً ما يُسمى "اليوم التالي"، والتأكيد على أولوية إنهاء الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها القدس، وفي قطاع غزة، بالإضافة إلى تأكيد ضرورة التنفيذ الفوري لقرارات المجلسَين، المركزي والوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية فيما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال. وهذا مع التشديد على هدف إنهاء الاحتلال، وضرورة عقد المؤتمر الدولي برعاية الأمم المتحدة من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، مع وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال وتقرير المصير.
-
لقاء موسكو الحواري: شاركت أحزاب اليسار الفلسطيني وقواه في لقاء حواري للفصائل في موسكو، دعا إليه معهد الاستشراق، وعُقد في 29/2/2024 لمدة يومين. وصدر عن هذا الاجتماع بيان ختامي افتقد إلى الإجراءات التي يُفترض القيام بها على الصعيد الداخلي الفلسطيني.
الخلاصة
-
إن مشاركة فصائل اليسار في المواجهة العسكرية أو في الدور السياسي لا تعكس فقط دور اليسار، بل أيضاً تدحض عملياً الخطاب الإسرائيلي الغربي، القائل إن العمل العسكري وما تلاه وما سبقه عمل عسكري إرهابي عقائدي؛ إذ إن وجود اليسار وقوى أُخرى يدحض هذا الأمر، ويجعل الحالة المقاومة حالة وطنية من الكل الفلسطيني.
-
قدّمت قوى اليسار الفلسطيني مشاريع قرارات بهدف بلورة موقف وطني جامع لمكونات الحالة الفلسطينية، لكنها وفي هذا السياق لم تتمكن من تقديم رؤية موحدة تعكس موقفاً واحداً لجميع أطراف اليسار، وذلك بسبب تباين توجهات ومنطلقات وتحالفات كل منها. وربما يعبّر هذا الإخفاق عما وصل إليه مسار العلاقات بين هذه القوى، التي يبدو أنها اقتنعت بأن الطريق إلى توحيد صفوفها متعثر، فتحولت إلى التنسيق فيما بينها بدلاً من خيار الوحدة.
-
جاءت هذه الحرب لتضع، مرة أُخرى، العلاقات الفلسطينية الداخلية، بصورة عامة، والعلاقات اليسارية البينية، بصورة خاصة، على المحك، في ظل مرحلة تتطلب من هذه القوى تجاوُز تبايناتها كي تتمكن من تصويب الوضع الفلسطيني الداخلي عبر الضغط على طرفَي الانقسام، "فتح" و"حماس"، وصولاً إلى الاتفاق على مشروع وطني واحد، يضع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني على سكة التطبيق.
-
أبرزَ لقاءُ موسكو الحواري تبايُناً بصورة ملحوظة في مواقف ورؤى فصائل وقوى اليسار:
- فقد جددت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين دعوتها إلى "تشكيل قيادة طوارئ وطنية موحدة"[9] مهمتها قيادة معركة التصدي للعدوان وإدارتها، وتوحيد الموقف الفلسطيني، والاتفاق على مسار سياسي يساهم في ترتيب البيت الفلسطيني بهدف حشد عناصر القوة الفلسطينية لمواجهة التحديات، فقدمت في هذا الإطار خريطة سياسية، أكدت فيها أن الوحدة الوطنية قضية وجودية، وسياسة مفتاحية لضمانة ترتيب البيت الفلسطيني، وإعادة تقييم للتجربة الفلسطينية بكل تجلياتها، وخصوصاً تجربة أوسلو. فضلاً عن الدعوة إلى إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، بمضمونها التحرري الوطني، بمشاركة الكل الوطني، وإجراء انتخابات للمجلس الوطني، وتجديد بنى السلطة لتتحول إلى طابع خدماتي، لتترك القضايا السياسية لمنظمة التحرير. وإلى حين إنجاز الانتخابات، يمكن اعتبار الإطار القيادي الموقت أو إطار الأمناء العامين قيادة موقتة. هذا بالإضافة إلى تشكيل حكومة توافُق وطني ومرجعية وطنية متفق عليها، مهمتها إدارة الوضع في الضفة وغزة، وتولّي قضية إعادة الإعمار والتحضير لانتخابات فلسطينية شاملة.
- أمّا الجبهة الديمقراطية، فقد أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبالتالي، فهي وحدها المعنية بالتفاوض والبت بأي قضية وطنية فلسطينية، ولا يجوز لأحد أن يستفرد بهذا التمثيل، وأن محددات البرنامج الوطني هي تقرير المصير، والدولة المستقلة الكاملة السيادة على حدود 4 حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين بموجب القرار رقم 194، الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والأملاك. وأكدت أن المرجعية القانونية الدولية لحقوق الشعب الفلسطيني هي قرارات الشرعية الدولية، أي قرارات الأمم المتحدة، وأي حكومة تتشكل من كفاءات أو غير كفاءات، تبقى م. ت. ف. هي مرجعيتها، ولا مرجعية سواها. كما أكدت أن الخطوة الأهم هي الاتفاق على إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية، وإعادة بناء المؤسسات الوطنية المعطلة في السلطة وفي م. ت. ف بالانتخابات العامة، وبنظام التمثيل النسبي، مع حل وطني لمسألة الانتخاب في القدس. أمّا بشأن بمستقبل غزة، فأكدت أنه لن يكون إلاّ وطنياً، والقطاع جزء لا يتجزأ من الأرض المحتلة، وأي اتفاق بشأنه يجب أن يقوم على الوقف التام لإطلاق النار والعمليات العدوانية والانسحاب الإسرائيلي إلى خطوط ما قبل 7 تشرين الاول/أكتوبر 2023.
-
وقّعت الجبهة الشعبية مع "حماس" والجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية بياناً بشأن الموقف من تكليف الرئيس محمود عباس لمحمد مصطفى بتشكيل حكومة جديدة، وأكد البيان أن "هذه الخطوات تدلّل على عمق الأزمة لدى قيادة السلطة، وانفصالها عن الواقع، والفجوة الكبيرة بينها وبين الشعب وهمومه وتطلعاته"، وأكد البيان أنه: "يجب تشكيل قيادة وطنية موحدة، تحضّر لإجراء انتخابات حرة ديمقراطية، بمشاركة جميع مكونات الشعب الفلسطيني."[10] أمّا الجبهة الديمقراطية، فقد رأت في بيان أن: "تسمية محمد مصطفى رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة، خطوة متسرعة، وخارج إطار مخرجات وروحية لقاء موسكو الأخير، لم تراعِ الظروف السياسية التي تحيط بقضيتنا الوطنية"، مؤكدة "التوافق الوطني على حكومة وحدة وطنية بمرجعية م. ت. ف، تستجيب في تشكيلها وبرنامجها لمهام المرحلة في توحيد المؤسسات الوطنية بين الضفة والقطاع."[11] وكذلك، أكد حزب الشعب في بيان أن: "حكومة توافق وطني فقط تحظى بدعم ومساندة كل القوى الفلسطينية وكنتيجة للتشاور معها، هي وحدها القادرة على مواجهة المهام المعقدة التي يفرضها واقع الاحتلال والعدوان والحصار المتواصل ضد شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية."[12] كما أكد حزب فدا ضرورة أن تكون الحكومة "حكومة توافق وطني فلسطيني"، وأضاف داعياً "الأخ الرئيس أبو مازن ورئيس الوزراء المكلف د. محمد مصطفى إلى إجراء أوسع مشاورات مع كل الفصائل، بما فيها حركتا ’حماس‘ والجهاد الإسلامي."[13] يبدو مما سبق أن قوى اليسار متوافقة في معظمها على الموقف من التكليف بتشكيل حكومة في الوقت الراهن، لكن التبايُن كما يظهر يعود إلى تشكيل قيادة وطنية موحدة. ويبدو أن هذا التباين هو جزء من الإمكانات الموجودة في الخريطة السياسية الفلسطينية القادمة، في مرحلة ما بعد الحرب.
[1] "القيادة المشتركة ضمانة وحدة منظمة التحرير"، مقابلة مع نايف حواتمة نُشرت في مجلة "الحرية" بتاريخ 24/6/1984، و"الهدف" بتاريخ 25/6/1984، ومقابلة مع جورج حبش نُشرت في مجلة "الهدف" بتاريخ 2/7/191984.
[2] "لجنة الانتخابات المركزية، الانتخابات التشريعية 2006 التوزيع النهائي لمقاعد المجلس التشريعي"، لجنة الانتخابات المركزية – فلسطين – المكتب المركزي للانتخابات.
[3] "نتائج انتخابات مؤتمر مجلس الطلبة للدورة 2023-2024"، جامعة بيرزيت، 24/5/2023.
[4] جامعة النجاح الوطنية تُنهي انتخابات مجلس اتحاد طلبتها للعام الأكاديمي 2022/2023.
[5] "لإدارة معركة التصدي للعدوان.. الجبهة الشعبية تجدد تأكيدها على ضرورة تشكيل قيادة طوارئ وطنية"، "الهدف"، 19/12/2023.
[6] "ʾالديمقراطيةʿ: ندعو لاجتماع عاجل وملزم وشامل للأمناء العامين لبحث الوضع الخطير على القضية الوطنية"، الاتجاه الديمقراطي، 25/10/2023.
[7] "حزب الشعب: لا سبيل أمامنا سوى التوحد في كل المجالات وعلى جميع المستويات لمجابهة العدوان ووقف شلال الدم الفلسطيني"، موقع حزب الشعب الفلسطيني، 14/11/2023.
[8] "لنواجه التحديات معاً – فدا يطالب الرئيس بالدعوة لعقد اجتماع عاجل على مستوى الأمناء العامين لجميع الفصائل"، موقع حزب فدا، 26/10/2023.
[9] "كلمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في اللقاء الفلسطيني في موسكو 29/2/2024"، "الهدف"، 6/3/2024.
[10] "في بيان مشترك لحماس والجهاد والجبهة الشعبية والمبادرة: تشكيل حكومة دون توافق يدل على عمق الأزمة لدى قيادة السلطة وانفصالها عن الواقع"، وكالة "وطن"، 15/3/2024.
[11] "الديمقراطية // تعقيباً على تكليف محمد مصطفى .. تطالب بحوار توافقي لتشكيل حكومة تستجيب لمتطلبات المرحلة"، "المجموعة 194"، 16/3/2024.
[12] "تصريح صحفي.. حزب الشعب: مطلوب حكومة تحظى بتوافق وطني ولا تضيف عبءاً جديداً على مشهد الانقسام الفلسطيني"، موقع حزب الشعب الفلسطيني، 16/3/2024.
[13] "فدا: هذا هو موقفنا من الحكومة والتكليف الحكومي وما يرتبط بهما"، موقع حزب فدا، 17/3/2024.