How Did the Education Sector in Gaza Deal with the Coronavirus Crisis?
Date: 
March 31 2020

لم يُضف فيروس كورونا إلى أهالي القطاع كثيراً، فأهله يعيشون منذ أعوام طويلة عزلة شبه تامة، غير أنها هذه المرة جاءت لمصلحتهم. قد لا يكون فيروس كورونا المستجد، "كوفيد-19" استهدف غزة بصورة خاصة، لكن تأثيره بالقطع لن يكون على القطاع المحاصر منذ أكثر من عقد من الزمان كغيره من المدن والدول التي تتمتع بحرية في التنقل والحركة، واستقلالية تمكنها من اتخاذ ما يلزم من قرارات.

ظل القطاع عصياً على الفيروس ولم يتمكن من اختراقه فترة طويلة من الزمن، حتى تمكن أخيراً من التسلل إليه مسجلًا حتى اللحظة 9 إصابات تقول وزارة الصحة في غزة إنهم بخير ويتماثلون إلى الشفاء، وقد وضعتهم جميعاً في مدينة رفح أقصى جنوب القطاع تحت رعاية طبية، وحراسة أمنية "مشددة". يأتي هذا في خضم مناحي الحياة الغزيّة التي تعاني بالأساس مصاعب جمة، إذ إن معظم مؤسسات الحكومة منهارة أو على شفا الانهيار، ولا سيما ونحن في سنة 2020، وهي السنة التي حذرت منها الأمم المتحدة واصفة غزة بأنها لن تكون صالحة للحياة خلاله.

وفي ظل هذا كله نال التعليم حصته من هذه المتاعب فأغلقت المدارس أبوابها، وعلقت الجامعات الدراسة، فاجتهدت المؤسسات التعليمية فيلامواصلة العملية الدراسية، كلٌ بحسب إمكاناته وخبراته. ووفقاً لجهاز الإحصاء الفلسطيني، يبلغ عدد الجامعات والكليات الجامعية وكليات المجتمع المتوسط في قطاع غزة 17، فيما يتوفر في القطاع 415 مدرسة يؤمها أكثر من نصف مليون طالب وطالبة.

ومنذ يوم السبت 7 آذار/مارس الجاري أعلنت وزارة التربية والتعليم تعليق الدراسة في المدارس، ورياض الأطفال، والجامعات في غزة، بعد تردد الجهات الحكومية هناك، إذ لم تكن قد سجلت غزة أي إصابة بالفيروس. لكن – ولسبب ما- استُجيب لدعوات الرئيس محمود عباس وأعلنت غزة إيقاف التعليم بالتزامن مع الضفة. وقبيل إعلان أول إصابة بالفيروس في غزة، أعلنت وزارة التعليم والبحث العلمي منظومة التعليم عن بُعد، من خلال حملة روّجت لها عبر الإعلام ولوحات الشوارع في شوارع القطاع الرئيسية. يومها قال معتصم الميناوي المدير العام للعلاقات الدولية والعامة في وزارة التربية والتعليم العالي في غزة إن: "لديهم أكثر من سيناريو لاستكمال العملية التعليمية، إحداها التعليم الإلكتروني، وذلك للوقاية من فيروس كورونا والحد من انتشاره."

لكن الجميع كان يعرف أن هذا الأمر لن يكون بهذه البساطة، فإضافة إلى أنه لا يوجد نظام محدد للتعليم عن بعد، ثمة خدمة الإنترنت المهترئة في القطاع، أضف إلى ذلك أن معظم طلبة المراحل الابتدائية والإعدادية لا يملكون هاتفاً أو حاسوباً يمكنهم من تلقي هذه الخدمة وهو ما يزيد في تعثر عملية التعليم عن بعد بالشكل الذي يسد الحاجة؛ وغني عن الذكر، التطرق إلى أزمة الكهرباء المستفحلة إذ تزيد ساعات الانقطاع في غزة على أكثر من 18 ساعة متواصلة.

كيف يتلقى الطلبة في المدارس تعليمهم

في غزة هناك إذاعة التربية والتعليم الحكومية، وهي التي تولت هذه المهمة بالنسبة إلى طلبة المدارس منذ سنة 2012، وأُنشئت آنذاك بمناسبة عام التعليم الفلسطيني وفق الدكتور تامر الشريف مدير الإذاعة. وهي بالمناسبة لم تكن المهمة الأولى بالنسبة إليها، إذ كانت أول تجربة خاضتها الإذاعة في حرب 2014 لتواصل بعدها مهمة التعليم عن بعد وفق مستويات متعددة. وبعد جائحة كورونا، فُعّلت إذاعة التربية والتعليم بشكل أقوى ورُبطت بالبث المباشر على فيسبوك، وقُسمت المناهج إلى وحدات صغيرة، ليتمكن المعلم من تقديمها. ولعلاج أزمة الكهرباء يمكن للتلاميذ متابعة الدروس التعليمية عبر قناة الوزارة على اليوتيوب.

 ووفق الشريف، تبث الإذاعة برامجها على مدار 12 ساعة يومياً لتشمل المراحل الدراسية جميعها، والمناهج كافة، ويبدو أن الإقبال على الدراسة عن بعد كان كثيفاً، إذ إن عدد المتابعين لصفحة الإذاعة على فيسبوك، قفز خلال أيام محدودة إلى نحو ربع مليون، بعد أن كان سابقاً لا يتجاوز 150 ألفاً فقط مشيراً إلى أن الخدمة تقدَم لكل من طلبة الضفة وغزة على حدٍ سواء.

وأشار الشريف إلى أنه إضافة إلى الخدمات التي تقدمها الإذاعة ثمة موقع "روافد الإلكتروني" الذي يستطيع أي طالب من خلاله البحث عن الموضوعات التي يحتاج إليها، من منهاج الصف الأول الابتدائي وحتى الثاني عشر، حيث زُود الموقع بالمواد الإثرائية والإجابات المصورة النموذجية وأوراق العمل، وغيرها.

أمّا مدير قسم البرامج في الإذاعة هاني إسماعيل فأشار إلى تغيير كبير في جدولة خطة الإذاعة، وإيقاف البرامج الاعتيادية كافة وتحويلها إلى دروس تعليمية للطلبة من الصف الخامس وحتى الحادي عشر.

ويتولى طاقم الإذاعة اختيار الأفضل من المدرسين الذين رشحتهم وزارة التربية والتعليم، إذ يتم اختبارهم قبل تحديد من هو الأنسب لإلقاء الدروس وفق معايير فنية، وفي هذا السياق وصل عدد المدرّسات اللاتي تصدرن لهذه المهمة 40 معلمة، ومدة كل درس تقريباً 25 دقيقة، وهو الوقت ذاته الذي يحصّله الطالب في الدوام المدرسي الاعتيادي.

لم تكتفِ غزة بهذا القدر من التعليم عن بعد، إذ تولى كثير من المدرسين مهمة مواصلة إعطاء الدروس لطلبتهم في بث مباشر على فيسبوك، في مبادرات فردية ومن دون أي تكليف، رسمي أو غيره. وهو ما أشادت به مدرّسة اللغة العربية آلاء الخطيب إذ وصفت تجربة التعليم عن بعد بأنها فريدة وأخرجت طرفي المعادلة التعليمية من الروتين والتراتبية في الدراسة والتدريس، لافتة في الوقت نفسه إلى أن هذا الأمر يعوّض ولو بالنذر القليل الطلبة عقب تعليق الدراسة، مؤكدة أن كل ما في الأمر خدمة مساعدة عقب هذا التوقف الإجباري.

وقال أنس الكحلوت في الصف الرابع الابتدائي، إنه سعيد بالدروس المقدمة عبر الإذاعة، ويقوم بمتابعة منهجه من خلال الإنترنت ومن ثم يتيح الفرصة لأخته لتتابع دروسها هي الأُخرى، فيما قالت ضحى مقداد إنها تتابع دروسها على فيسبوك مع مدرّساتها، وكان الأمر شيقاً كما لو كان الدرس في الفصل.

التعليم الجامعي في غزة في زمن الكورونا

قد تبدو حالة التعليم الجامعية عن بعد في غزة منظمة هي الأُخرى بعض الشيء، ويخدم ذلك أن الجامعات كافة في غزة هي جامعات خاصة، وهي التي تحرص على مواصلة خدماتها لسبب أو لآخر، عدا عن جامعة الأقصى التي تتبع وزارة التعليم العالمي، الأمر الذي دفع كل جامعة إلى سلوك ما ترتئيه ملائماً، بل وانسحب ذلك على كل كلية، وكل مدرّس داخل القسم الواحد.

الجامعات في غزة وفي بيانات متتالية أعلنت إيقاف التعليم الجامعي بالتزامن مع توقف الدوام الأكاديمي والإداري، مبينة أنه قامت بتجهيز عدد من الفيديوهات لتدريب الطلبة على الاندماج في التعليم الإلكتروني، وخلال الأيام المقبلة سيستكمل أعضاء هيئة التدريس التفاعل مع الطلبة لاستئناف المساقات الدراسية إلكترونياً.

بعض الجامعات في غزة كان قد اعتمد نظام moodle منذ أعوام طويلة، إذ يسجل الطالب المرور على حسابه عبر النظام ويختار المادة ويتابع دروسه من خلاله متى شاء، وهي دروس مسجلة مسبقاً وليست مقترنة بالأزمة الراهنة. لكن من الواضح أن الاعتماد سيكون عليها وبشكل كلي خلال الفترة المقبلة، فقد زادت الجامعات كلها تقريباً من كثافة ضخها لهذه الدروس وقامت أكثر من جامعة بنشرها على يوتيوب.

وقال محمد حمدان مدير العلاقات العامة في جامعة الأقصى "أنه وانطلاقاً من حرص الجامعة على مصلحة الطلب، لجأت الجامعة إلى لتعليم الإلكتروني، ومباشرة قامت الجامعة في السعي لتفعيل عن بعد عبر وسائل اتصال مختلفة ومتنوعة."

فيما بيّن محمد جربوع، المحاضر في قسم الإعلام والاتصال الجماهيري، في جامعة الأزهر بغزة، إنه قدم نحو "15 محاضرة" إلكترونية لطلابه، وبثها عبر موقع الجامعة، منذ تعليق الدراسة. ويلفت جربوع إلى أنه يُسجل محاضرته، التي تبلغ نحو نصف ساعة، في منزله، عند توفر الكهرباء أو يذهب إلى بعض المؤسسات التي تقدم هذه الخدمات مجاناً خصيصاً لهذا الغرض، وهي مؤسسات نادرة في المدينة التي يقطن. أمّا الدكتورة منى النجار أستاذة التربية في جامعة الأزهر، فقررت تسجيل مقاطع فيديو للمواد التي تدرّسها ومن ثم نشرها على صفحتها على فيسبوك وإتاحة متابعتها من جانب الطلبة في الوقت المتاح لهم.

ولفت الدكتور أنس لبد أستاذ الإدارة في جامعة غزة، إلى قلة التفاعل عند كثيرين من الطلبة ولا سيما الطلبة الذين يعانون جرّاء فقر يحول دون استخدام وسائل التقنية، فضلاً عن امتلاكها كالحواسيب والاشتراك في خدمات الإنترنت، حتى أن بعض الشعب الدراسية لا يوجد فيها أي تفاعل يُذكر وهي مشكلة عامة لدى المدرسين كافة. وأوضح أن معظم الجامعات يتجه إلى أن تكون لكل مادة اختبار واحد في نهاية الفصل، مع مراعاة الطلبة المتفاعلين عبر الإنترنت لافتاً إلى عدم وجود أي قرار رسمي بذلك من أي جامعة بعد، إذ إن العملية برمتها قيد التقييم، فيما لدى بعض الجامعات توجهاً إلى تأجيل الفصل الدراسي الثاني في الكلية.

وقد استخدمت المؤسسات التعليمية كثيراً من التطبيقات والبرامج والمواقع التي تتيح هذه الخدمات مجانًا ومنها تطبيق زوم، وغوغل كلاس روم Google Class room، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات واتس آب وغيرها كل بحسب طريقته وأسلوبه والميزات التي هو بحاجة إليها.

ووفق مرور سريع على الدروس المسجلة بالفيديو لدى الجامعات عبر يوتيوب تبين أنها لا تشمل المساقات كافة، وكثير من هذه الدروس مسجل في وقت سابق، كما أن تسجيل الدروس شابه شيء من الحماسة في مطلع الأزمة قبل أن تتباطأ بالتدريج، وقد يُفسر الأمر بأن المادة الواحدة تستلزم تسجيل 30 ساعة دراسية في المتوسط وفق اختصاصيين لتكون حصة كل مدرس تقريباً 160 ساعة، وهو ما يعني استنزاف كثير من الوقت والجهد في بيئة تزخر بالصعوبات كما تقدم، كما أن المكافآت المالية عند بعض الجامعات تختلف عن التعليم الاعتيادي، بالإضافة إلى نقص الإمكانات التقنية وهو ما تعمد بعض الجامعات إلى توفيره، أو أن يتم التسجيل في الجامعات.

بدوره قال الدكتور خالد المزين، الخبير التربوي، إن فكرة التعليم عن بعد آخذة في النضوج في القطاع، وبدأ أولياء الأمور يتابعون المسألة عن كثب، وأهمية هذه المسألة آخذة في التصاعد تباعاً، وأضحت المؤسسات التعليمية الخاصة تنهج هذا النهج، عبر منصات متعددة وبات الاعتماد على هذه النوعية من التعليم يزيد على 60% بعد أن كان لا يتخطى الـ 10% قبل انتشار جائحة كورونا وإصابة أفراد من القطاع به، لكنه وفي نهاية المطاف يؤكد كغيره أن هذه الحالة استثنائية، وأن التعليم التقليدي ما زال الأفضل وستعود إليه غزة فيما لو انتهت أزمة الفيروس.

From the same blog series: Coronavirus in Palestinian Life
Fadi Jamal
Aziza Nawfal
Aziza Nawfal
Hala Khillawi, Suzan Metwalli, Weeam Hammoudeh
Akram Sourani
فؤاد الخوري، دمية على الأسفلت، القدس، ١٩٩٤
Adania Shibli

Read more