بيليتيير. "حرب إيران ـ العراق: فوضى في فراغ " (بالإنكليزية)
الكتاب المراجع
النص الكامل: 

حرب إيران ـ العراق: فوضى في فراغ

The Iran-Iraq War: Chaos in a Vacuum 

By Stephen Pelletiere. New York and London: Praeger.

 

هذه دراسة مفيدة ومتقنة عن حرب الخليج الأولى، تسعى إلى الذهاب أبعد من المقاربات العسكرية الصرفة أو المقاربات الوقائعية (الكرونولوجية) التي حكمت الكثير مما ظهر عن هذا النزاع. ولا يعني هذا أن وصف الأطوار الأساسية والمعارك والتقويم العسكري كان غائباً، فالأمر أبعد ما يكون عن ذلك، إنما يعني أن المؤلف يحاول في كل منعطف أن يربط الخيارات الاستراتيجية المحددة باعتبارات السياسة الداخلية والخارجية لكل من العراق وإيران.

يطرح بيليتيير عدة مقولات: الأُولى، إن الانسحاب البريطاني من الخليج، في الستينات والسبعينات، أنشأ فراغاً إقليمياً سعى شاه إيران، بدعم أميركي، إلى ملئه. غير أن الطموح الإمبريالي لإيران أثار مخاوف العراق الأمنية التي تفاقمت بعد الثورة الإسلامية في العام 1979. وكان صدّام حسين نفسه حديث العهد في السلطة، وغير واثق من سيطرته على حزب البعث والجيش، كما كان متوجساً من إمكانات المعارضة الشيعية. وفي الوقت نفسه، فإن الجَيَشان الإيراني أدى إلى حدوث انعطاف في السياسة الخارجية العراقية، من الانشغال بعرب المشرق إلى السعي لأن يصبح العراق قوة خليجية.

أطلق قرار الذهاب إلى الحرب العنان لقوى جديدة وتفاعلات سياسية داخل إيران، لم يكن العراق قادراً على توقعها أو احتوائها.

أما مقولة بيليتيير الرئيسية الثانية، فهي أن النزاع أصبح جزءاً حاسماً ومندمجاً مع الصراع الداخلي على تعريف النظام الإسلامي الجديد، وفي نهاية المطاف، على السلطة فيه. ولم تجر معالجة البعد الاجتماعي لثورة العام 1979 بشكل كامل، كما لم تكن سياسة الحكومة تجاه علاقات الإنتاج والاقتصاد متماسكة. وفي النهاية، أنتجت الأزمة الاقتصادية المتنامية قراراً بغزو العراق في العام 1982، على أمل الحصول على تعويضات أو مكاسب أخرى.

ثالثاً، يقول بيليتيير، أن القيادة العراقية، في عملية تصدّيها للضغط الإيراني في الأعوام 1982 ـ 1986، أُجبِرت على إدخال عدد من التغييرات التنظيمية في قواتها المسلّحة ورّطت المجتمع العراقي بشكل مباشر ومتزايد في جهود الحرب، وأجبرته على إظهار تأييده للدولة. وهكذا تحول العراق، بحسب رأي المؤلف، أخيراً إلى دولة مكتملة. كما أن التغيّر الدرامي في مذهب القتال العراقي، وأداء الجيش، كما ظهر في الدفاع الناجح في العام 1987 والتقدم الميداني السريع في عدة ساحات للمعارك في العام 1988، شكّل علامات على بلوغ الجيش العراقي مرحلة النضج.

ويبدو بيليتيير، كعسكري محترف، معجباً بشكل ظاهر بالجيش العراقي، وينسحب ذلك أيضاً على قراءته المجتمع والدولة العراقيين.