غوبرين. "علاقات إسرائيل بالاتحاد السوفياتي: من تاريخ إعادتها سنة 1952 حتى قطعها سنة 1967" (بالعبرية)
الكتاب المراجع
النص الكامل: 

              في الأسبوع الأول من السنة الجديدة، أعلن كلٌ من الاتحاد السوفياتي وإسرائيل رفع تمثيلهما الدبلوماسي إلى درجة القنصلية. وهكذا توج مسار من تحسن العلاقات بين البلدين، بدأ مع مجيء الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف إلى الحكم وتطبيق سياسته الجديدة، التي كان من ثمارها في السنة المنصرمة عودة علاقات إسرائيل الدبلوماسية مع معظم دول المنظومة الاشتراكية، والهجرة الجماعية لليهود السوفيات من الاتحاد السوفياتي.

لا يتناول يوسف غوبرين كل هذه المستجدات إلا في خاتمة كتابه. فالبحث الذي قام به في سياق تحضيره لشهادة الدكتوراه، يتمحور حول الفترة 1953 – 1967.

في المقدمة، يذكر المؤلف أن كتابه هذا هو "المحاولة الأولى لدراسة شبكة العلاقات المتبادلة خلال الفترة 1953 – 1967، وتقويم جذور المواجهة الإسرائيلية – السوفياتية على خلفية الدوافع السياسية والأيديولوجية لكل دولة تجاه الأخرى." ويعترف بأن الصعوبة الأساسية التي واجهها في عمله كانت "عدم توفر إمكان لدراسة وثائق الأرشيف السوفياتي، الي يمكن من خلالها معرفة الدوفاع غير الظاهرة في بلورة سياسية الاتحاد السوفياتي إزاء إسرائيل." ولقد اضطر غوبرين، نتيجة ذلك، إلى الاعتماد على المصادر السوفياتية العلنية، إلى جانب المقابلات التي أجراها مع عدد من المسؤولين والشخصيات، إلى جانب المصادر الإسرائيلية في هذا المجال.

يحلل غوبرين في كتابه الأسس الأيديولوجية والسياسية والنفسية لقرار الاتحاد السوفياتي، في شباط/فبراير 1953، قطع علاقته بإسرائيل، ثم إعادتها في تموز/يوليو من السنة نفسها، والعلاقات التي ربطت بين البلدين حتى انقطاعها، وانعكاسات النزاع بين القوتين العظميين على النزاع العربي – الإسرائيلي، وعلى العلاقات بين الاتحاد السوفياتي وإسرائيل، بالإضافة إلى قضية اليهود في الاتحاد السوفياتي والنشاط الإسرائيلي في أوساطهم.

يتوقف المؤلف، في خاتمة كتابه، أمام التغيرات والتطورات التي طرأت على السياسة الخارجية للاتحاد السوفياتي إزاء إسرائيل، والنزاع العربي – الإسرائيلي، وتسوية القضية الفلسطينية. فيعرض البنود التي اقترحها السوفيات في تموز/يوليو 1987 لتسوية النزاع. ويشير غوبرين إلى أنه "منذ سنة 1989، طرأ تغيير بارز في النظرة التكتية للاتحاد السوفياتي إلى مسألة طريقة حل النزاع. فقد عرض وزير الخارجية شيفاردنادزه في القاهرة، في 23 شباط/فبراير 1989، ضرورة الاعتراف بمبدأ 'توازن المصالح' بين الحقوق والأمن،... ولقد احتلت المكان الأساسي، في وجهة النظر السوفياتية، ضرورة عقد مؤتمر دولي لحل النزاع برعاية الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ومن دون إلزام الأطراف المشاركة فيه: إسرائيل من جهة، وم. ت. ف. كممثل شرعي للشعب الفلسطيني وسائر الدول العربية من جهة أخرى."

ويرصد المؤلف، في الصفحات الأخيرة من كتابه، التقدم المهم الذي طرأ على علاقة بلده بالاتحاد السوفياتي، مشيراً إلى الأهمية الكبيرة لما تحقق في هذا المجال. لكنه، مع ذلك، يختم كلامه بعدة أسئلة، منها: "هل يتخوف الاتحاد السوفياتي من تضرر مكانته في العالم العربي، عقب إعادة علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل؟... هل ستزداد أهمية السكان المسلمين في وضع سياسته في الشرق عامة، وتجاه إسرائيل خاصة؟"

ويخلص المؤلف إلى أن الكثير يعود إلى مدى قدرة غورباتشوف على تثبيت سلطته، وبالتالي إزالة العوائق التي تمنع الاتحاد السوفياتي حتى الآن من إعادة علاقاته الدبلوماسية كاملة مع إسرائيل، أي التخلي عن الشرط الذي وضعه السوفيات لذلك، وهو عقد مؤتمر دولي لحل النزاع. ومع ذلك، فالوقت وحده يمكن أن يقدم الأجوبة عن الأسئلة. وحتى الآن ثبت أن الزمن يعمل في مصلحة الإسرائيليين الذين استطاعوا، من دون تقديم أية تنازلات في المجال السياسي، أن يعيدوا علاقاتهم الدبلوماسية مع أغلبية دول حلف وارسو التي كانت، لزمن قريب، مغلقة في وجههم.