فلاح. "الفلسطينيون: المنسيون عرب النقب 1906-1986" (بالعربية)
النص الكامل: 

الفلسطينيون المنسيون

عرب النقب ١٩٠٦ ١٩٨٦

بقلم د. غازي فلاح. الطيبة:

إصدار مركز إحياء التراث العربي، تشرين الثاني ١٩٨٩.

 

يصدر هذا الكتاب بعد زهاء خمسة عقود ونصف العقد من صدور كتابي عارف العارف: "القضاء بين البدو" (١٩٣٣)، و"تاريخ بير السبع وقبائلها" (١٩٣٤)، ليضع واقع شريحة من الشعب الفلسطيني كادت تطمس وتنسى، في إطار علمي وتوثيق منهجي. ولهذا فقد يجد هذا الكتاب مكانًا خاصًا في المكتبة الفلسطينية والمكتبة العربية.

يقع الكتاب في ٢٢٢ صفحة من الحجم الكبير، ويحتوي على ٢١ جدولًا إحصائيًا و٨ خرائط و٦ ملحقات. وفي ذيل الكتاب يضيف المؤلف خمسة أنواع من المراجع: مصادر أولية، جرائد ومجلات، مصادر وتقارير غير منشورة، كتب منشورة، مقالات منشورة. يضم الكتاب ثمانية فصول بالإضافة إلى مقدمة طويلة يعرض المؤلف فيها معالجة ودراسة موضوع البدو والبداوة من قبل باحثين سابقين، ويورد آراء ومناظير مختلفة ومنها المنظار الإسرائيلي السلبي نحو البدو.  وفي الفصل الأول يحاول المؤلف أنْ يشير إلى مقومات الاستقرار في الشرق الأوسط ليضع الدوافع والمقومات المتبعة في إسرائيل في إطارها القسري والحقيقي. وفي الفصلين الثاني والثالث يتطرق الباحث إلى تعريف منطقة الجزء الجنوبي  الفلسطيني – منطقة البحث – جغرافيًا، ويشير إلى وجود كيان عربي أصلي انتشر في جميع أنحاء النقب وبنى لنفسه نسقًا متكاملًا في استغلال المكان الذي سكن فيه زراعيًا، حيث يعتمد المؤلف على إحصاءات  أرشيفية ليثبت أنَّه استغل زراعيًا قبل سنة ١٩٤٨ بمساحة تفوق مساحة ما استغل بعد سنة ١٩٤٨. وهكذا، فهو يفند القول الإسرائيلي السائد في تحويل الصحراء إلى جنة خضراء. ثم يأتي الفصل الخامس ويتحدث عن استقرار عائلات بدوية في مدينة بئر السبع والدور الذي قامت هذه المدينة به في حياة البدو سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، ويؤكد أهمية نمط الاستقرار الثابت الذي واكب حياة عرب النقب خلال الفترة ما قبل سنة ١٩٤٨؛ وبهذا فهو يفند نتائج الدراسات الإسرائيلية السابقة التي وصفت عرب النقب بأنَّهم أناس رحل غير مالكين للأرض ويربون المواشي فقط.

ويأتي الفصل الخامس ليبحث في بداية فترة الحكم الإسرائيلي في الجنوب الفلسطيني، ويتحدث عن نزوح بدو النقب، ويورد شهادات عينية للنزوح القسري، ثم يؤكد المقاومة البدوية للصهيونية قبل الحرب وفي أثنائها. ويستمر التحليل في الفصل الخامس حتى سنة ١٩٦٧ عندما وضع البدو في النقب تحت نظام الحكم العسكري وحوصروا في منطقة ضيقة أشبه بمحميات الهنود الحمر في أميركا.

أما الفصل السادس فهو تكملة للفصل الخامس؛ إذ إنَّه على الرغم من إلغاء الحكم العسكري نظريًا، فإنَّ ممارسات الضغط الاقتصادي ومصادرة الأرض ظلت مستمرة وتبعها تدمير منهجي ومستمر للقاعدة الاقتصادية التقليدية للبدو من استغلال الأرض وتربية المواشي، حيث يورد المؤلف أمثلة وحالات عديدة مشيرًا إلى البعد القسري الذي يجابهه الفلسطينيون في النقب في حياتهم اليومية.

يدور الحديث في الفصل السابع حول استراتيجية تجميع البدو فيما يسمى "مشروعات التوطين المبرمجة". وتأتي هذه الاستراتيجية كاستمرارية لحصر البدو في مجمعات سكنية محددة بعد تدمير القاعدة الاقتصادية من أجل تحويلهم إلى عمال أُجراء في سوق العمل الإسرائيلي الرخيص، وفي الوقت نفسه تسن القوانين وتعقد صفقات ابتياع الأرض منهم عند تحويلهم إلى هذه "المشروعات المبرمجة"، حيث يؤكد المؤلف أنَّه يرفض الادِّعاء الإسرائيلي السائد والقائل إنَّ هذه الاستراتيجية عبارة عن جزء من تقديم خدمات وتحضير البدو.

خلاصة الكتاب تقع في الفصل الثامن، ويشير المؤلف إلى أنَّ حياة البدو في النقب تسير من سيىء إلى أسوأ، إذ إنَّ الإحصاءات الرسمية تشير إلى أنَّه توجد على الأقل ٣٣٣٠ قضية نزاع في شأن الأرض (لسنة ١٩٧٩) وأنَّ هنالك ٥٩٤٤ (لسنة ١٩٨٦) بيتًا مهددًا بالهدم؛ وهذه قضايا جوهرية لا يمكن أنْ تحل عن طريق عقد صفقات الانتقال إلى "مشروعات التوطين المبرمجة"، ولا سيما أنَّ استمرار الضغط على البدو في النقب يقود إلى هجرة مستمرة إلى خارجه.

يرى المؤلف أنَّ وجود السكان البدو في منطقة النقب في عزل جغرافي نسبي عن بقية القطاعات الفلسطينية، يساعد السلطة الإسرائيلية في تهيئة الأوضاع لعزلهم سياسيًا واجتماعيًا عن إخوانهم العرب في بقية مناطق فلسطين، وهي في الوقت نفسه لا تريد دمجهم مع بقية سكان إسرائيل من اليهود.