كلاين. "دولة اليهود" (بالفرنسية)
الكتاب المراجع
النص الكامل: 

دولة اليهود

L’État des Juifs

Claude Klein.

Paris: La Decouverte, 1990.

 

 بعد الترجمات الفرنسية الست التي صدرت بين سنة 1897 وسنة 1954، صدرت مؤخراً ترجمة جديدة لكتاب تيودور هيرتسل القديم "الدولة اليهودية" قام كلود كلاين بها.

والترجمة أكثر التصاقاً بالنص، كما يبدو، من العنوان. فهو يعمّد الكتاب باسم "دولة اليهود" لا الدولة اليهودية. والفارق بين التسميتين يعكس فارقاً أساسياً في الدلالة. فالدولة اليهودية تعني من حيث المبدأ دولة تتسم بالثقافة اليهودية والديانة اليهودية، في حين أن دولة اليهود هي كسائر الدول لا تتميز منها إلا بكونها تضم أغلبية من اليهود. والحال هو أن كلام هيرتسل عن مكانة الدين في الجولة اليهودية العتيدة التي كان يدعو إليها، فضلاً عن الاسم الذي صدر الكتاب به في أصله الألماني Juden Staat، يجعلان التسمية التي اختارها كلاين في ترجمته أكثر دقة وأوفى بغرض الكاتب.

وبطبيعة الحال، فإن الأفكار التي أوردها هيرتسل في كتابه أكثر من معروفة، بحيث أن لا غنى في العودة إليها. لكن الدراسة المستفيضة التي يجريها المترجم بشأن صاحب الكتاب وبشأن الصهيونية بخاصة، والتي يلحقها بالترجمة، تستحق أن ينوه بها. فهو يطرح مسألة شرعية الدولة الصهيونية بعد مرور أربعين عاماً على قيامها. فهل تراها أثبتت شرعيتها؟ أو هل تراها أوجدت شرعية ما لنفسها؟ فمسألة الشرعية في رأيه هي في غاية من الأهمية، لأن الحركة الصهيونية طالما تحركت، ومنذ أيام هيرتسل حتى اليوم، على صعيدين اثنين داخلي وخارجي؛ فقد كان عليها أن تثبت شرعيتها في أعين اليهود (الشرعية الداخلية) باعتبار أنها كانت دائماً تمثل الأقلية بين اليهود، ثم أن تثبت شرعيتها أمام العالم كله (الشرعية الخارجية). وإلى ذلك، فإنه كان ثمة حاجة ماسة أيضاً إلى إثبات هذه الشرعية الخارجية، وخصوصاً أن هيرتسل كان يعتبر المسألة اليهودية مشكلة على المستوى العالمي وتحتاج إلى قرار يصدر عن "مجلس الأمم المتحضرة" بحيث أنه كان اليهود أبداً "أن يمثلوا أمام القوى العظمى لنيل عدالتهم أو لإلحقا حقهم." فـ"الاعتراف الدولي هو الطريق الوحيد."

ويشير قيام الدولة الصهيونية إلى أنها نجحت في النهاية في إثبات شرعيتها الداخلية، لكنها لم تنجح في إثبات شرعيتها الخارجية إلا بصورة جزئية. فقد قبل العالم بمشروعية قيام دولة يهودية. لكن يبقى الجيران المباشرون – أي العرب – ويبقى الفلسطينيون. والحال هو أن الصهيونية تجاهلت الشعب الفلسطيني ولا تزال؛ ذلك بأنها لا تستطيع إلا أن تتجاهله.

وإذا كان بعض المؤشرات يشير إلى إمكان تحقق هدف اعتراف الجيران، إلا أن السؤال يظل في شأن ما إذا كان الإسرائيليون أصبحوا مستعدين لذلك. ومعنة الاستعداد هنا هو ألا يظل الآخر (الفلسطيني) كائناً مجرداً، وأن يصبح كائنا ً ملموساً. لقد ظل الآخر كائناً مجرداً حتى حرب 1967. فاحتلال ما تبقى من الأراضي الفلسطينية وما تبعه من الاحتكاك بالفلسطينيين جعلا الفلسطيني كائناً ملموساً وحقيقة عينية. ومع هذا، فإن نظرة الإسرائيليين إليه لم تتغير حتى سنة 1987. أما العشرون عاماً التي مضت من الاحتلال العسكري للضفة الغربية وغزة، فإنها لم تؤثر في رؤيتهم له. كان لا بد من سنة 1987 ومن الانتفاضة كي تطرح مسألة حضور الآخر بصورة عينية ملموسة. ولعل هذا الطرح أهم آثار الحركة الشعبية والتمرد الشعبي الفلسطيني القائم.