روديك. "أرض الخلاص: الجذور الأيديولوجية للصهيونية الدينية غوش إيمونيم، والحركة السرية اليهودية وشبكة علائقهما بالعالم العلماني في دولة إسرائيل" (بالعبرية)
الكتاب المراجع
النص الكامل: 

أرض الخلاص: الجذور الأيديولوجية للصهيونية الدينية غوش إيمونيم،

والحركة السرية اليهودية وشبكة علائقها بالعالم العلماني في دولة إسرائيل (بالعبرية)

بقلم يوحاي روديك.

القدس: معهد دراسات الحاخام كوك، 1989.

 

لكتاب "أرض الخلاص" للحاخام يوحاي روديك أهمية خاصة. فهو يدرس تاريخ الحركات الدينية اليهودية في الوقت الذي يشهد المجتمع الإسرائيلي صعوداً في شعبية هذه الحركات ونفوذها.

ويتناول الكتاب مسألتين أساسيتين: نشأة حركة "غوش إيمونيم"، الحركة الدينية الاستيطانية، وقضية الحركة السرية اليهودية. يعالج المؤلف في كتابه الذي يقع في خمسة فصول موضوع الحركات الدينية اليهودية عامة، ويتوقف بصورة خاصة عند الحركات الصهيونية – المتدينة. فيتحدث في الفصل الأول عن النواة الأولى للصهيونيين المتدينين التي برزت في الخمسينات واتخذت إسماً لها "غحلات" [النواة الرائدة لتعليم التوراة]. وهذه النواة هي التي ستشكل، فيما بعد، الإطار الاجتماعي والنظري لحركة غوش إيمونيم. ويعرض الكاتب في هذا السياق الخلاف الذي أثاره قيام دولة إسرائيل داخل المعسكر الديني، وانقسامه إلى معسكر حرادي رفض الدولة، ومعسكر ديني -  صهيوني رأى في الدولة بداية الطريق نحو الخلاص وتحقيق النبوءة.

ويعرض المؤلف، في الفصل الثاني، الخلاف الذي ظهر بين الجمهور العلماني في الدولة والجمهور المتدين. ويقسّمه إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى منذ قيام الدولة حتى سنة 1956؛ وقد اشتد الخلاف خلالها بين العلمانيين والمتدينين الذين رأوا في التيار العلماني خطراً حقيقياً على جمهورهم المتدين، ولا سيما الشبان منه. فانكفأ المتدينون على أنفسهم وشكلوا أطرهم الخاصة والمستقلة في مختلف المجالات، بحيث باتوا يشكلون نوعاً من "غيتو" داخل الدولة. أما المرحلة الثانية، ميؤرخ الكاتب لها من عملية "قادش" حتى سنة 1974، أي بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وامتازت ببروز الأزمة داخل المعسكر العلماني الأمر الذي انعكس إيجاباً على الصعيد الصهيوني – الديني. والفترة الثالثة، هي التي تبدأ مع قيام "غوش إيمونيم" حتى أواسط الثمانينات. واتسمت هذه الفترة "بظهور أساليب عمل جديدة، وخصوصاً إزاء المحيط العلماني، لا مثيل لها في الفترات السابقة." فقد انتقل نشاط الحركات الصهيونية المتدينة من المسائل الدينية الخاصة إلى مسائل أوسع تمس أمن الدولة والشعب اليهودي بأسره؛ من ذلك التظاهرات الشعبية ضد اتفاق فصل القوات في الجولان، والنشاط الاستيطاني لغوش إيمونيم. وفي تلك الفترة، بدأ تسلل الصهيونية المتدينة إلى داخل الجيش الإسرائيلي بواسطة ضباط كبار فيه.

أما الفصلان الثالث والرابع من الكتاب فيتناولان فكرة "التوراة المخلصة" منذ أيام الحاخام يتسحاق كوك (1865) حتى غوش إيمونيم، ويشتملان على المواقف النظرية والسياسية من مختلف القضايا. وقد كان الحاخام كوك بمثابة المرشد الروحي لحركة غوش إيمونيم التي تبنت الكثير من آرائه وأفكاره، بدءاً من الدولة في إسرائيل إلى معارضة فكرة الانسحاب من أراض إسرائيلية. فقد اعتبر الحاخام كوك الانسحاب من أرض إسرائيل "ضعفاً روحانياً". وكذلك كان موقف الحركة التي عارضت بالقوة الانسحاب من ياميت.

في الفصل الخامس من الكتاب، يدرس المؤلف الصلة التي تجمع بين الحركة الصهيونية والفكرة الخلاصية. ثم ينتقل الكلام بعد ذلك إلى النشاط الصهيوني – الديني خلال فترة 1974 – 1984. ويرى الكاتب أن غوش إيمونيم تجسيد للتأويل الجديد للفكر الصهيوني – الديني. ويتحدث عن نشأتها، عارضاً مواقفها وآراءها.

وللكتاب ملحق يحاول المؤلف فيه الإجابة عن سؤال يطرحه هو: كيف وصلت الحركات الصهيونية – الدينية إلى تأليف ما سمي الحركة السرية اليهودية. ويؤرخ لذلك بحادثة السيطرة على المسجد الأقصى لدى احتلال القدس الشرقية سنة 1967. فقد رفع يومها العلم الإسرائيلي على قبة الصخرة، وهتف الإسرائيليون فرحين: "المسجد الأقصى وقع بين أيدينا"؛ وهو الهتاف الذي تحول إلى شعار فيما بعد. لكن السيطرة الإسرائيلية على المسجد الأقصى لم تستمر أكثر من بضع ساعات. فقد أمر وزير الدفاع آنذاك بإنزال العلم عن القبة، وأوكل أمر المحافظة والإشراف على المكان إلى الوقت الإسلامي. وقد أثار هذا الأمر حفيظة الحركات الدينية، الصهيونية منها والحرادية، وهي التي كانت تطالب بإقامة أماكن للصلاة في المكان الذي يعتبر مقدساً بالنسبة إلى الطائفة اليهودية.

أدى بقاء المسجد الأقصى تحت السيطرة العربية إلى بروز خلاف حاد داخل حركة غوش إيمونيم. فقد رفض عدد من أعضاء الحركة هذه السيطرة لأنهم وجدوها مخالفة ومتعارضة مع مواقف الحركة الأساسية وآرائها. فانشقت عن غوش إيمونيم جماعة أطلقت على نفسها "مجموعة المسجد الأقصى" ما لبث أن انضم إليها مجموعتان أُخريان: "مجموعة الخليلين" (نسبة إلى الخليل)؛ والمجموعة التي قامت بالاعتداءعلى رؤساء البلديات العربي في الضفة الغربية.

كان هدف أعضاء الحركة السرية اليهودية القيام باعتداءات ضد أهداف عربية وإسلامية، والحصول عبر ذلك على اعتراف الحكومة بهم وتأييدها لمطاليبهم التي في طليعتها جعل المسجد الأقصى تحت السيطرة اليهودية. ولهذا الغرض قام هؤلاء بسلسلة اعتداءات، مثل جريمة القتل في الكلية الإسلامية في الخليل، ووضع عبوات ناسفة في حافلات تقل عرباً، والاعتداء على رؤساء البلديات العرب في الضفة الغربية.

ظن أعضاء الحركة السرية أنهم بأعمالهم هذه سيحظون بالاعتراف الرسمي بهم، تماماً كما حظيت غوش إيمونيم باعتراف الحكومة بمستعمراتها التي قامت بصورة غير شرعية في البداية.

وفي الملحق أيضاً سيرة ذاتية لأربعة أعضاء بارزين من الحركة السرية ينتمون إلى مجموعة "المسجد الأقصى"، وهم من الذين اعتقلتهم السلطات الإسرائيلية وحاكمتهم. ويتوقف المؤلف، في عمله هذا، امام العوامل  الشخصية والاجتماعية التي كانت وراء تحول هؤلاء الأفراد من العمل السياسي إلى أعمال  العنف.

أخيراً، ينهي المؤلف حديثه عن الحركة السرية بتقويم لنشاطها وحكم عليه. وأهمية عمل الكاتب هذا أنه من الأعمال القليلة التي تتناول بالتحليل هذه الظاهرة التي تثيير الكثير من الجدل داخل المجتمع الإسرائيلي وفئاته السياسية.

يرفق الحاخام روديك كتابه ببيليوغرافيا مختارة شملت مصادر أساسية عن الموضوع. هذا، بالإضافة إلى أن الكاتب اعتمد في كتابه على العديد من النشرات الداخلية للحركات الدينية.

وقد أثار كتاب "أرض الخلاص" جدلاً في الأوساط الجامعية في إسرائيل. فقد كشفت صحيفة "هآرتس"، في ملحقها بتاريخ 8/12/1989، أن كتاب الحاخام روديك مأخوذ عن بحث أعده أستاذ الحاخام روديك د. جدعون أرن، سوسيولوجي وأنثروبولوجي في الجامعة العبرية، عن "غوش إيمونيم". وذكرت الصحيفة أن هناك مقاطع مأخوذة حرفياً عن بحث أرن، إلى جانب مقاطع أخرى مأخوذة هي أيضاً من بحث آخر للكاتب أشر كوهين، هو موضوع لشهادة دكتوراه في جامعة بار – إيلان عن "غوش إيمونيم" والحركة السرية اليهودية كما عرضتها الصحف الدينية. ونظراً إلى أن الحاخام روديك لم يأت إلى ذكر المرجعين في قائمة المصادر التي اعتمدها في كتابه، فقد تحولت المسألة كما وصفتها "هآرتس" إلى عملية "سرقة" أكاديمية بالمعنى الحقيقي للكلمة. وتحولت القضية إلى القضاء، والجدل بشأنها لم ينته بعد.