خطاب الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية في الدورة 45 للجمعية العامة للأمم المتحدة، 2/10/1990
النص الكامل: 

.......

لقد سعينا إلى بناء قوة العراق، ونحن حريصون على بقاء تلك القوة والمحافظة عليها، ولكننا نريد عراقاً قوياً يحمي الدول العربية، ويكون ركيزة للأمن القومي العربي، وليس عراقاً يهدد أمن الدول العربية، ويعمل على تقويض أركان النظام العربي.

إن العراق الذي يعتدي على دولة عربية جارة وشقيقة، وينتهك حرماتها، ويبدد طاقاتها، ويهدد النظام العربي برمته، لا يمكن أن يعتبر قوة للعرب، وإنما هو في الواقع مصدر لبث الفرقة والانقسام في الصف العربي وسبب لإشاعة الوهم والضعف في الجسد العربي.

ولا نرضى أن تحجب مغامرة الحكم العراقي وهج قضية العرب الأولى، القضية الفلسطينية. ويؤلمنا أن تتحول الأنظار عن انتفاضة شعب فلسطين البطل وأن تتراجع خطوات البحث عن الحل السلمي العادل للقضية الفلسطينية وأن تمر مخاطر الهجرة اليهودية إلى الأراضي المحتلة بلا ضجيج أو احتجاج. ويؤلمنا أكثر أن يتبع الحكم العراقي، الذي يدعي احتكار إنقاذ فلسطين، نفس أسلوب إسرائيل في احتلال الأرض وتشريد الشعب ورفض الانسحاب. بل إنه يعطي إسرائيل ذريعة عالمية لتكريس الاحتلال وتفريغ الوطن من الأهل واستبدالهم بالمستقدمين. فمن أجل فلسطين يجب أن ينسحب العراق من الكويت ويمتثل للشرعية الدولية لكي نستطيع أن ندفع بالشرعية الدولية بأن تحقق لشعب فلسطين ما سوف يتحقق لشعب الكويت.

.......

السيد الرئيس..

لقد شاركت المملكة العربية السعودية قبل خمس وأربعين سنة في انطلاق نظام عالمي بزغ من أشلاء دمار الحرب العالمية الثانية، وشاركت في تأسيس هذه المنظمة، منظمة الأمم المتحدة، التي قامت بعد انهيار عصبة الأمم عندما تراخت الإرادة الدولية يومها عن التماسك في مواجهة اغتصاب إحدى الدول الأعضاء.

وإذا كان الوضع في منطقتنا اليوم مثيراً للقلق، فإننا نتطلع بعزم وأمل نحو المستقبل. وتتعهد المملكة بالمشاركة الفعالة في الآفاق التي تتفتح على عهد عالمي جديد.

وفي هذه المرحلة الدقيقة التي يجتازها عالمنا العربي، يتعين علينا أن نستخلص العبرة مما حدث لكي نتجنب ما قد يحدث أو يتكرر من المآسي في منطقة حافلة بالاحتمالات. إن عجلة الزمن لا بد أن تستمر في الدوران والقافلة لا بد أن تسير، والمسيرة لا بد أن تتواصل.

ومن خلال تطلعنا نحو المستقبل، نتوجه أولاً إلى أشقائنا في الأراضي العربية المحتلة، وإلى أبناء الشعب الفلسطيني المشرد الموزع في كل بقاع الدنيا، نقول لهم: إن قضيتكم قضيتنا. فلترتفع بالقلوب والسواعد فوق الخلافات والانقسامات العربية، فهي مركز اللقاء ومحور الالتفاف. نقول لهم.. قفوا سداً منيعاً دون أولئك الذين يحاولون استغلال عواطفكم، أو يقتاتون من قهركم لكي ينالوا من الجسد العربي، جسدكم. نقول لهم: قفوا مع الشرعية فهي مرتكز قضيتكم، قضية كل العرب، والمنطلق الذي يؤمن حقوقكم المشروعة في تحرير الأرض وإقامة الدولة. نقول لهم: اليوم، اليوم أكثر من أي زمن آخر يجب الحفاظ على التماسك الصلب.

وأما التزامنا نحن العرب، نحن في المملكة العربية السعودية نحو شعب فلسطين فليس وليد اليوم أو الأمس. وإنما كان منذ النبضة الأولى. وسيستمر تلاحمنا مع هذا الشعب اليوم وغداً وبعد غد إلى أن يكتب له النصر. فالقدس أولى قبلتينا والمسجد الأقصى ثالث الحرمين.

.......

المصدر: بعثة المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة، النص الرسمي.