مقتطفات من خطب الرؤساء صدام حسين وحسني مبارك وياسر عرفات والملك حسين في مؤتمر القمة العربي ، بغداد، 28 أيار/مايو 1990
النص الكامل: 

من خطاب الرئيس صدام حسين

«وعلى العرب ونحن منكم أن يحذروا من أن يجعلوا رد فعلهم لا يستمر إلا لفترة وجيزة إذا ما تعرضوا إلى عدوان إسرائيلي ذلك لأن القوة الإسرائيلية مبنية على إستراتيجية خطف أهداف مهمة بأقل زمن وبأقل ما يمكن من خسائر في التجهيزات العسكرية والاقتصادية والبشرية ولأن طاقة الأمة واقتدارها لا يحضران لأسباب تتعلق باتساع رقعة الوطن العربي وبكوننا أمة من إحدى وعشرين دولة ولأسباب أخرى أقول لا تحضر القوة والاقتدار في الأمة في زمن قصير إلى حيث ينبغي أن تكون.

لذلك يجدر بنا أن نعلن بوضوح بأن إسرائيل إذا ما اعتدت وضربت فإننا سنضرب بقوة وإذا ما استخدمت أسلحة دمار شامل ضد أمتنا سنستخدم ضدها ما نملك من أسلحة دمار شامل وأن لا نتنازل عن تحرير فلسطين ومن الحقائق التي أكدتها التجارب أيها الأخوة ان الولايات المتحدة الأميركية تتحمل مسؤولية أساسية.. بل ومسؤولية أولى.. في السياسات العدوانية والتوسعية التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية برغم ما تظهره في بعض الأحيان من اختلاف في مواقفها مع هذا الموقف أو التصرف أو ذاك من موقف وتصرفات الكيان الصهيوني.

ان الكيان الصهيوني لا يستطيع ممارسة العدوان والتوسع على حساب العرب لولا امتلاك القوة والحصول على غطاء سياسي والولايات المتحدة هي المصدر الرئيسي لقوة الكيان الصهيوني العسكرية العدوانية والمصدر الرئيسي لتمويله المالي وهي التي تؤمن إلى حد كبير غطاء سياسيا لمواقفه من خلال مواقفها المتعنتة في مجلس الأمن واستخدام الفيتو للحيلولة دون إدانة الجرائم والسياسات العدوانية الصهيونية.»

«وعلى أساس هذه الحقائق التي أكدتها التجارب الملموسة لا يمكن لأي عدوان إسرائيلي على الأمة أن ينفصل عن رغبة الامبريالية الأميركية في ذلك والامبريالية هنا أضفتها لأنني ليس من عادتي أن استخدم الامبريالية، وخاصة من وقت طويل ولكن عندما اطلعت على المذكرة التي قدموها «الكروب» العامل في الخارجية الأميركية وفيها إشارة إلى أن لا تستخدم الإمبريالية أدخلت كلمة الإمبريالية.»

«وعلينا أن نعلن بصوت قوي بأنه لا يحق لكائن من يكون أن يتمتع بحظوة في مواردنا وثروتنا في الوقت الذي يحاربنا أو يناهض تقدمنا العلمي والتكنولوجي وأن نحول هذا المبدأ إلى سياسة ومفردات تطبق ويلتزم بها بصورة جماعية وأن يدرك الجميع بأن النجاح في المنازلة مع الأعداء إذا ما اقتضتها الضرورة لا يتحقق من حيث يبدأ غبار خطواتها ودخان قذائفها يغطي ساحاتها، وإنما يبدأ من حيث يبدأ التهيؤ والتضامن والتماسك الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والإعلامي ومن حيث تبدأ الاستحضارات الناحجة تحقيقا لأهدافها في كل ميادين الحياة وعلى المستويين الشعبي والرسمي.

ومن مبدأ ان مصيرنا واحد ومستقبلنا باتجاه واحد والعدوان على أي منا عدوان علينا جميعا وعدو أي منا هو عدو للأمة كلها تكون المواجهة له فيها شاملة من حيث وضع إمكانات الأمة في اتجاه واحد.. مياهها الإقليمية وأجواؤها وأراضيها، والمضائق البحرية والقنوات كلها توضع في خدمة جبهات القتال وجيوشها وأن تكون المواقف إزاءها معلومة ومعلنة وعند ذلك قد لا تحتاج الأمة العربية بالضرورة إلى معارك عسكرية لتحصين كل حقوقها واسترجاع كل الضائع منها.»

«أما الآن وبعد ان انزاح أو كاد عن العالم كابوس التقسيم المقيت للعالم وذلك الاصطراع الذي اضعف تبلور موقف إنساني موحد تجاه قضايا الإنسانية ووقف كعقبة كأداء في وجه تبلور المواقف الوطنية والقومية المرتبطة بخصوصية ظرفها وإمكاناتها بالدرجة الأساس فقد أتيحت أمام الإنساني والوطني والقومي اليوم فرص صيرورة جديدة وتبلور أصيل بالإضافة إلى مكاسب أخرى. وان هذه الفرص سوف تفتح أمامنا كعرب مجالاً أوسع لسياسة عربية موحدة أكثر ثباتاً من ذي قبل ان نحن أحسنا التعامل الإيجابي مع متغيرات السياسة الدولية ومراكز القوى فيها وعرفنا كيف نقلل إنْ لم نكن قادرين على أن ندرأ عنا كلياً النتائج السلبية لهذه المتغيرات المفاجئة ومن بينها أن يتخلى عن موقفه السابق بسرعة من كانت له أسبابه للتأثر بسياسة الاستقطاب مبتدئين في هذه الدعوة والمطالبة ببلدكم العراق إن كنتم تجدون أنه قد تأثر أو بقي متأثراً حتى اليوم بأي من سياسات دول الاستقطاب.. وأن نبقى على سياسة متوازنة أساسها مصالح الأمة ومصالح شعب أقطارنا وفق الترابط التي أشرنا إليه بين الوطني والقومي.»

المصدر: «الثورة» (بغداد)، 29/5/1990.

من خطاب الرئيس حسني مبارك

«وأولى القضايا الجديرة بالطرح في هذه العجالة هي قضية السلام والحاجة لتأكيد مفهومه العربي الشامل على النحو الذي طرحناه في لقائنا بالدار البيضاء منذ عام.»

«ومن هذا المنطلق فإننا لم نتردد في مواجهة خصومنا بتحدي السلام في أوج انتصارنا في أشرف المعارك التي خضناها في تاريخنا المعاصر في أكتوبر [تشرين الأول] عام 1973 كما أننا تابعنا هذا الطرح بخطوات متقدمة على الطريق، تمثلت في مشروع السلام العربي الذي اعتمده مؤتمر فاس في سبتمبر [أيلول] 1982 ومشروع السلام الفلسطيني الذي هز ضمير العالم ووجدانه منذ خريف عام 1988. ومنهج السلام الذي صدر عن قمة الدار البيضاء، الطارئة في مايو [أيار] 1989 ومشروع السلام العراقي الذي طرحه الأخ الرئيس صدام حسين لإنهاء الحرب مع إيران وهو مشروع نأمل أن ينعكس على أرض الواقع بخطوات جسورة واثقة في الأشهر القليلة القادمة.»

«والقضية الثانية هي تلك الخاصة بالأمن القومي العربي، وأود أن أقرر في البداية أن مفهومنا للأمن القومي لا ينطلق فقط من رؤيتنا للتهديدات التي نواجهها بل أنه يستمد في المقام الأول من تقديرنا لقوتنا وعناصر مجدنا وعزتنا والقوة في هذا السياق، لا تقتصر على القوة العسكرية وحدها، بل أنها تشمل مختلف جوانب القوة الحضارية والسياسية والاقتصادية والثقافية لأنها تسهم كلها في صهر الجبهة العربية الحصينة التي تردع الإثم والعدوان وتجهض كل تفكير في تهديد العرب وتقويض شعورهم بالأمن والاستقرار.»

«وربما كان من المناسب أيها الأخوة الأعزاء أن نتوقف برهة أمام نقطتين تمثلان لنا أهمية خاصة، بحكم اتصالهما بالأمن القومي العربي، وتأثيرهما على رؤية كل منا لمستقبل المنطقة التي نعيش فيها والأمة التي ننتمي إليها.

والنقطة الأولى التي أود أن أشير إليها هي تلك االمتعلقة بهجرة اليهود السوفيات وتوطين أعداد متزايدة منهم في الأرض العربية المحتلة، بصورة تؤثر سلبياً على مستقبل السلام، وعلى أمن واستقرار دول المنطقة....».

«ويدعونا هذا النظر إلى تأكيد رفضنا القاطع لكل ما من شأنه استيلاء إسرائيل على مزيد من الأرض العربية المحتلة ودرتها القدس الشريف. أو الضغط على أبناء الشعب الفلسطيني الصامد لكي ينزح من بلاده ويتخلى عن أرضه....».

«وأستطيع أن أقرر أمامكم أن ما سمعناه في الأيام الأخيرة من الرئيس ميخائيل غورباتشوف يدل دلالة واضحة على أن القيادة السوفياتية تدرك تماماً أبعاد هذه المشكلة وتستوعب آثارها ونتائجها كما أنها تتفهم جيداً المطلب العربي المحدد الذي لا يتعارض مع حقوق الإنسان، ولا يصدر عن تعصب أو عنصرية....

كذلك فقد لمسنا توجهاً مماثلاً لدى القيادة الأميركية والرئيس بوش شخصياً، وزعماء الدول الأوروبية الذين اتصلنا بهم في هذا الشأن. بحيث يمكن أن نتوقع أن تسفر الأشهر القادمة عن مجموعة من الخطوات المحسوبة للحد من الآثار السلبية لتلك الهجرة، ووقف ما تحدثه من أضرار بالأمن القومي العربي. وإذا لم تتحقق توقعاتنا وآمالنا في هذا الشأن لسبب أو لآخر، فإننا لا نقف أمام هذا التحدي مسلوبي الإرادة أو عاجزين عن الحركة، بل ان المجال مفتوح أمامنا للحركة النشطة والخطوات المحسوبة بدقة وإحكام.

 أما النقطة الثانية فهي تلك الخاصة باقتراحنا الذي يرمي إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، وهي الأسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية ولا يخفى على أحد أن هذا الاقتراح إذا خرج إلى حيز الوجود فسوف يشكل خطوة متقدمة على طريق تأمين الوجود العربي في الحاضر والمستقبل. وتطهير أرضنا وسمائنا من التهديد النووي والكيماوي الذي نقف إزاءه موقفاً صلباً يستند إلى حقنا المشروع في الدفاع عن النفس وردع أي محاولة لانتهاك حقوقنا الثابتة....».

«أما القضية الثالثة التي أود أن أتعرض لها في هذا المقام، فهي قضية الخطاب العربي للعالم الخارجي....

.... الخطاب العربي في هذه المرحلة بالذات، يجب أن يكون خطاباً إنسانياً عقلانياً متفقاً مع قيم العصر ومفاهيمه. متجانساً مع حقيقة موقفنا. منزها عن التهويل والتهوين والمبالغة متجنباً كل ما يترتب عليه الإضرار بالمصالح القومية العليا....».

«الإخوة الأعزاء: إن القضية الأخيرة التي أود أن أتعرض لها بإيجاز في ختام كلمتي هي تلك المتعلقة بحق شعوب الأمة العربية في الحصول على التكنولوجيا الحديثة وتسخيرها لخدمة أغراض التنمية والتقدم وليس هناك قوة على ظهر الأرض تستطيع أن تحول بيننا وبين هذا الهدف المشروع لأن الحق في التقدم والاستفادة من الاختراعات الحديثة لتغيير صورة الحياة في المجتمع العربي هو حق طبيعي ثابت بل انه حق أساسي من حقوق الإنسان، لا يملك أحد أن يقيده أو يعترض طريقه، كما انه حق يتعزز بقدرتنا على الحركة في إطار من التكامل في القدرات والتنسيق في الخطى والمواقف.»

المصدر: «الأهرام»، 29/5/1990.

من خطاب الرئيس ياسر عرفات

«إن الوضع الدولي الذي يعاد تنظيمه وترتيبه، في مناخ من محاولات الاستقطاب الجديد، لا ينبغي أن يدفعنا إلى الإحساس بالعجز والخمول أمام ما يعده لنا الآخرون من مصير، ولكنه يحفز فينا كل التحديات، وكل متطلبات العمل السريع الموحد، من أجل صياغة الشروط الملائمة للحضور العربي الجماعي، في حسابات القوى، التي يشعر بعضها، انطلاقا من غطرسة القوة التي يمتلكها، بأنه قد امتلك، وبلا منافسة أو شراكة، ناصية الهيمنة على المصير الدولي برمته.»

«ان المخاطر التي يتعرض لها الأمن العربي القومي وأمن كل بلد من البلدان العربية الشقيقة، تتزايد الآن وتتغذى من إغراءات اللحظة الانتقالية، التي يمر بها العالم، نحو صياغة شروط الوفاق الجديد ذي الطبيعة المختلفة، ومن التغير الدراماتيكي الذي حصل على جبهة أصدقاء العرب التقليديين، الغارقين اليوم في مشاكلهم الداخلية، التي تشترط الولايات المتحدة التعاون على حل تعضها بإخضاعهم إلى الابتزاز، وإضعاف دورهم في عملية البحث عن الحل العادل في صراع الشرق الأوسط، وفرض الشروط لانتقالهم إلى مساعدة الخصم، بالهجرة اليهودية، هجرة البشر والعقول، وبالاقتصاد وبالدبلوماسية.

وفي هذا السياق، فإننا مطالبون بصياغة خطة سياسية وثقافية لتطوير علاقات الصداقة والتعاون مع دول أوروبا الشرقية، وباستثمار القدرة العربية الاقتصادية في الوضع الجديد فيها. كذلك، فإننا مطالبون بتطوير علاقات التعاون مع أوروبا الغربية، لتلعب دورها الفاعل في قضية الشرق الأوسط، بما يخدم مصالحنا المتبادلة، ومصالح شعوب شمال البحر الأبيض المتوسط، وجنوبه، وبما يخدم تعزيز دورنا في الوضع الدولي الجديد، هذا بالإضافة إلى ضرورة تعزيز العمل مع المارد الأصفر، وخاصة الصين واليابان وما حولهما، بما يمكننا من رسم معالم الصورة والأهداف التي نصبو إليها، إلى جانب العمل والتعاون مع دول «العالم الثالث» ودول عدم الانحياز التي نحن جزء منها. ان هذه العلاقة، تحتاج إلى إعادة صياغة فاعلة وجديدة تقوم على أسس جديدة ومفاهيم جديدة وتعاون بناء فاعل لا تابع.

كما أننا نرتبط بالمحيط الإسلامي، تاريخا ومعتقدا ورسالة وحضارة، ارتباطاً يتطلب منا تطوير التعامل معه بأساليب جديدة خلاقة تشمل تطوير التعاون الإسلامي – المسيحي، الذي تشكل القدس فيه واسطة العقد.»

«اننا نعلن تضامننا مع العراق الذي يعزز قدرات الأمة الدفاعية، ويفتح أمام المجتمع العربي فرصة الحضور المتكافئ في حساب القوى العالمية الجديدة. فإذا كانت حسابات القوى الدولية الآن على شتى الاحتمالات قد تجاهلت أهمية الدور العربي المؤثر، فإن شراسة الحملة على عراقنا الحبيب، والتهديدات التي تتعرض لها الجماهيرية الليبية الشقيقة، بل وقصفها وقصف مقر أخي القائد معمر من الطيران الأميركي، كما حدث الشيء نفسه في تونس الشقيقة بالطيران الإسرائيلي، وكذلك التهديدات المستمرة للمملكة الأردنية الهاشمية العزيزة وللبنان وهي حملة على دور العرب المحتمل، وتهديد لأمنهم ومستقبلهم تنبهنا الآن إلى سعة المساحة التي تستطيع الأمة العربية أن تحتلها في الواقع الدولي الجديد، إذا تمكنا من صياغة استراتيجية عربية جديدة تقوم على التضامن العربي الحقيقي، على وعي الخطر المشترك والمصلحة المشتركة.. والدفاع المشترك. ومن هنا، فإنني أدعو مجلس الدفاع المشترك إلى الاجتماع فوراً، وفي مدة أقصاها شهر، لمواجهة هذه التحديات والتهديدات، ولحماية الأمن القومي العربي.»

«ان مستوطنات المهاجرين اليهود، لا تقام على الأرض الفلسطينية المحتلة فقط، بل تقام أيضاً على كل الأراضي العربية المحتلة، السورية واللبنانية، لكي تنبه من يحتاج منا إلى تنبيه جديد، إلى أن هجرة اليهود السوفيات، هي تهديد للأمن القومي العربي برمته. أليس هذا يدفعنا فوراً كقادة للأمة العربية، لاتخاذ قرار بتشكيل مجلس متفرغ لشؤون الأمن القومي، ولرصد المخاطر التي تهدد الأمن القومي، سواء كانت هجرة أو تسلحاً أو توزيع مياه أو سرقتها.. وأن يجتمع هذا المجلس في مدة أقصاها شهران من تاريخه.»

«لقد آن الأوان – أيها الأخوة – لأن تحدد الأمة العربية علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول العالم، في ضوء موقف هذه الدول من قضية الهجرة اليهودية إلى الأرض الفلسطينية والعربية، التي ستؤدي إلى التوسع الإسرائيلي في الأرض العربية، ومن هنا، فإن علينا استخدام كافة الأسلحة، بما فيها سلاح العقوبات وسلاح المقاطعة الاقتصادية، والضغط السياسي والمعنوي، على الدول والمؤسسات والشركات التي تشارك في عملية الاعتداء على الأرض العربية والحق العربي في هذا المجال.»

«اننا نطالب الولايات المتحدة الأميركية بالتخلص من المراوغة والمماطلة والغموض والالتباس، الذي يحيط بموقفها، من مسألة السلام في الشرق الأوسط، ونطالبها بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، واستقلاله الوطني، بالموافقة الصريحة على انعقاد المؤتمر الدولي للسلام، بدلاً من محاولة احتكار حالة اللاحل، ومشاغلة الوضع الدولي بأفكار غامضة، تتعلق بترتيبات إجرائية، لا تؤدي إلا إلى تشجيع إسرائيل، على المماطلة والتهرب وإدامة أمد الاحتلال.

ان الموقف الأميركي المتواطئ والحامي للموقف الإسرائيلي، يتنافى مع مسؤوليات أميركا الدولية، ويتنافى مع قرارات الأمم المتحدة. لقد آن الأوان لأن يمارس الموقف العربي الموحد، بما يملكه من عوامل القوة والتأثير والضغط، لإقناع الإدارة الأميركية، بمدى الآثار السلبية والمدمرة والمتفجرة، التي يتركها استمرار الاحتلال الإسرائيلي، والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، على مستقبل العلاقات العربية – الأميركية.

وإذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية، قد وافقت على بعض الإجراءات والمقترحات السابقة للمؤتمر الدولي، لتذليل بعض العقبات، فإنها قد وافقت عليها باعتبارها إجراءات تمهيدية، تمهد لانعقاد المؤتمر الدولي، ولكن رفض إسرائيل لأية مقترحات، حتى لو كانت أميركية الصنع والصياغة، كان كافياً لدفع الموقف الأميركي إلى المزيد من التراجع عن مواقفه هو، الأمر الذي أوصل عملية التسوية إلى جمودها الراهن، ووفر للاحتلال الإسرائيلي، المزيد من الوقت لارتكاب المزيد من المذابح والجرائم، ضد شعبنا ومقدساتنا.»

المصدر: «فلسطين الثورة»، العدد 799، 3/6/1990، ص 8-11.

من خطاب الملك حسين

«ان الهجرة اليهودية، ومع كل المحاولات المبذولة لإلباسها ثوب حقوق الإنسان، فإنها تظل قضية سياسية بالغة الخطورة. إذ ان توطين المهاجرين اليهود في الأراضي العربية المحتلة سيخلق واقعاً سكانياً جديداً يعكس الأمور التالية:

أولاً: يعكس عدواناً حقيقياً على حقوق الإنسان العربي الفلسطيني ابتداء.

ثانياً: يعكس عدواناً مباشراً على فلسطين.

ثالثاً: يعكس عدواناً وشيكاً على الأردن، إذ على حساب من سيستوطن هؤلاء؟، وإلى أين سيدفع بالشعب الفلسطيني؟

رابعاً: يعكس عدواناً مبيتاً على الوطن العربي كله، وحسبي أن أشير هنا إلى تصريحات رئيس وزراء إسرائيل عن حاجتهم لإسرائيل كبرى.

خامساً: يعكس انجراف الدول الكبرى في استراتيجية إسرائيل القائمة على استثناء هذه المنطقة من إحلال السلام والاستقرار فيها، مثلما يعكس استهانة هذه الدول بوزن أمتنا العربية جمعاء، وإذا كان هنالك من لوم، فهذا اللوم يقع علينا قبل أن ننسبه لغيرنا.»

«لقد ظل التفكير الصهيوني متمسكاً وحريصاً على أن يبقى الأردن نقطة الضعف في المحيط الذي تتوسع فيه إسرائيل، بعد أن تمكن جدّي المؤسس للمملكة من إخراج الأردن من الأرض المشمولة بوعد بلفور، وبحمد الله وبعونه استطعنا الصمود والثبات على تراب وطننا. وتمكنا عام 1948 من إنقاذ وحماية جزء عزيز من فلسطين، اتحدنا معه، وحفظناه أمانة ووديعة في أعناقنا إلى أن تحل المشكلة الفلسطينية، وقد فقدنا هذا الجزء الغالي في حرب عربية – إسرائيلية عام 1967 وها نحن اليوم نواجه فصلاً جديداً وخطيراً من مخططات التوسع، يتمثل في إفراغ الأرض الفلسطينية من أهلها، وطردهم إلى الأردن. وما مذبحة العشرين من أيار [مايو] إلا إحدى الصور البشعة للقمع الإسرائيلي للشعب الفلسطيني الذي يستهدف بلوغ هذه الغاية.»

«ولهذا فإن كل ما نطلبه هو أن توفروا للأردن أسباب قوته وثباته، كي يرسخ قواعد أمنه الاقتصادي والاجتماعي ويقوى على بناء قوته العسكرية الأردنية على أرضه الأردنية بحيث يتمكن من الصمود العسكري إلى أن يصله الدعم العسكري العربي عند وقوع العدوان عليه....».

«ان العراق الشقيق جزء من الوطن العربي وجزء من منطقة الشرق الأوسط التي تزداد أهميتها مع تنامي دور التكتلات الاقتصادية في النظام العالمي الجديد وزيادة الطلب على النفط، واتساع السوق الاستهلاكية، وأية خطوة ضد الضعف وضد التخلف في بلد عربي، هي في نظر القوى المتربصة بوطننا خطوة معادية لمصالحها، ولمخططاتها، وإذا كانت إسرائيل قد لعبت في الماضي دوراً هاماً وأساسياً في حماية هذه المصالح والمخططات، فإن دوراً أكبر في انتظارها على ضوء النهاية التي تمت للحرب الباردة، وتدرك إسرائيل الآن ان هذه النهاية وفرت لها فرصة ثمينة، فهي لم تعد ملزمة كما كانت في الماضي بأن تؤدي خدماتها الكبيرة للغرب فقط، بل أنها تستطيع أن تؤدي مثل هذه الخدمات للشرق والغرب معاً، أي دول الشمال الصناعي، وستكون مكاسبها في ظل هذا الوضع أكثر وأكبر، كما أنها ستكون في مأمن من أن يمارس طرف غربي أو شرقي أي نوع من الضغوط عليها. وعلى هذا الأساس بدأت الحملة الظالمة على العراق لأن قيام إسرائيل بدورها المزدوج يتطلب الإبقاء على كل جوهر ومظاهر الضعف والتخلف والانغلاق في الوطن العربي....».

المصدر: « الثورة» (بغداد)، 29/5/1990.