يجب فرض القانون والنظام
كلمات مفتاحية: 
مجزرة الخليل 1994
الخليل
المستوطنون
مفاوضات السلام
نبذة مختصرة: 

في هذه المقالة يدين أريئيل شارون، الذي كان حينها عضواً في الكنيست عن حزب الليكود، مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل ويصفها بالجريمة الخطرة جداً، إلا أنه يعتبر أن هذا العمل هو نتيجة لفقدان ضبط النفس من قبل اليهود الذين يستباح أمنهم. ويرى شارون من ناحية ثانية أن الجريمة ألحقت ضرراً سياسياً بدولة إسرائيل وأن عرفات واليسار الإسرائيلي تمكنوا من تحقيق أهدافهم عن طريق فرض تدخل أميركي مباشر في المفاوضات مع إسرائيل والمطالبة بوجود قوة دولية لحماية الفلسطينيين من شأنها أن تشكل، حسب شارون، غطاء تستتر وراءه المنظمات الإرهابية.

النص الكامل: 

لقد وقع حادث خطر في الخليل؛ جريمة خطرة جداً. جميعنا، باستثناء مجموعة صغيرة متطرفة للغاية، نشعر بالضيق مما حدث. إن سفك دماء الأبرياء بعيد عن أي تفكير يهودي. اليهودية إنسانية. واليهود يختلفون عن غيرهم. فأسفهم حقيقي.

إن خلفية العمل المجنون الذي قام د. باروخ غولدشتاين به، والتي لا تبرر العمل بأية حال من الأحوال، واضحة. عندما يصبح أمن المواطنين الإسرائيليين مستباحاً، عندما تجرنا حكومة إسرائيل إلى أسفل الدرك وتدمر، بيديها، المشروع الصهيوني وأسس الدولة اليهودية، فلا عجب في أن يفقد اليهود الأمل، وأن يفقدوا كل اتجاه وضبط للنفس.

إن هذا العمل البشع، الذي يستحق كل إدانة، أشبه بعمل دعا ياسر عرفات واليسار الإسرائيلي إليه، فقد حقق عرفات أهدافه دفعة واحدة: تدخل أميركي مباشر في المفاوضات مع م. ت. ف.، من أجل زيادة الضغط على إسرائيل لتقديم مزيد من التنازلات، ومطالبة بوجود قوة دولية لـ"حماية الفلسطينيين"؛ قوة ستتستر وراءها المنظمات الإرهابية، التي ستواصل ضربنا بينما ستكون أيادينا ممنوعة من الرد. ساراييفو، لكن في البيت.

اليسار أيضاً نال كسباً بلا كد أو تعب. لقد سنحت له فرصة لتلطيخ سمعة المستوطنين، الذين يمقتهم ، وإلحاق الضرر بهم. إن كراهية الإسرائيليين، شركاء عرفات، للمستوطنين اليهود كراهية عميقة. دعواتهم تتجاوب أصداؤها: "يجب تجريد المستوطنين من أسلحتهم"، "يجب إجلاؤهم"، "يجب فرض حصار على اليهود"، "كريات أربع ورم سرطاني"، "يجب اقتلاع سدوم وعمورة (كريات أربع)"، "ليس الشخص مجنوناً، إنه لمكان مجنون".

لقد لحق بالاستيطان اليهودي ضرر فادح، أعداؤه الداخليون كانوا كمن ينتظر لحظة كهذه. كانوا ينتظرون ذريعة تمكنهم من الإضرار بالاستيطان اليهودي كله، الاستيطان الذي تحافظ أغلبيته الحاسمة على القانون والنظام، والذي يبدي ضبطاً للنفس جديراً بكل الثناء، والذي يعيش في ظروف صعبة، ويواجه أخطاراً، ويدفع الثمن يومياً.

لقد لحق بدولة إسرائيل ضرر سياسي أيضاً، وتضررت صورتها على نحو خطر. لكن ما هو أشد خطورة من ذلك وأكثر مدعاة إلى القلق، الهستيريا التي انتابت الحكومة. إن البلبلة، والفزع، وجلد الذات، كل ذلك يبعث على الخوف. كل شيء يبدو واهناً وضعيفاً للغاية. فجأة، ونتيجة لحالة الذعر، تتنازل إسرائيل عن المبادىء. من دون روية، ومن دون إمعان النظر، تبدي إسرائيل استعداداً لعقد المباحثات مع م. ت. ف. في واشنطن، للتباحث في وضع قوة دولية في يهودا والسامرة، كما ستتباحث بشأن تجريد المستوطنين من أسلحتهم. وثمة وزراء يتوسلون: أطلقوا سراح "المخربين" المعتقلين على الفور. ماذا إذاً سيكون شأن رون آراد، وأين مفقودو الجيش الإسرائيلي؟

ماذا حلّ بنا؟ صحيح أننا ابتلينا بوضع صعب ومربك، لكن هذا هو امتحان للقيادة الحقيقية. لا يجوز التسبب في هدر المصالح الإسرائيلية، حتى ولو كان ذلك في سبيل "إنقاذ المفاوضات"، كما يقول من جلب علينا كارثة أوسلو. لا يجوز أن تؤثر مأساة الخليل في قوة الصمود الإسرائيلية.

ومع أن عملية القتل في الحرم الإبراهيمي تشكل عاراً لمرتكبيها، أو للقلة التي تؤيد مثل هذه الأعمال، فلا يجوز للحكومة أن تشعر بأي التزام لتقديم مزيد من التنازلات.

هل طلبت الحكومة الإسرائيلية من عرفات أي تنازل في إثر اغتيال تسبورا ساسون، ثأر الله دمها، وهي أم وإمرأة حامل، أو في مقابل اغتيال حاييم مزراحي، ثأر الله دمه، على أيدي أعضاء [منظمة] فتح، أو في مقابل اغتيال مربية الأطفال الشابة شلفا أوزانا، والشاب يتسحاق فينستوك، ومردخاي لبيد وابنه شالوم، ثأر الله دمهم، وعشرات الأشخاص الذين اغتالتهم جميع المنظمات الإرهابية منذ توقيع اتفاق أوسلو؟ لم يحدث شيء من ذلك. الحكومة وصفتهم "ضحايا السلام"، ووزراؤها قالوا "هذا ثمن السلام".

ولا يجوز "النظر بتفهم" إلى أعمال الشغب الدامية التي يقوم الفلسطينيون بها والاعتداءات التي يقوم بها رعاع عرب ضد اليهود.

لا يجوز أيضاً ألا يكون حائط المبكى تحت سيطرتنا، كما حدث أمس الأول، وكأننا بذلك "نكفّر عن" العمل الخطر الذي وقع في الخليل.

قبل أية خطوة أُخرى، ينبغي للحكومة أن تعمل فوراً على إحلال الهدوء المطلق، وأن تفرض القانون والنظام، لئلا تنشأ أرضية لظواهر كالتي شاهدناها في الخليل. يجب الإصرار على تطبيق القانون كاملاً غير منقوص، سواء من قِبَل العرب أو من قِبَل اليهود.

 

المصدر: "يديعوت أحرونوت"، الملحق الأسبوعي، 27/2/1994، ص 6.

السيرة الشخصية: 

أريئيل شارون: عضو كنيست عن الليكود.