هل يبدأ مخطط الضم بثلاث كتل استيطانية كبرى؟
التاريخ: 
11/06/2020
المؤلف: 

يقترب تاريخ الأول من تموز/يوليو الذي حدده بنيامين نتيناهو موعداً للتقدم بمخططه لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية؛ فهل سيحقق نتنياهو  في هذا التاريخ حلمه بضم منطقة الأغوار والكتل الاستيطانية وجميع المستوطنات المقامة في الضفة الغربية المحتلة، أم أنه سيكتفي، خصوصاً في وقت لم تنته فيه اللجنة المشتركة الإسرائيلية –الأميركية المكلفة برسم حدود المناطق المرشحة للضم من عملها، وفي ظل المعارضة التي تواجه مخطط الضم الواسع وخصوصاً منطقة الأغوار، سيكتفي بخطوات ضم جزئية في مرحلة أولى؟

ينقل الصحافي شلومو يروشالمي، في تايمز أوف إسرائيل، في 10 حزيران/يونيو الجاري، عن مسؤولين إسرائليين كبار رفضوا الكشف عن أسمائهم، أن بنيامين نتنياهو سيعلن في مرحلة أولى ضم ثلاث كتل استيطانية هي "معاليه أدوميم" شرق القدس، و"أرييل" شمال الضفة الغربية، و"غوش عتصيون" في جنوبها، وسيؤجل إلى مرحلة لاحقة ضم المناطق الأخرى التي أعرب عن عزمه على ضمها، بما فيها منطقة الأغوار. ونقل الصحافي نفسه عن مصادر عليمة قولها إن اللجنة المشتركة الإسرائيلية الأميركية التي تشكلت لوضع خرائط حدود المناطق التي ستضمها إسرائيل لم تنه عملها، بل ربما ستحتاج إلى أسابيع وربما إلى أشهر أخرى من العمل، كما أن الجيش الإسرائيلي لم يعرف إلى الآن بدقة ما هي الخطوات التي يعتزم نتنياهو القيام بها بشأن مخطط الضم.

ويعتقد يروشالمي أن هناك |جماعاً في إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية على إمكانية ضم هذه الكتل الاستيطانية الثلاث، التي تمتلك حدوداً واضحة، حتى في حالة التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين قائم على أساس حدود 1967 وتبادل للأراضي، وأن التركيز على هذه الكتل سيجنب إسرائيل الدخول في نزاع مع الأردن، وهو نزاع تتخوف منه الإدارة الأميركية[1]

فما طبيعة هذه الكتل الاستيطانية الثلاث؟

يشير مصطلح الكتلة الاستيطانية  إلى منطقة في الضفة الغربية أقامت إسرائيل عليها تجمعاً من المستوطنات القريبة من بعضها بعضاً، وتضم عموماً مدينة كبيرة. وهذه المناطق الاستيطانية الواسعة أقيمت بغية الضم الفعلي لأراضيها، وتجزئة مناطق الضفة الغربية المحتلة. وإذ تستفيد حكومات إسرائيل من عدم تحديد عدد هذه الكتل الاستيطانية ومساحتها، فإن  هناك من يحدد هذه الكتل الكبرى بست هي: موديعين، وغوش عتصيون، وجفعات زئيف، وأرييل، وشومرون، ومعاليه أدوميم. وستكون "الكتل الاستيطانية" وجدار الفصل العنصري حدوداً تحيط  بالبانتوستان الفلسطيني. وخلافاً للمستوطنات التي أقامتها حركة المستوطنين، فإن الكتل الاستيطانية أقيمت في مناطق استراتيجية في ظل حكومات أحزاب الليكود والعمل وكديما، وهي صممت كي تضمن سيطرة إسيرائيلية على تنقلات الفلسطينيين، وعلى حدودهم، وعلى وصولهم إلى المياه وإلى القدس. ومنذ سنة 1995، أقامت السطات الإسرائيلية طرقاً التفافية في جميع المناطق المحتلة، مخصصة لليهود وحدهم، كي تمكنهم من تجنب المرور عبر المدن والقرى الفلسطينية.  

ويزعم بعض السياسيين الإسرائيليين أن هذه الكتل التي ستضمها إسرائيل تشكل 5 ، 5 % من مساحة الضفة الغربية، بيد أن هؤلاء السياسيين لا يراعون في حسابهم مستوطنات القدس الشرقية، التي ضمتها إسرائيل. والواقع، أن إسرائيل ضمت فعلاً 2، 10 % من مساحة الضفة الغربية الواقعة بين الخط الأخضر وجدار الفصل العنصري، بما في ذلك الكتل الاستيطانية. وبات نحو 80 % من المستوطنين يقيمون حالياً غرب جدار الفصل وداخل الضفة الغربية[2].

الكتلة الاستيطانية أرييل

أنشئت  مستوطنة أرييل في  سنة 1978 كواحدة من المستوطنات الكبرى في الضفة الغربية، على تلة استراتيجية شمال مدينة سلفيت وجنوب غرب مدينة نابلس، ويقيم فيها أكثر من 20000 مستوطن، معظمهم ينتمون إلى الفئات الوسطى العلمانية ومن ضمنهم عدد كبير من المهاجرين الروس، كما أقيمت فيها أول جامعة إسرائيلية في الضفة الغربية، يدرس فيها حالياً نحو 16000 طالب. وهي تبعد نحو 19 كيلومتراً عن "الخط الأخضر"، وتحيط بمدن وقرى فلسطينية من جميع الجوانب.  وتضم كتلة أرييل نحو عشر مستوطنات مختلفة. وقد أقيم في سنة 2008 طريق سريع كي يربطها بمدينة تل أبيب التي تبعد عنها نحو 40 كيلومتراً. وتمتلك المستوطنة، التي تتمتع بوضعية  بلدية، عشرات المصانع، والمخازن الكبيرة، ومسرح كبير وحديقة صناعية. وهي معروفة بمستوى الحياة الجيد فيها، وبخدماتها الحسنة، وبالتكلفة المنخفضة لمساكنها، والمستوى الجيد للتعليم فيها، ولتوفر الوظائف فيها. وقد تطورت بالقرب منها باركان المعروفة بأنها من أهم المناطق الصناعية في الضفة الغربية. وتعاني المستوطنة اليوم من أزمة سكن، ويدعو سكانها السلطات الحكومية إلى بناء وحدات سكنية جديدة فيها، ويطمحون إلى أن يصل عددهم في المستقبل إلى  90000  مستوطن. وخلافاً لمعظم زملائه في مجلس رؤساء يلديات المستوطنات، لا يمانع رئيس بلدية أرييل إيلي شافيرو في قيام دولة فلسطينية بحسب "خطة السلام" التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب[3].

الكتلة الاستيطانية غوش عتصيون

تقع كتلة غوش عتصيون بين شرق القدس وبيت لحم وتمتد حتى الضواحي الشمالية لمدينة الخليل،  وتضم حالياً 22 تجمعاً استيطانياً. وتقع في قلب هذه الكتلة الاستيطانية المستوطنة الأقدم في الضفة الغربية، وهي كفار عتصيون (قرية صهيون)، التي أقيمت في سنة 1967، وأنشئ فيها أول كيبوتز ديني، وسكنها 450 مستوطن. وفي سنة 1969، أقيمت مستوطنة جديدة بالقرب منها وعلى شاكلتها، ومستوطنة ثالثة في سنة 1977. ولكن مستوطنة كفار عتصيون تطورت مع الأيام وهي اليوم تضم أكثر من  20000 مستوطن. أما المستوطنة الأكبر في تكتل غوش عتصيون فهي  بيتار عيليت ويقطنها يهود حريديم، يبلغ عددهم نحو  16500، وشعارها: "مدينة من التوراة في جبال يهودا". ومنذ تأسيسها في سنة 1990 واصلت توسعها بسبب قربها من القدس. وهي تحولت إلى المدينة الثالثة في المناطق المحتلة وتمتعت بوضعية بلدية، وتليها من حيث الأهمية مستوطنة أفرات. وتتصل كتلة هذه المستوطنات بمدينة القدس عبر طرق وأنفاق، ويذهب سكانها بصورة منتظمة للصلاة في القدس وتنقلهم باصات خاصة مرات عدة في اليوم. وكان نتنياهو قد أعلن أن  كتلة غوش عتصيون، التي يقيم في مستوطناتها اليوم  نحو 70000 مستوطن، هي "جزء لا يتجزأ من القدس الكبرى" [4].

معاليه أدوميم مدينة  في ضواحي القدس

توسعت حدود بلدية القدس بصورة تدريجية، وولدت بالتوازي مع هذا التوسع  مدن ضواحي وتوسعت حولها. والمدينة الأكبر في ضاحية القدس هي معاليه أدوميم التي تضم حالياً  أكثر من 40000 مستوطن، وهي في توسع مستمر. وكانت قد أقيمت بمبادرة من حكومة رابين في سنة 1974، التي قررت إقامة منطقة صناعية على تلة على بعد 10 كيلومترات إلى الشرق من القدس. لكن العاملين فيها ضغطوا على السلطات الحكومية كي يتمتعوا بإمكانية السكن في الموقع نفسه، ومنحتهم الحكومة مساحة سكنية. وفي أواخر سنة 1975 قررت 23 عائلة وستة أشخاص البقاء بصورة دائمة في هذا المعسكر السكني. وبعد عامين، أضفت حكومة الليكود الشرعية على وجود معاليه ادوميم. وفي سنة 1979 صارت المستوطنة تضم أكثر من 2000 مستوطن، وبعد عشر سنوات بلغ عدد سكانها 13000، وفي سنة 1992 تمتعت بصفة البلدية مع 15500 مستوطن، ثم تجاوزت بعد ثلاثة أعوام عتبة الـ  20000 مستوطن. وهذا النمو يفسر بتضافر مجموعة من العوامل، وهي: القرب من مدينة القدس، تدني أسعار العقارات، شروط الحياة الجيدة، توافر الوظائف، نظام تعلمي جيد. وتجدر الإشارة إلى أن أكثرية سكانها لم يسكنوا فيها لاعتبارات دينية أو قومية. وفي سنة 1995، اتصلت المستوطنة بالقدس عبر طريق سريع يمكن أن يتواصل حتى تل أبيب من دون المرور بالقدس. ويفضي في الشرق نحو أريحا وغور الأردن والبحر الميت.  وتضمن الأمن فيها وحدات من الشرطة البلدية.

وكان بنيامين نتنياهو قد أعلن، في 25 شباط/فبراير الفائت، عن مخطط بناء 3500 وحدة سكنية في المنطقة المعروفة باسم (E1) التي تمتد على مساحة 12 كيلومتراً مربعاً، وتقع بين القدس الشرقية ومستوطنة معاليه أدوميم، وهو مشروع ستكون له عواقب وخيمة على الفلسطينيين، إذ إنه سيوصل بين مجموعة المستوطنات التي تمتد من القدس الشرقية وحتى الحدود مع الأردن، بما يخلق فصلاً بين الجزء الشمالي من الضفة الغربية وجزئها الجنوبي. كما أن الاستيطان  في هذه المنطقة سيعزل جغرافياً القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية. وسيكون من نتائجه التهجير القسري لآلاف من  البدو الفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المنطقة. فهناك حالياً نحو 8000 من هؤلاء البدو يعيشون في 46 تجمعاً واقعاً بين القدس الشرقية وشمال البحر الميت. وتخطط السلطات الإسرائيلية منذ سنوات لنقلهم بالقوة. وبعض هذه التجمعات تقع ضمن المنطقة التي يغطيها هذا المخطط[5].

 

[1] https://fr.timesofisrael.com/netanyahu-annexera-dabord-3-blocs-dimplantations-et-non-la-vallee-du-jourdain/

[2]  Ben White, « Pourquoi Israël a inventé le concept de « blocs de colonies » »

https://www.middleeasteye.net/fr/opinion-fr/pourquoi-israel-invente-le-concept-de-blocs-de-colonies

http://www.ism-france.org/temoignages/Les-blocs-de-colonies-israeliennes-morcellent-la-Cisjordanie-article-7766

[3]  Stéphanie Valdmann, «Approches de la diversité des colonies israéliennes »,  Hérodote 2001/4 (N°103), p. 118 -136; https://www.liberation.fr/planete/2020/02/21/cisjordanie-ariel-laboratoire-d-annexion_1779220

[4]  http://www.ism-france.org/analyses/Qu-est-ce-que-le-bloc-de-colonies-de-Gush-Etzion--article-5573

Hervé Amiot, « Les implantations israéliennes en Cisjordanie (2) : histoire d’une colonisation depuis 1967 »,

https://www.lesclesdumoyenorient.com/Les-implantations-israeliennes-en-Cisjordanie-2-histoire-d-une-colonisation.html

[5]  -« Colonies israéliennes : les conséquences du « plan E1 » sur le terrain »,

https://plateforme-palestine.org/Colonies-israeliennes-les-consequences-du-plan-E1-sur-le-terrain;

https://fr.qwe.wiki/wiki/Ma%27ale_Adumim