Iman Nafi’ and Nael Barghouthi: A Love Story Awaiting Freedom
Date: 
July 14 2020
Author: 

تعيش عائلات الأسرى في سجون الاحتلال، حالة ترقب بانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات غير المباشرة بين حكومة الاحتلال وفصائل المقاومة في قطاع غزة، لإبرام صفقة تبادل أسرى جديدة.

إيمان نافع زوجة عميد الأسرى وأقدم أسير في العالم نائل البرغوثي (40 عاماً في سجون الاحتلال) تعيش الترقب مضاعفاً، فبينما تراقب تطورات مفاوضات صفقة التبادل من جهة، فإنها من جهة أُخرى تنتظر قرار محكمة الاحتلال العليا، بشأن الاستئناف الذي تقدمت به مع عائلات أسرى صفقة تبادل وفاء الأحرار الذين أعادت قوات الاحتلال اعتقالهم، وأعادت الأحكام السابقة المفروضة على عدد من الأسرى قبل الإفراج عنهم.

وكانت محكمة الاحتلال العليا أجلت في 7 تموز/يوليو النظر في الاستئناف حتى الثامن من أيلول/ سبتمبر 2020، علماً بأن عدد الأسرى الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم في حزيران/يونيو 2014، في حملة شنتها قوات الاحتلال في الضفة عقب اختطاف 3 مستوطنين بمدينة الخليل، بلغ 70 أسيراً بقي منهم 50 حتى الآن في السجون.

وتعزو إيمان يقينها إلى ثقتها في المقاومة الفلسطينية التي وضعت شرطاً قبل تنفيذ أي من بنود صفقة تبادل جديدة، وهو الإفراج عن أسرى وفاء الأحرار الذين تمت إعادة اعتقالهم، على الرغم من أنها لم تتوقع أن تعيد سلطات الاحتلال حكم المؤبد على نائل، بعد أن حكمت عليه بالسجن 30 شهراً بعد إعادة اعتقاله.

وقد شكّلت إعادة الحكم صدمة كبيرة لإيمان ونائل في الوقت نفسه، ولا تزال جلسة المحكمة ماثلة في ذهنها حتى اللحظة قائلة: "لقد توجهنا إلى المحكمة ونحن نُمني النفس بعودة نائل معنا، وقد كنا مستعدين لذلك، لكن الاحتلال فاجأنا بإعادة حكم المؤبد عليه من دون إعطاء الأسباب لذلك، بذريعة وجود ملف سري ضده، لقد كان مشهداً قاسياً علينا، فنائل الذي عاش جلّ حياته في السجون، لم يعش معنا سوى 32 شهراً."

تخفي إيمان مشاعرها الخاصة أمام الناس ولا تفضل إظهارها كما تقول، لكنها بعد صدور الحكم على نائل بإعادة الحكم المؤبد نظرت إليه وقالت له: "ستعود إلى المنزل وسننتظر عودتك .... بحبك،" وتضيف "شعرت آنذاك أن نائل بحاجة إلى أن أقول له بحبك، وأنني سأستمر معه طوال الحياة وأنتظره."

لم يكن قرار إيمان آنياً، فبعد شهرين من صدور الحكم، تمكنت من زيارته للمرة الأولى، وفي تلك الزيارة منح نائل إيمان حرية الاختيار ما بين الاستمرار معه أو الانفصال لاستكمال حياتها، لكنها كانت قد حسمت أمرها وأكدت له استمرارها معه، وأنها ستنتظره حتى انتزاع حريته. وعن قرارها تقول: "ليس لأنه زوجي، بل هو أيضاً رمز من رموز الشعب الفلسطيني الذي ضحى بحياته من أجلنا، وهو بنظري بطل خيالي، وقد ارتبطت به دون أن أراه."

كانت كلمة "بحبك" كفيلة بإعادتنا إلى بداية قصتهما سوية قبل 42 عاماً، التي راحت إيمان ترويها بأدق تفصيلاتها وكأنما تعيشها كل يوم، كي تبقي ذلك الحب ناضجاً ويانعاً بانتظار أن تُتوّجه الحرية، التي تراها إيمان قادمة لا محالة.

بدأت حكاية إيمان نافع التي كانت تنتمي إلى حركة "فتح الانتفاضة" بنائل البرغوثي منذ اعتقالها سنة 1987، قبيل مشاركتها في عمل فدائي بمدينة القدس المحتلة، حيث أمضت 10 أعوام في سجون الاحتلال، وأُفرج

عنها بعد إبرام اتفاقية طابا بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال آنذاك، مع بقية الأسيرات الفلسطينيات اللاتي ناهز عددهن 25 أسيرة.

حينها، اضطرت إيمان إلى إجراء مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي تحدثت خلالها عن نيتها تنفيذ عملية فدائية بالقدس، في سياق ترويج الاحتلال لإنجاز أمني مهم، في مقابل الإفراج عن والدتها المريضة وشقيقها، تلك المقابلة التي رأها نائل البرغوثي الذي كان آنذاك في تنظيم "فتح الانتفاضة" وقد مضى على اعتقاله 9 أعوام، وعلى أثرها طلب نائل من شقيقته زيارة إيمان في السجن والتعرف عليها.

بعد شهر من الإفراج عن إيمان سنة 1997، أرسل نائل والديه لطلب يدها للزواج، لكن لم يحصل نصيب، وكانت تلك المرة الأولى التي تسمع بها إيمان اسم نائل، لينتهي أحد فصول قصتهما هنا، فإيمان تزوجت مدة 5 سنوات وأنجبت طفلها عبد الله الذي يدرس حالياً في جامعة بيرزيت، لكنها انفصلت عن زوجها بسبب عدم سماح الاحتلال له بالقدوم إلى فلسطين، ومنعها من السفر إلى الخارج.

ثم بدأ الفصل الثاني من رواية إيمان ونائل، الذي كان متابعاً أخبارها، فأرسل مرة أُخرى عائلته لطلب يدها، فكان أمراً غريباً عليها، وبحكم عملها في مجال الأسرى بدأت الاستفسار عنه، فكان نائل كما الأبطال في الكتب والروايات، وأعطت موافقة مبدئية على الارتباط، وبدأ التواصل بينهما من خلال الرسائل والتلفونات المهربة، حتى عرض عليها عقد القران وهو في السجن، الأمر الذي رفضته إيمان، كي تمنح علاقتهما الوقت الكافي وليقتنعا معاً.

كانت إيمان في صفوف المستقبلين لنائل والأسرى المفرج عنهم في صفقة تبادل الأسرى، بحكم نشاطها في مجال الأسرى، وهناك التقت به جسدياً بشكل مباشر أول مرة وصافحها، وبعد شهر من الإفراج عنه تم الزواج في عرس وطني كبير في مدينة البيرة.

32 شهراً عاشهما إيمان ونائل في بيتهما، تشاركا فيه كل شيء؛ المناسبات الاجتماعية، والفعاليات الوطنية وتحديداً مع الأسرى، وقطف الزيتون، وزراعة الأشجار المثمرة حول المنزل، كما سعيا لإنجاب طفل عن طريق التلقيح الصناعي ولم ينجحا.

تمر حياة الأسرى بأوضاع صعبة جرّاء سياسة الإهمال ولا سيما في المجال الصحي، وقبل أيام أُعلن استشهاد الأسير سعيد الغرابلي نتيجة تلك السياسة، وفي ظل استفحال وباء كوفيد – 19 وتفشيه في إسرائيل، فإن القلق من وصول الفيروس إلى الأسرى يسيطر على عائلاتهم، ولعل هذا الأمر يقلق إيمان بشكل كبير في هذا الوقت، لافتة إلى أن نائل قال لها في إحدى زياراتها: "اتخيلي إني استشهد داخل المعتقل ويضعوني في ثلاجة،" مضيفة: "كان نائل يتحدث بذلك أول مرة، لكن من الطبيعي أن يفكر بذلك وهو الذي أمضى عمره في السجن، أحياناً أفكر بذلك فيصيبني خوف وحزن."

لم يكن تفكير نائل في الاستشهاد لحظة ضعف، وإنما بسبب استمرار استشهاد أسرى نتيجة الأمراض والإهمال الطبي الذي تنتهجه سلطات الاحتلال، كما تقول إيمان موضحة: "نائل دائماً قوي بداخله، على الرغم من أنه أكثر إنسان يتألم، وما يميزه أنه لا يظهر وجعه، ربما أنا الوحيدة التي شاهدته وهو يبكي حين تذكر والديه اللذين توفيا وهو في السجن."

أمّا بشأن ما يثار في وسائل الإعلام من حديث عن قرب إبرام صفقة تبادل أسرى بين المقاومة وحكومة الاحتلال، تبدو إيمان أكثر ثباتاً واتزاناً بشأن ما ينشر بحكم خبرتها بالسجون، وما تدركه عن لجوء سلطات الاحتلال إلى المماطلة بهذا الشأن.

وعن ذلك، تقول إيمان: "خلال فترة اعتقالي كان هناك تلاعب دائماً بشأن الإفراج عنا، هذا جعلني لا أتقبل التفكير بالإفراج إلى حين فتح أبواب السجن، وصدور قرار بالإفراج عنا، لقد خضنا تجربة صعبة في هذا المجال."

وكان اتفاق طابا سنة 1995 قد تضمن الإفراج عن الأسيرات، لكن الاحتلال حاول التلاعب بذلك الأمر، حين اختار 5 أسيرات ورفض الإفراج عنهن بزعم أن "أياديهن ملطخة بالدماء"، وهو ما دفع الأسيرات إلى اتخاذ موقف موحد برفض الإفراج والبقاء في السجن حتى الإفراج عن جميع الأسيرات.

ومن أجل منع الإفراج عنهن بالقوة، لجأت الأسيرات إلى الغرف، وأغلقنها من الداخل بالأسرّة، وهددن بإحراق أنفسهن في حال إجبارهن على مغادرة السجن، حتى تراجع الاحتلال عن الإفراج عنهن بالقوة، وبعد ذلك بذلت جهود وضغوط شعبية وسياسية حتى جرى الإفراج عن جميع الأسيرات.

هذه التجربة، تقول إيمان جعلتها حذرة، وأجبرتها على التحكم في مشاعرها واتزانها بشان نائل وما ينشر حول صفقة التبادل وموافقة إسرائيل، لأن كل شيء يمكن أن يتغير في لحظة.

وأضافت "أنا أتابع ما يجري، وأعلم أن المقاومة متمسكة بشرطها المتعلق بالإفراج عن أسرى صفقة وفاء الأحرار، وأُدرك أن نائل بعد العمر الذي أمضاه في السجن لن يُترك، وفي أي تبادل سيكون موجوداً، لكن ما يؤلم أكثر أن السنوات التي تمرّ ونائل في السجن هي من عمره الذي يمضي، مستذكرة ما قاله في إحدى المقابلات: "أن باب سجن إيشل الحديدي تغير مرتين أمام عينيه بعد أن أصابه الصدأ،" في إشارة إلى الزمن، لكنه صامد وبهمة ومعنوية عالية.

تعتني إيمان بالأشجار التي زرعتها مع نائل حول المنزل، تلك الأشجار التي لم يأكل نائل من ثمارها، تصور تلك الأشجار بين حين وآخر وترسلها إلى نائل في السجن لتبقيه معها في المنزل، وفي كل صباح تحاول جاهدة أن يصل صوتها عبر المذياع إلى نائل عبر إحدى القنوات المحلية، فنائل كما أخبر أحد الأسرى المحررين إيمان "يجلس صباحاً ليستمع إلى رسالتها ويطمئن على أخبار الأهل والأصدقاء، ومن ثم يبدأ يومه بلعب الرياضة والتنقل وممارسة حياته بنفسية وعزيمة قوية، وفي اليوم الذي لا يسمع صوت إيمان، فإن يومه يبقى غير مكتمل."

From the same blog series: On the Prisoners' Swap Agreements

Read more