Electronic Artistic Initiatives As An Alternative to Live Performances
Date: 
June 30 2020

من منا كان يفكر في أن العالم سيتغير بهذا الشكل؟ شاهدنا أفلام الخيال العلمي، وأفلاماً عن الكوارث، لكننا لم نفكر في أن العالم الذي نعيش فيه سيتغير! تحدثنا عن أهمية التواصل والتضامن بين الشعوب، لكن في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أن العالم أصبح قرية صغيرة، فإن العلاقات بين البشر أصبحت أكثر بشاعة. إلى أن جاءت جائحة كورونا؛ فأصبحنا متضامنين أكثر مع بعضنا البعض، نخاف على صحتنا بلا تفرقة وبلا حدود، نراقب الحالات في كل دول العالم. ومع ذلك لا تزال بعض الدول تمارس عنصريتها واستعمارها كما شاهدنا عنصرية الشرطة الأميركية في القتل على خلفية العرق، وكما نشاهد يومياً الانتهاكات الإسرائيلية بحق شعبنا الفلسطيني الذي أصبح يعاني جرّاء وبائي كورونا والاحتلال.

والشعب الفلسطيني يعيش منذ 72 عاماً في ظل حالات طوارئ مستمرة وإن اختلفت أشكالها، واستطاع خلالها أن يبتكر ويبدع أنماطاً معيشية تعزز من صموده، ولعل الانتفاضة الفلسطينية في سنة 1987 أكبر مثال على إبداع الشعب الفلسطيني من خلال التعليم الشعبي، والاقتصاد المنزلي.

وقد استطاع الشعب الفلسطيني، وبسرعة، التأقلم مع وباء كورونا؛ ففي مجال الثقافة والفنون باشرت المؤسسات الثقافية والفنية والفنانون المستقلون إطلاق مبادرات ثقافية وفنية متنوعة من خلال استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لتعزيز التواصل مع الجمهور، والتعبير عن الأفكار والهواجس والمشاعر تجاه هذا الوباء.

ومع انتشار فيروس كورونا، ومع سياسة الحجر الصحي والتزام الناس بيوتهم، ومع إغلاق المدارس والجامعات والمؤسسات، وتوقف عجلة الحياة بشكلها الطبيعي، ولأن البشر بطبيعتهم محبون للحياة؛ بدأت مبادرات متعددة تظهر لتعزيز صمود الناس وتعزيز تواصلهم واستمرار حياتهم، من ضمنها مبادرات لنشاطات وتظاهرات ثقافية وفنية، ونشر الأعمال الفنية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتنظيم تدريبات، وغيرها من النشاطات. وتُعتبر هذه المبادرات مهمة لاستمرارية الحياة، ولنشر الأعمال الفنية بشكل أوسع.

وقد تنوعت المبادرات الثقافية والفنية واتخذت أشكالاً متنوعة، كقيام مؤسسات مانحة محلية وعربية ودولية بتقديم منح لفنانين مستقلين ولمؤسسات ثقافية وفنية، منها مبادرة وزارة الثقافة الفلسطينية "إبداع" التي خُصصت لدعم الفنانات والفنانين الأفراد لإنتاج أعمال إبداعية ونشرها، ومبادرة مؤسسة عبد المحسن القطان لتقديم دعم للفنانين والفنانات في ظل الأوضاع الاستثنائية التي فرضها واقع انتشار وباء كورونا حول العالم، وقُدمت المنح لـ 57 فناناً فلسطينياً. ومبادرة المعهد الفرنسي "يوميات وباء" التي أُقيمت بالتعاون مع سرية رام الله الأولى، ومركز خليل السكاكيني، والمسرح الوطني الفلسطيني في القدس، ومجموعة شبابيك في غزة والتي قدمت منحاً لـ 11 فناناً فلسطينياً لإنتاج أعمال فنية يتم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى مبادرات مجموعة من الصناديق العربية مثل الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق) "منحة دعم الفنانين الاستثنائية" تضامناً مع الفنانات والفنانين والممارسين الثقافيين ممّن تأثرت ممارساتهم الإبداعية ومداخيلهم بشكل سلبي بسبب أزمة فيروس كورونا، ومبادرة مؤسسة المورد الثقافي التي أطلقت برنامج المنح الاستثنائية لدعم الفنانين والكتّاب، بالإضافة إلى العديد من المبادرات كمبادرة المؤسسة الثقافية السويسرية – بروهلفتسيا، ومعهد غوته.

وقام العديد من المؤسسات الفنية والفنانين المستقلين بنشر أعمالهم الفنية من عروض مسرحية وغنائية وعروض رقص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فساهم هذا العمل في إيجاد جمهور جديد. وبغض النظر عن التقييم الفني والتقني لهذه المبادرات والعروض الفنية، فلا شك في أنها ستشكل مستقبلاً وثيقة مهمة تؤرخ لهذه المرحلة، وهذا يحتاج إلى اهتمام بتوثيق كل ما أُنتج من أعمال فنية خلال تلك الفترة.

ومن المبادرات المهمة التي تم تنظيمها في ظل جائحة كورونا أيضاً، قيام العديد من المؤسسات بعقد لقاءات واجتماعات للمؤسسات الثقافية والفنية والفنانين المستقلين لمناقشة دور الثقافة والفن في ظل جائحة كورونا، منها مبادرة مؤسسة التعاون التي عقدت جلسة عصف فكري حول "دور قطاع الثقافة في عملية التمكين الاقتصادي في مرحله ما بعد أزمة كورونا"، والتي انبثق منها لقاء آخر دعت إليه سرية رام الله الأولى لمناقشة التحديات التي تواجه المؤسسات الثقافية في ظل هذه الجائحة.

 في الختام يبقى هناك تساؤلان: أولاً، هل تشكل هذه المبادرات وهذه العروض، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بديلاً من العروض الحية؟ بالنسبة إليّ، بالتأكيد هي لا تشكل بديلاً؛ فالفنون الأدائية بحاجة إلى علاقة مباشرة بالجمهور. لكن من المهم التفكير مستقبلاً في ضرورة العمل على استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر الأعمال الفنية، وذلك يحتاج إلى تقنيات ووسائل، وألاّ يكون الأمر مجرد ردة فعل و"فزعة". وثانياً، هل ستسمر عملية تقديم المنح للفنانين المستقلين، أم ستمر منحهم مستقبلاً من خلال بيروقراطية المؤسسة؟

From the same blog series: Art and Culture During the Pandemic
راديو الحارة
Yazan Khalili
Mohanad Yaqubi
من اعلان لمعرض رقمي لمركز خليل السكاكيني
Ahmad Melhem
Jack Persekian

Read more