حديث صحافي لزعيم حزب العمل الإسرائيلي شمعون بيرس، 2/5/1991
النص الكامل: 

[.......]

س ـ بعد شهرين من حرب الخليج، يبدو أن المعراخ والليكود عادا إلى مواقفهما التقليدية، وكأن شيئاً لم يحدث في تلك الحرب.

ج ـ ليست المسألة ما إذا عاد الحزبان إلى مواقفهما، وإنما هل عاد الوضع إلى ما كان عليه. الصراع ليس جديداً، لكن الوضع الذي نشأ هو جديد تماماً. أنا سعيد لأنهم في الليكود يظهرون فجأة حباً لاهباً لحسين وللأردن، وللخيار الأردني ـ الفلسطيني، ويوافقون على مؤتمر إقليمي، ويوافقون على الافتتاح...

س ـ لماذا أنت ساخر؟

ج ـ لأنهم كانوا يهاجمونني بسبب هذه الأشياء بالذات. لقد استغرقهم الوصول إلى ذلك أعواماً عديدة، لكن شيئاً لن ينجم عن هذا.

س ـ لماذا؟

ج ـ لأن شمير هو رجل كلمات. إنه لا يقاتل من أجل المناطق، إنما يقاتل من أجل النصوص. غزة، مثلاً، ليست في أيدينا. إن غزة هي قطاع كلمات بالنسبة إلى شمير.

س ـ وفقاً لهذا المنطق، فإن القدس الشرقية أيضاً لم تعد في أيدينا.

ج ـ لا شك في أن القدس أصبحت أقل توحداً منذ  صعود الليكود إلى السلطة. إن السياسات المتطرفة قد أعطت ثمارها المُرة.

س ـ إذا كان الليكود يعتمد اليوم على الأردن وعلى الخيار الأردني. فلعل ذلك يكون المخرج من الجمود الحالي؟

ج ـ لا، ليس ثمة مخرج، لأنهم في الليكود ليسوا على استعداد للتوصل إلى الاستنتاجات المترتبة على ذلك. إن الافتراض أن حسين والفلسطينيين سيأتون إلى المفاو      ضات بناء على تصريح لشمير أنه لن يتنازل عن أراض ما دام حياً هو افتراض أحمق. في الحقيقة لا تنازل هنا. يجب التخلص من الأراضي التي هي ليست تحت سيطرتنا [فعلاً] والتي تشكل عبئاً على كاهل دولة إسرائيل.

س ـ لماذا على شمير أن يعلن استعداده للتنازل عن أراض في مستهل المفاوضات؟

ج ـ لماذا يعلن عدم استعداده؟ ليس الأمر هنا أمر إعلان. إن المضمون هو الأساس. وعدا عن ذلك، ليس شمير هو من يقرر. من يريد أن يفهم سياسة الحكومة، عليه أن يذهب إلى "تحيا"، إلى "تسومت" وإلى "موليدت" ويسألها. من دونها، ليس لشمير حكومة. لا عجب، إذاً، أن يقول دافيد ليفي شيئاً للأميركيين، ويقول شمير شيئاً آخر لـ "تحيا".

س ـ بحسب أسلوبك ونظرتك إلى العالم، ثمة شك أيضاً في أنك كنت ستجد شريكاً عربياً في المفاوضات.

ج ـ إن العلاقات بين الشعوب ليست قصة حب. الحب لا يقوم إلاّ بين رجل وامرأة. أما العلاقات بين الشعوب فتتميز بدرجات متفاوتة من العنف أو من التعاون. والاتفاق الذي تم توقيعه مع مصر يدل على أن في الإمكان التوصل إلى اتفاق مع الأردن ومع الفلسطينيين.

س ـ إنك لم تجب عن السؤال بعد.

ج ـ جوابي هو نعم. بجَلاء. كنت سأجد شريكاً عربياً. أمضيت ساعات من التحادث مع الأردن أكثر من أي شخص آخر.

[.......]

س ـ هل لديك معلومات حديثة عن اتجاهات الأردن والملك حسين السياسية بعد حرب الخليج؟

ج ـ نعم، قطعاً.

س ـ ما هي؟

ج ـ حسين يقول اليوم إنه إذا أراد الفلسطينيون أن يأتوا معه إلى المفاوضات ضمن وفد مشترك، فإنه سيوافق. والفلسطينيون أيضاً مستعدون اليوم، أكثر من أي وقت مضى، للذهاب إلى مثل هذه المفاوضات.

[.......]

س ـ هل تحدثت عن هذه الأمور كلها مع جيمس بيكر في لقائك الأخير معه؟

ج ـ أجل. لقد أظهر بيكر اهتماماً كبيراً بفكرة الكونفدرالية. وشرحت له أنني أرى هذه الكونفدرالية على نمط سويسرا، القائمة على كانتونات. إن سويسرا قائمة منذ 700 عام ككونفدرالية. الكانتونات الثلاثة التي أراها عندنا هي: غزة، الأردن، وأجزاء من يهودا والسامرة.

س ـ وبم أجاب بيكر؟

ج ـ لقد أعطى الإجابة بأن التقى، بعد لقائه معي، وزير الخارجية الأردني، والآن الرئيس الأميركي يدعو الملك حسين إلى واشنطن.

س ـ أي أن الأميركيين يحاولون الآن إحياء اتفاق لندن والخيار الأردني الذي قلت به؟

ج ـ أجل. أنا لا أريد أن أدّعي أبوة الفكرة، لكن هذا هو الحل الوحيد الممكن.

س ـ وهل سيقبل الفلسطينيون الفكرة؟

ج ـ لقد تحدثت مع فلسطينيين بارزين، وقالوا لي أنهم يقبلونها قطعاً.

س ـ هل سيوافقون على انسحاب إسرائيلي جزئي من المناطق؟

ج ـ عندما أتحدث عن حل إقليمي وسط، ينبغي أن يكون واضحاً أن على العرب أيضاً أن يقدموا تنازلات. وكما أن لا خيار في الحرب إلا الانتصار، كذلك في السلام لا خيار سوى التنازل.

س ـ أكرر السؤال: هل سيوافق الفلسطينيون على حل إقليمي وسط؟

ج ـ ينبغي ممارسة الضغط على الفلسطينيين أيضاً. ينبغي أن يمارس عليهم ضغط يفوق ما يمارس على إسرائيل. وفي الحقيقة، ينبغي ممارسة الضغط عليهم وحدهم. لقد أضاعوا فرصاً كثيرة، وهم يدركون ذلك. إذا أدركوا ألا خيار آخر أمامهم، فإنهم سيقبلون هذه الفكرة.

س ـ كيف استقر استعدادك لحل إقليمي وسط في ضوء دروس حرب الخليج؟

ج ـ يتضح أن الخطر لا يبدأ من الحدود، وإنما من نقطة إطلاق الصاروخ. إذا كان الصاروخ يطلق علينا من مسافة 1000 كلم، لا يمكننا الاستمرار في الحديث عن حدود أمنية من 30 كلم. يجب ألاّ نقلق إزاء الحدود فقط ـ وأنا لا أستخف بالحدود ـ وإنما إزاء العلاقات أيضاً.

س ـ لو لم تكن المناطق في أيدينا، لكان من الممكن أن تُطلق الصواريخ في اتجاهنا من مسافات أقصر كثيراً، ولكانت إصاباتها أدق كثيراً. ألا يقلقك ذلك؟

ج ـ كل منطقة تعاد ستجرد من السلاح، كما حدث لسيناء، ولذلك لا مجال لهذا السؤال. أنا سأعارض وجود حتى منصة واحدة، أو دبابة واحدة، غربي نهر الأردن.

[.......]

 

المصدر: "يديعوت أحرونوت "، 3/5/1991.