حديث صحافي لوزير الخارجية السوري، فاروق الشرع، في شأن الربط بين أزمة الخليج والقضية الفلسطينية، 28/12/1990
النص الكامل: 

          نحن في سوريا إذ نستغرب أن يعبّر بعض الصحفيين العرب وربما بعض السياسيين العرب أيضاً عن قلقهم وحرصهم على العراق بصوت أعلى من صوت سوريا، دون أن يطالبوا القيادة العراقية بوضوح بضرورة الانسحاب التام من الكويت، لأنه بدون تحقيق الانسحاب فإن أحداً في العالم ليس باستطاعته أن يساعد العراق على تجنب الكارثة. ولا أحد يستطيع أن يساعد القيادة العراقية إذا لم تساعد نفسها وتسحب جيشها من الكويت. ولا نعتقد بأن إلقاء اللوم على الولايات المتحدة أو غيرها في هذا الإطار يساعد العراق والشعب العراقي.

          ـ أولاً، عندما حدث الاجتياح العراقي للكويت، لم تذكر القيادة العراقية شيئاً عن فلسطين، ولم تقل أبداً انها أرسلت جيشها للكويت لتحرير فلسطين. وثانياً إذا ما عدنا إلى وسائل الإعلام العراقية التي سبقت الاجتياح بدءاً من الشكوى التي تقدم بها العراق للجامعة العربية في منتصف شهر تموز [يوليو] الماضي سنجد أنها لا تتحدث عن فلسطين وإنما تتحدث عن مطالب عراقية في الجزر والنفط الكويتي. وثالثاً، لو أن القيادة العراقية جادة في مواجهة إسرائيل فإنها تعرف أكثر من غيرها الطريق الصحيح لتحقيق هذا الهدف.

          وفي كل الأحوال نحن في سوريا لو كنا على قناعة أكيدة بأن الربط بين أزمة الخليج وقضية فلسطين يؤدي فعلاً إلى تحرير فلسطين لما ترددنا لحظة واحدة لموافقتنا على هذا الربط بصرف النظر عن مواقف الآخرين من ذلك.

          لكن دراستنا لفكرة الربط تؤكد بوضوح أنها لن تكون في صالح القضية الفلسطينية.

          أولاً لأن العراق محاصر من قبل الأسرة الدولية، وغير قادرة على تقديم أية مساهمة إيجابية في حل القضية الفلسطينية، بل على العكس من ذلك سيكون العراق في مثل هذا المؤتمر الشامل عبئاً على القضية العربية ونموذجاً مسوغاً ومبرراً للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والأراضي العربية.

          وثانياً ستكون الدول العربية وخاصة الدول العربية في الخليج منشغلة ـ سواء أردنا أم لن نرد ـ بالاحتلال العراقي للكويت أكثر من انشغالها بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.

          وثالثاً، ستكون منظمة التحرير الفلسطينية التي فقدت مكانتها عربياً ودولياً نتيجة امتناعها عن إدانة احتلال بلد عربي لبلد عربي آخر، ستكون في أضعف موقف لها عندما تطالب المجتمع الدولي بإدانة الاحتلال الإسرائيلي والمطالبة باستعادة الضفة وغزة المحتلتين. وبالتالي لن يخرج أي شيء إيجابي من هذا المؤتمر الشامل، اللهم سوى الإبقاء على الوضع الراهن أي استمرار الاحتلال العراقي للكويت واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والإبقاء على الوضع العربي الراهن الذي يفتقد إلى وحدة الموقف ووضوح الرؤية، والحد الأدنى من التماسك والتضامن العربي الشامل.

          نحن في سوريا نعتقد أن تحقيق الانسحاب العراقي الشامل من الكويت وفقاً لقرارات الأمم المتحدة هو الطريق الصحيح الذي يساعدنا جميعاً كعرب على استعادة حقوقنا المغتصبة وأراضينا المحتلة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ولنفس المعايير التي طبقناها على الاحتلال العراقي للكويت، لأن العرب سيكونون في هذه الحالة في موقع واحد وبرؤية واحدة وبتضامن أفضل وبصوت أقوى وأوضح لمطالبة الولايات المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي بتطبيق القرارات الدولية على إسرائيل.

 

المصدر:

 "الديار" (بيروت)، 29/12/1990.