وثائق فلسطينية البيان الختامي للمؤتمر الوطني الخامس للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، دمشق، 19/2/1993
النص الكامل: 

[.......]

على الصعيد السياسي:

أما التقرير السياسي، الذي أقره المؤتمر، فإنه يتركز بشكل أساسي حول الانتفاضة، فأكد ما يلي:

1ـ ضرورة تأمين كافة العوامل التي تؤمن حماية واستمرار وصمود الانتفاضة، مما يستلزم.. التأكيد على الشعار الذي سبق وأن عملنا على هديه منذ اندلاعها وهو الانتفاضة محور عملنا....

2ـ صياغة العلاقات الوطنية الفلسطينية وفق متطلبات الانتفاضة في إطار الرؤية العميقة لدورها في إفشال نهج ومخططات التصفية الجارية، وموقعها في مستقبل ومسار العملية النضالية الفلسطينية الشاقة، والطويلة والمعقدة، لتحقيق شعار الانتفاضة الحرية والاستقلال.

3ـ  سجل التقرير صوابية الرؤية العامة التي تبنتها الجبهة إزاء الانتفاضة، باعتبارها محطة بارزة في سفر النضال الوطني الفلسطيني وتتويجاًَ خلاقاً له وباعتبارها أيضاً جزءاً من المشروع الكفاحي الطويل والشاق الذي يخوضه شعبنا من أجل انتزاع حقوقه، وتحقيق أهدافه الوطنية.

إن الانتفاضة أعطت مضموناً أكثر ملموسية لشعار الحرية والاستقلال الذي رفعته، الأمر الذي لا يجوز معه الاعتقاد بأن الانتفاضة وحدها مسؤولة أو قادرة على تحقيق شعار الدولة، بقدر ما أنها أسهمت إسهاماً عظيماً في توسيع وتعميق مجرى النضال من أجل بلوغ هذا الهدف أي الدولة المستقلة.

4ـ التأكيد على موقفنا من المشروع التصفوي الأميركي الصهيوني، والذي يقوم على أساس الرفض الكامل والحاسم والجذري لهذا المشروع، والعمل على مقاومته، وإفشاله بكافة الوسائل المتاحة، وطرح البديل السياسي التكتيكي الذي يقوم على أساس التمسك بقرارات الشرعية الدولية المؤيدة لحقوقنا كمنطلق وإطار لحل بديل لهذا الحل التصفوي.

وحتى نستطيع ذلك أكد التقرير السياسي على أولوية تحشيد كافة القوى السياسية الفلسطينية المناهضة لهذا المشروع، وخلق تيار شعبي فلسطيني عريض بهدف الحفاظ على م. ت. ف وحماية برنامجها الوطني وعودة قيادتها المتنفذة للالتزام بهذا البرنامج.

كما أكد التقرير على أن مخطط التسوية ليس قدراً محتوماً لا مناص منه، وأن إمكانية إفشاله، هي إمكانية واقعية، كامنة في قدرات شعبنا وطاقاته، وفي استعداداته العالية للدفاع عن حقوقه التاريخية والمشروعة وهي كامنة أيضاً في الطبيعة العنصرية والعدائية والإجلائية للمشروع الصهيوني الذي يستهدف الأمة العربية، وبضمنها الشعب الفلسطيني تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً.

وفي ضوء ذلك أكد المؤتمر على أهمية تعزيز الهيئة القيادية الموحدة مع الجبهة الديمقراطية والتحالف الديمقراطي، واصطفاف الفصائل العشرة، وتعميق الوحدة الميدانية بين قواعد وكوادر كافة الفصائل وفي صفوف الشعب، وتنشيط الفعل الكفاحي من مختلف الجهات، ومناطق الشتات، والحفاظ على المكتسبات التي حققها الشعب الفلسطيني وأهمها منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الهوية المعنوية والجبهة الوطنية، والممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني.

5ـ إن مواجهتنا وتصدينا للاستحقاقات الخطيرة التي يطرحها الواقع السياسي المعقد بات يتطلب العمل الجاد لإحياء واستنهاض حركة الجماهير العربية من خلال إعادة الاعتبار لشعارات الوحدة العربية، وإشاعة الديمقراطية، والتعددية السياسية ـ وحرية التفكير والتعبير، والتقدم الاجتماعي، والعمل على إقامة أوسع جبهة عربية من خلال تحالف عريض يضم كافة التيارات والاتجاهات السياسية المناهضة لما يسمى بالنظام الدولي الجديد ـ أي التيار الوطني والقومي والماركسي والديني المتنور. ومن خلال ذلك أي من خلال حركة الجماهير العربية يمكن أن نؤمن الحماية للخط المناهض والرافض للمخطط الإمبريالي الصهيوني الرجعي. 

على الصعيد الأيديولوجي:

على الصعيد الأيديولوجي، ناقش المؤتمر الوثيقة النظرية المقدمة من اللجنة المركزية العامة، وجدد التزام الجبهة واسترشادها بالمنهج المادي الجدلي التاريخي كدليل لفهم وتحليل الواقع من أجل تغييره، مؤكداً فهم الجبهة لهذا المنهج باعتباره مرشداً للعمل وليس مجرد عقيدة جامدة، أو مفاهيم ومقولات مجردة عن الواقع الملموس وهو ما برهنت عليه الحياة العملية، رغم الزلازل التي حلت بالتجربة الاشتراكية المحققة في عدد من البلدان.

وسجل المؤتمر أهمية وضرورة مراجعة النظرية بعين نقدية، وإخضاعها، للبحث والتمحيص والتجديد، وإلى أولوية أخذ خصوصيات الواقع العربي بعين الاعتبار أي تعريب الماركسية، ونبذ الجمود أو الاستخفاف. ونبّه التقرير إلى ضرورة التمييز والتدقيق بين النهج والجوهر الذي لم يستطع أحد دحضه بصورة علمية مقنعة وبين النصوص أو بعض الاستنتاجات التي برهنت الحياة عدم دقتها وصوابيتها. 

على الصعيد العسكري:

وعند تناوله للتقرير العسكري أكد المؤتمر اعتزازه بالدور البارز لمقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جنباً إلى جنب مع إخوتهم ورفاقهم في باقي فصائل الثورة الفلسطينية ورفاق دربنا مناضلي الحركة الوطنية والإسلامية اللبنانية.

لقد تنوعت فاعليات الجبهة العسكرية وتعددت ساحات فعلها لتشمل فلسطين المحتلة ولبنان بشكل خاص وعبور الحدود العربية المحيطة بفلسطين المحتلة بشكل عام، لكن المؤتمر أكد بوضوح أن أداء الجبهة العسكري كما هو الأداء الفلسطيني كله أقل بكثير مما يستطيع جناح الثورة الفلسطينية خارج الوطن المحتل القيام به، مما يفرض علينا العمل الجاد لرفع مستوى أدائنا على هذا الصعيد.

ولاحظ المؤتمر بعض النزعات والدعوات، صريحة أو مواربة، ظاهرة أو مستترة، التي يحاول البعض في الساحة الفلسطينية أو العربية الترويج لها، تلك الدعوات التي ترى في طريق الحل التصفوي الأميركي الطريق الوحيد المتاح والممكن لتحقيق حل سياسي مع الكيان الصهيوني.

وقد أكد المؤتمر من جديد على أن العنف الثوري الجماهيري والكفاح المسلح خاصة هما الكفيلان بإلحاق الخسائر المستمرة والدائمة، في جسم هذا الكيان الغاصب الذي يفرض عليه التراجع أمام الفعل المستمر والمتنامي للعمل الفلسطيني المسلح، وقد اتخذ المؤتمر القرارات التي تمكننا من زيادة فعلنا العسكري وتساهم في أن نلعب دورنا المأمول في تخطئة ودحض الدعوات لإلقاء السلاح تحت كل الذرائع من جهة والاستمرار في مقاتلة العدو من جهة أُخرى.

لقد أظهرت الانتفاضة المجيدة بوضوح أهمية الفاعلية العسكرية لمجموع فصائل الثورة الفلسطينية. وبقدر ما أكدت الانتفاضة على اتساع وتنوع كل أساليب النضال الجماهيرية والسياسية والاقتصادية والأيديولوجية فإنها أكدت أيضاً أنه لا بد من تطوير استخدام السلام في مواجهة عدو توسعي ـ عنصري، إجلائي، فاشي، كالكيان الصهيوني واحتلاله لأرض فلسطين.

[.......]

 

المصدر: "الهدف" (دمشق)، العدد 1137، 28/2/1993، ص 8 ـ 11. وقد عقد المؤتمر في الفترة ما بين 12 و 17 شباط/ فبراير 1993.