تقويمات الإسرائيليين للانتفاضة في عامها الثالث: بين هاجس السكاكين وشبح الرصاص
كلمات مفتاحية: 
الانتفاضة 1987
الجيش الإسرائيلي
الفلسطينيون في إسرائيل
نبذة مختصرة: 

يتناول الملف تقويمات الإسرائيليين للانتفاضة في عامها الثالث والتي تعكس صورة قاتمة وباعثة على القلق بفعل المنحى التصعيدي الملموس الذي اتخذته الانتفاضة في هيئة ارتفاع عدد الهجمات بالسكاكين والأسلحة النارية. ويستعرض الملف التصعيد في نشاط الانتفاضة استناداً إلى الأرقام والإحصاءات الإسرائيلية التي تشير إلى ارتفاع عدد المصابين الإسرائيليين (في العام الثالث) وانخفاض عدد الشهداء الفلسطينيين. كما يستعرض تقويمات بعض الصحافيين الإسرائيليين للانتفاضة مثل أون ليفي الذي يشير الى بداية مرحلة جديدة تدل على تغيير في فكر المنتفضين، ويتحدث عن "لبننة المناطق" من خلال تشبيه ما يجري في الأراضي المحتلة بما واجهه الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان. أما زئيف شيف فيحلل المنحى التصعيدي الذي اتخذته الانتفاضة، ويشير إلى "الإحساس الثقيل بفقد القدرة على الردع" الذي ساد صفوف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. ويشير إلى الأثر الذي تركته الانتفاضة على الجيش الإسرائيلي الذي تحول إلى جيش شرطة وحرفته عن مهمته الأساسية. كما يتناول الملف متابعة المراقبين والساسة الإسرائليين لانعكاسات الانتفاضة على فلسطينيي 1948، حيث يشير أليشع إفرات الباحث في قسم الجغرافيا بجامعة تل أبيب إلى وجود خطر بأن تزحف الانتفاضة إلى داخل الخط الأخضر. ويرى المستشرق ماتي شتانبرغ أن الانتفاضة لم تترجم إلى إنجاز التنازل الإسرائيلي على الأرض، لكنها حققت إنجازات أخرى مثل الجدال الدائر في إسرائيل بشأن كيفية فصل الأراضي المحتلة عن إسرائيل. واعتبر عاموس غلبواع أن العام الثالث للانتفاضة هو عام تراجع وعام تطرف. لكن يسرائيل هاريل رئيس مجلس مستعمرات الضفة وغزة يعتبر أن الإنجاز الحقيقي الوحيد هو ازدياد عدد المستوطنين من نحو 87 أو80 ألف مستوطن إلى ما يقارب 100 ألف مستوطن خلال أعوام الانتفاضة الثلاث.

النص الكامل: 

تبدو الصورة، من وجهة النظر الإسرائيلية، قاتمة وباعثة على القلق، مع إكمال الانتفاضة الفلسطينية عامها الثالث. وقد تكونت هذه الصورة في الأشهر القليلة الأخيرة من العام خاصة، وذلك بفعل المنحى التصعيدي الملموس الذي اتخذته الانتفاضة / الثورة، في هيئة ازدياد الهجمات بالسكاكين والأسلحة النارية. وجاء هذا التصعيد على خلفية جملة من التطورات كان أبرزها: ارتفاع وتيرة القمع الإسرائيلية، وصولاً إلى مجزرة الحرم الشريف في 8 تشرين الأول/أكتوبر؛ "أزمة" الخليج العربي الناشبة منذ مطلع آب/أغسطس؛ وقف أي كلام على التسوية السلمية منذ أواسط العام في إثر تجميد "الحوار الأميركي – الفلسطيني وتأليف الحكومة الإسرائيلية بقيادة الليكود – وهي تطورات تؤكد عمق التصعيد الأخير وخطورته. وهكذا، جاءت تقويمات الإسرائيليين للانتفاضة، هذا العام، محكومة بهاجس السكاكين وكابوس الرصاص.

 

التصعيد بالأرقام

تختلف المصادر الإسرائيلية فيما بينها (كما تختلف عن المصادر الفلسطينية) لدى تناول "إحصاءات" الانتفاضة، ويكون هذا الاختلاف بيّنا في كثير من الأحوال. كما أن المعطيات التي يعلنها الناطق الرسمي بلسان الجيش الإسرائيلي في هذا الشأن، لا تشمل عادة منطقة القدس وداخل "الخط الأخضر" باعتبارهما يؤلفان "دولة إسرائيل" لا مناطق "مُدارة". ومع ذلك كله، فإن الأرقام المتوفرة تدل دلالة قاطعة على أن العام الثالث للانتفاضة شهد تصعيداً ملحوظاً في فاعليتها. بما في ذلك استخدام الأسلحة النارية.

ففي تقرير لمركز المعلومات "عوفداه"، جاء أن عدد الحوادث – مثل رجم الحجارة وقطع الطرق – ارتفع إلى الضعفين تقريباً؛ إذ قفز من 39,411 حادثة في سنة 1989 إلى 71,754 حادثة في سنة 1990. وارتفع عدد المصابين الإسرائيليين، من جنود ومستوطنين، في هذه الحوادث من 1274 شخصاً إلى 2926 شخصاً. كما ازداد عدد العبوات الناسفة المزروعة من 66 عبوة إلى 99 عبوة، في حين ازدادت حوادث إطلاق النار من 82 حادثة إلى 163 في العام الثالث.[1]

ووفقاً لمصدر آخر، بلغ عدد العبوات الناسفة التي زُرعت ضد الجيش الإسرائيلي 83 عبوة في عام الانتفاضة الأول، قياساً بـ 65 عبوة في عامها الثاني، و 90 عبوة في العام الثالث. أما حوادث إطلاق النار على الجيش وقوات الأمن الإسرائيلية، فبلغت 15 و77 و79 حادثة في الأعوام الثلاثة، على التوالي.[2]   ومن جهة أخرى، ارتفع عدد "العملاء" القتلى من 21 عميلاً سنة 1988، إلى 134 عميلاً سنة 1989، ثم إلى 156 عميلاً سنة 1990.[3]

في مقابل ازدياد "حوادث الانتفاضة/ الثورة (بما فيها التفجيرات وإطلاق النار)، وارتفاع عدد المصابين الإسرائيليين، شهد العام الثالث من الانتفاضة انخفاضاً في عدد الشهداء الفلسطينيين، الذي بلغ حتى نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر 124 شهيداً، في مقابل 303 شهداء في العام السابق، و 285 شهيداً في العام الأول؛[4]  ودائماً بحسب المصادر الإسرائيلية.

 

"مرحلة جديدة: لبننة المناطق"؟

    دفع هذا التصعيد المراقبين والمسؤولين الإسرائيليين إلى الحديث عن مرحلة جديدة في الانتفاضة، وعن "لبننة المناطق"، أي الانتقال إلى المقاومة المسلحة التي أجبرت الجيش الإسرائيلي على الانسحاب من معظم الأراضي اللبنانية في إثر الاجتياح سنة 1982.

    فالصحافي أون ليفي، مثلاً أكد "أننا إزاء بداية" مرحلة جديدة. فازدياد العبوات الناسفة وحوادث إطلاق النار على القوات الإسرائيلية يدل على حدوث تغيير ف فكر المنتفضين. وهذه الحوادث، خلافاً لرجم الحجارة والزجاجات الحارقة، تستلزم التنظيم والتدابير اللوجستية. وهي لم تعد حوادث منعزلة، وإنما تتحول إلى رتابة يومية. وحذّر ليفي الذين كانوا يدّعون أنه يمكن إخضاع انتفاضة شعبية بالقوة، من "أننا سنضطر الآن إلى مواجهة لبننة المناطق. وعلى قوى الأمن أن تستعد الآن لمواجهة المرحلة الجديدة."[5]

    وذهب آفي بنياهو مذهباً مشابهاً في مقالة له بعنوان: لبننة المناطق. فذكّر بحالة الجيش الإسرائيلي في عامه الثالث في لبنان، وأضاف: "في نهاية العام الثالث لوجود القوات الإسرائيلية الكثيف في المناطق، يبدو أن الجيش يواجه خصائص نشاط تخريبين هي فعلاً لا تتماثل بالمطلق مع خصائص فترة الإقامة في لبنان، لكنها بالتأكيد تشببها جزئياً." ومن هذه الخصائص: المستوى المرتفع لجرأة المهاجمين، وتنفيذ عمليات بدافع ديني إسلامي، أو بدافع اليأس والإحساس بأنه "لم يعد ثمة ما نخسره". وفي مواجهة هذا الواقع الجديد، دعا بنياهو الضباط والجنود إلى ضرورة تبني قواعد مسلكية جديدة، والافتراض أن كميناً عدواً يمكن أن يفاجئهم وراء أي بيت وعند أي مدخل أي زقاق، وأن كل كيش صغير أو رزمة في الشارع هو عبوة ناسفة، وأنه من فوق أي سطح يمكن أن تُقذف قنبلة يدوية أو قنبلة حارقة، لا مجرد كتلة اسمنت او بابل حجارة.[6]

    زئيف شيف، هو الآخر، تناول بالتحليل المنحى التصعيدي الذي اتخذته الانتفاضة في أواخر عامها الثالث، إذ قُتل – في الشهرين الأخيرين – ستة إسرائيليين وجُرح كثيرون غيرهم، بينهم رجال شرطة وجنود، طعناً بالسكاكين. كما ازداد اللجوء إلى استعمال الأسلحة النارية والعبوات الناسفة، "لا في المناطق فقط، إنما داخل الخط الأخضر أيضاً." وأشار إلى "أن المهاجمين – رجالاً ونساءً – يصبحون أكثر جرأة، ويشنون هجماتهم حتى في حافلات الركاب في عزّ الظهيرة، وحتى ضد رجال شرطة وجنود مسلحين." ولفت شيف إلى "الإحساس الثقيل بفقدان القدرة على الردع" الذي ساد صفوف الأجهزة الأمنية عقب قتل الإسرائيليين الثلاثة في يافا. كما لفت إلى اقتناع هذه الأجهزة بأن قيادة م. ت. ف. تفتقر فعلاً إلى السيطرة على الوضع، وأن ليس من المستبعد "أن تنجرّ هي أيضاً، في نهاية الأمر، وراء الأصوليين المتطرفين."[7]

    صحافي رابع، هو بنحاس عنباري، استهل مقالته التي تناولت الموضوع بالقول:

إن دخول الانتفاضة في المناطق عامها الرابع هو بمثابة فتح صفحة جديدة، بكل معنى الكلمة. إن الانتفاضة تتخذ وجهاً جديداً، إذ لم يعد الأمر يتعلق بالانتفاضة الأصلية، وإنما بالعودة إلى الكفاح المسلح. ويجب سماع حنين متحدثي الليكود، ووزير الدفاع السابق يتسحاق رابين، إلى "الحجر"، حتى نفهم التغيّر.[8]

إن حديث المراقبين الصحافيين هذا يتحدث مثلّه الرسميون الإسرائيليون، وإنْ بتحفظ.. فقد صرح مصدر حكومي رفيع المستوى أن وضع المناطق (المحتلة) يتفاقم، وأن هذا التفاقم يجد تعبيراً عنه سواء في المنشورات الأكثر تطرفاً، أو في منشورات القوى "الأكثر براغماتية" – وعلى رأسها حركة "فتح"؛ وذلك في إشارة إلى المنشور الذي وزعته الحركة في 9 كانون الأول/ديسمبر، والذي حيّا "ثورة السكاكين"، واعتبر أن مجزرة الحرم الشريف منعطف لتفكير جديد، يكون للسكين فيه دور مهم كوسيلة مكملة للحجر، وأن البندقية هي كالحجر. وقال المصدر إن ثمة ازدياداً كبيراً في دوافع تنفيذ عمليات بالأسلحة النارية وفي الاستعداد لتنفيذها، وذلك يعود إلى "أجواء الأزمة في الخليج، وإلى التطرف الإسلامي في يهودا والسامرة وقطاع غزة." وأضاف أن جزءاً من "مسار التطرف" يتعلق بمحاولة الحصول على تدخل أكبر من جانب المنظمات الدولية في الحياة اليومية.[9]

أما العقيد (احتياط) يغئيل كرمون، مستشار رئيس الحكومة في مكافحة الإرهاب، فيرى "إننا نقف على عتبة مرحلة عنيفة في الانتفاضة، تتضمن دعوة القيادة الموحدة إلى الانتقال إلى استعمال الأسلحة النارية." وأضاف، في المقابلة التي أجراها أون ليفي معه:

ثمة في الأشهر الأخيرة عنصر جديد، يتمثل في أعمال العنف التي يقوم أفراد بها، وليس في إطار تنظيمي ممأسس. وليس لبعضهم، بالمناسبة، ماضٍ تخريبي معروف. وفي الأيام الأخيرة، حدث تدهور إضافي، مع دعوة القيادة الموحدة للانتفاضة... إلى المزيد من استعمال الأسلحة النارية، من دون أن تقول ذلك صراحة... وعلى الرغم من هذه العناصر، فإن لا أرى منعطفاً في الأشهر الأخيرة بالذات. إن الأمر يتعلق بمسار استمر أعواماً، تحول النضال الفلسطيني ضدنا خلالها من نشاط تخريبي تقوم به مجموهات من المخربين، إلى نضال عنيف نتائجه قاتلة، إذ يشنه جمهور وطني واسع.[10]

    لكن وزير الدفاع، موشيه آرنس، اعتبر أن استعمال الأسلحة النارية مؤخراً يعبر عن "اليأس" بعد ثلاثة أعوام من الانتفاضة، "لم تحقق العناصر الإرهابية فيها شيئاً." وقال آرنس إن غياب مثل هذه الأعمال في الأعوام الثلاثة الماضية لم يكن نتيجة جهل "المخربين" بكيفية تنفيذها، وإنما لأن استراتيجيتهم كانت إدارة الانتفاضة بالحجارة لا بالأسلحة النارية. وأضاف: "ما كنت لأقول أن الانتفاضة انتقلت إلى مرحلة جديدة، لكننا نشهد المزيد من استعمال الأسلحة النارية. إذ ليست هذه أول مرة تستعمل الأسلحة فيها، ويمكن أن يحدث مثل هذه الحوادث في المستقبل أيضاً." وأكد أنه يجب الرد على النار بالنار.[11]

    إن تقدير وزير الدفاع هذا، يشاطره فيه سلفه يتسحاق رابين، الذي قال:

إننا نعيش وضعاً من الارتفاع الشامل في العنف، ومن المتوقع أن يستمر هذا الوضع. لكن لا يمكننا أن نرى في إطلاق النار على حافلة الركاب أول من أمس مرحلة جديدة في الانتفاضة. نحن نتوقع استمرار العنف المميَّز: رجم الحجارة والطعن بالسكاكين.[12]

 

"الخط الأخضر":

بين الامّحاء والارتسام مجدداً

منذ بداية الانتفاضة/ الثورة، يتابع المراقبون والساسة الإسرائيليون عن كثب – وبقلق – انعكاساتها القائمة والمرتقبة على فلسطينيي الـ 48، باحثين عن إجابة عن السؤال المركّب الخطر: هل تفرض الانتفاضة إعادة "الخط الأخضر" الذي حاولت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة محوه بسياساتها التوسعية المنهجية، فتفرض – بالتالي – انفصالاً واقعياً (de facto) للأراضي المحتلة عن إسرائيل، وتعيد تقسيم "القدس الموحدة"؟ أم تمحو الانتفاضة ذلك الخط، بزحفها عبره وتوحيدها الشعب الفلسطيني على جانبيه تحت لوائها، فتهدد الوجود الصهيوني برمته؟ ومن هنا، كان الاهتمام دائماً منصباً على الظواهر المتصلة بهذا السؤال، مثل: انتقال الممارسات الانتفاضية إلى المنطقة المحتلة منذ سنة 1948، ومسار الفلسطنة الذي يمر عرب هذه المنطقة به، وعلاقة هذا المسار بالانتفاضة... إلخ. وكان هذا الاهتمام على أشده في نهاية العام الثالث للانتفاضة.

وقد اعترف المستشار الجديد لرئيس الحكومة في شؤون العرب د. ألكسندر بلاي، في مقابلة صحافية، بحدوث زيادة في حوادث العنف التي يقوم "عرب إسرائيليون" بها، وقال إن هذه الزيادة "يجب أن تبعث فينا القلق." وأشار إلى وجود بعض مظاهر "محاكاة نماذج المسلكية المتصلة بالانتفاضة، ويجب عدم تاهل ذلك." والأخطر من ذلك، في رأيه، هو "أننا إذا لم نساهم في وقف مسار التطرف بواسطة تثميرات في البنية التحتية، فقد يصل الاغتراب والعداء إلى مستوى مرتفع، لدرجة أننا سنشهد ضمن تخوم دولة إسرائيل نَسْخاً كاملاً لنماذج المسلكية التي نشهدها في الانتفاضة..."[13] 

في الموضوع نفسه، وفي الاتجاه نفسه، كتب مستشار الشؤون العربية الأسبق العميق في الاحتياط عاموس غلبواع، وإنْ بتفاصيل مختلفة بالنسبة إلى معظم مواطني إسرائيل، كانت الانتفاضة في أعوامها الأولى هي، في نهاية المطاف، مناظر متلفزة، يشاهدونها بعد يوم من العمل. أما عشية العام الرابع، فقد اجتازت الانتفاضة "الخط الأخضر" إلى داخله، وذلك "نتيجة لعفوية أفراد معزولين." لكن "من المهم التذكير، انطلاقاً من رؤية شاملة ونظرة إلى الأعوام الثلاثة التي مرت... بأنها إنما عفوية ناجمة عن الكراهية واليأس، وربما أيضاً عن شيء يجب أن نتعلم منه وهو التصميم."[14]

إن أقوال المستشاريْن هذه تجد ترجمتَها في المعطيات التالية، المأخوذة من أرشيف صحافي، عن "أعمال العنف والتخريب داخل حدود إسرائيل" خلال أول شهرين من سنة 1990:

  • 7/1: اكتشاف مجموعة من الشبان في عكا تعمل على تخريب سيارات ومركبات اليهود والعملاء العرب.
  • 8/1: إلقاء قنابل حارقة على منزل شرطي في بلدة الطيبة.
  • 29/1: قدم قائد منطقة الشمال في الشرطة إلى لجنة الداخلية في الكنيست تقريراً عن زيادة، نسبتها 54%، في الانتهاكات على خلفية وطنية في نصف العام الأخير.
  • 4/2: اختطاف أحد سكان عكا القديمة العرب واحتجازه في مخزن وضربه، بدعوة مشاركته في رجم سيارات إسرائيلية بالحجارة.
  • 7/2: جاء في تقرير لشرطة النقب أن 118 حادث إلقاء حجارة ورفع أعلام فلسطينية وقطع طرق جرت خلال سنة 1989. وفي السنة نفسها وأوائل سنة 1990، تم اعتقال 91 شخصاً بتهمة تنفيذ هذه الأعمال، قُدم منهم 16 إلى المحاكمة.
  • 8/2: صدر الحكم بالسجن 20 عاماً على أحد أبناء البدو في منطقة بئر السبع، لمحاولته قتل سائق إسرائيلي في الرملة لأسباب وطنية.
  • 25/2: تقدمت مجندة إسرائيلية بشكوى ضد فتى عربي هاجمها بسكين.
  • تزايدت "أعمال العنف والتخريب" خلال العام، وتصاعدت في أواخر أيار/مايو، وعقب مجزرة الأقصى.[15]

وفي بحث جديد للأستاذ أليشع إفرات، من قسم الجغرافيا في جامعة تل أبيب، يحلل الجوانب الجغرافية – الإقليمية، للانتفاضة، يخلص الكاتب إلى أن ثمة خطراً بأن تزحف الانتفاضة إلى داخل "الخط الأخضر"، بدءاً بوسط الجليل الجبلي، ومناطق التجاور بين العرب واليهود على امتداد الخط الأخضر وفي المدن المختلطة، وكذلك على امتداد محاور الطرق التي يستخدمها الجانبان. أما مراكزها الرئيسية فقد تكون في الناصرة وأم الفحم، ثم تتجه من الجليل نحو عكا وقرى وادي عارة، ومنها إلى قرى السهل الساحلي الشرقي، فاللد والرملة ويافا.[16]

وعلى الأقل، فإن "الخط الأخضر يعود إلى الخريطة بألوان قاتمة"، إذ سيكون الاتجاه السائد في وزارة الدفاع الإسرائيلية: حواجز مفاجئة، وتشديد الرقابة على الدخول إلى إسرائيل، ومنع آلاف أخرى من العرب من الذهاب للعمل فيها.[17]

 

تقويمات عامة

    إضافة إلى الجوانب المحددة أعلاه، التي عالجها الإسرائيليون في الذكرى الثالثة لانطلاقة الانتفاضة، كان ثمة تقويمات عامة لبض الخبراء والمسؤولين، نعرض أبرزها فيما يلي:

اعتبر المستشرق الباحث في معهد ترومان، ماتي شتانبرغ، أن الانتفاضة لم تُتَرجم إلى إنجاز التنازل الإسرائيلي على الأرض، لكنها حققت إنجازات أخرى. وفي رأيه، أن الإنجاز الرئيسي من وجهة نظر م. ت. ف.، هو الجدال الدائر الآن في إسرائيل بشأن كيفية فصل المناطق (المحتلة) عنها، بعد أن أسقطت الانتفاضة أي إمكان للتعايش في ظل السيطرة الإسرائيلية. وأضاف أنه إذا كان ثمة يأس، فهو ليس من الانتفاضة، بل من البراغماتية؛ وهذا "اليأس" من البراغماتية يؤدي بالضبط إلى استمرار الانتفاضة."[18]

أما المحلل العسكري زئيف شيف فركّز، في مقالة له بالمناسبة، على اثر الانتفاضة في الجيش الإسرائيلي، الذي تحول إلى جيش شرطة، كما يوحي عنوان المقابلة المعبّر. فالانتفاضة تحرف هذا الجيش عن مهمته الأساسية، وهي "حوّلت وحدات عديدة إلى شرطة أمن كبيرة." صحيح أن الجنود يتحولون إلى "شرطة محترفين"، لكن ليست هذه مهمتهم. كما أن الكثيرين من سلك كبار الضباط، مثل قائدي المنطقتين الجنوبية والوسطى وقياداتهما، يكرسون جزءاً كبيراً من وقتهم وتفكيرهم للانتفاضة. وهذا ما "يشغلهم أكثر من أي موضوع عسكري آخر." ويتساءل شيف: "من الأحمق الذي يصدق أن قدرة الجيش التنفيذية لن تتأكل، وأن نظرته إلى ذاته لن تتضرر إذا استمر هذا الوضع؟"[19]

ويعتبر عاموس غلبواع عام الانتفاضة الثالث "عام تراجع" بالنسبة إلى الفلسطينيين: في صورتهم، وفي علاقاتهم بالغرب والولايات المتحدة وبعض الأوساط الإسرائيلية، وفي قدرتهم المالية والاقتصادية، وفي انقساماتهم الداخلية، وفي فقدان القيادة السيطرة على ما يجري على الأرض. وهو يعتبره أيضاً عام "تطرف" بنشاط جديد ورمز جديد: نشاك أفراد مستقلين، يقودون الشارع، ويجرّون القيادة وراءهم؛ والرمز ليس الحجر أو الزجاجة أو الزجاجة الحارقة، وإنما السكين والخنجر، ورأى غلبواع في حامل السكين ثروة فلسطينية، لأنه يتسلل إلى كل مكان، ويصل إلى عتبة كل منزل، وحافلة ركاب، ومقهى.[20]

أما يسرائيل هارئيل، رئيس مجلس مستعمرات الضفة والقطاع، فينحو منحى جديراً بزعيم مستوطنين، إذ هو يقابل بين كفتي "ميزان ثلاثة أعوام" من الانتفاضة؛ فمن جهة، حققت الانتفاضة إنجازات بارزة، على صعيد الرأي العام العالمي، والحوار مع الولايات المتححدة على الرغم من تجميده، وقيام "مناطق محررة" "حيث تتدرب كادرات جديدة من جنود الانتفاضة على مواصلة النضال الإرهابي ضد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود وسكان إسرائيل كلهم." لكن، من جهة أخرى، هناك إنجاز رئيس مضاد، هو الإنجاز الحقيقي الوحيد – في رأي هارئيل – الذي حققه أي طرف في الانتفاضة: ازدياد عدد المستوطنين من نحو 78 أو 80 ألف مستوطن إلى ما يقارب 100 ألف مستوطن خلال الأعوام الثلاثة الماضية. ويضرب أمثلة في ذلك، ازدهار المستعمرات التالية: براخا، حومش، معاليه ليفونا، عومريم، ألفيه منشيه، أريئيل. ويربط هارئيل هذا الازدهار بهجرة ما يتراوح بين 20 ألف فلسطيني و 40 ألف فلسطيني من الأراضي المحتلة، معظمهم شخصيات مرموقة في الاقتصاد والتعليم.[21]

[1]   "هآرتس" 10/12/1990.

[2]   المصدر نفسه، 12/12/1990.

[3]   المصدر نفسه، 5/12/1990.

[4]   المصدر نفسه.

[5]   "دافار"، 10/12/1990.

[6]   "عال همشمار"، 11/12/1990.

[7]   "هآرتس"، 16/12/1990.

[8]   "عال همشمار"، 14/12/1990.

[9]   "دافار"، 13/12/1990.

[10]  أنظر المقابلة في: "دافار"، 7/12/1990.

[11]   "دافار"، 12/12/1990.

[12]   المصدر نفسه، 7/12/1990.

[13]   أجرى المقابلة يسرائيل لاندرس، "دافار"، 14/12/1990.

[14]   عاموس غلبواع، "معاريف"، 7/12/1990.

[15]   أنظر: ميري باز، "الانتفاضة وعرب إسرائيل"، ملحق دافار الأسبوعي"، 14/12/1990، ص 8 – 11.

[16]   أنظر: "هآرتس"، 13/12/1990.

[17]   عمانوئيل روزن، ملحق "معاريف"، 7/12/1990، ص 1.

[18]   المقابلة في "هآرتس"، 10/12/1990.

[19]   "هآرتس"، 11/12/1990.

[20]   غلبواع، مصدر سبق ذكره.

[21]   "هآرتس"، 7/12/1990.