الدلالات العسكرية والسياسية للعدوان الإسرائيلي الأخير على غزة
التاريخ: 
20/11/2019
المؤلف: 

لم يكن اغتيال القائد العسكري في حركة الجهاد الإسلامي في غزة بهاء أبو العطا في 12/11/2019 مجرد عملية اغتيال مركزة طالت أحد الشخصيات التي تعتبرها إسرائيل مسؤولة عن عدد من الهجمات ضدها، بل كان تمهيداً لعملية عسكرية إسرائيلية استباقية شارك في تخطيطها وتنفيذها الجيش الإسرائيلي بالتعاون الوثيق مع جهازي الشاباك والاستخبارات العسكرية.

 الاغتيال الذي سبق العملية العسكرية التي استغرقت 50 ساعة وأطلق عليها الإسرائيليون اسم "الحزام الأسود" هي أولى ثمار التغيير الذي يقوده رئيس الأركان أفيف كوخافي داخل الجيش الإسرائيلي، والذي تجلّى في تطبيق ما أطلق عليه الجيش اسم  منظومة "مظلة النار"، وهي عبارة عن تعاون عملياتي مشترك بين سلاح الجو والاستخبارات والشاباك وسلاح المدفعية يقوم على استخدام معلومات استخباراتية دقيقة ومنظومة نار شديدة في ما أسموه عملية "اصطياد" خلايا مطلقي الصواريخ في الجهاد الإسلامي وضربها بشدة، وذلك قبل أن تتمكن من أداء مهمتها. وقد شكلت هذه العملية العسكرية الخاطفة نموذجاً جديداً في عمل الجيش الإسرائيلي ضد التنظيمات الجهادية في قطاع غزة، حاول الإسرائيليون استخلاص دروسها ودراسة تأثيرها على مواجهات مستقبلية في غزة ضد "حماس" أو ضد حزب الله. من هنا أهمية الدروس العسكرية التي خلص اليها الإسرائيليون من هذه العملية.

الأمر المهم الآخر الذي برز في هذه العملية هو سعي إسرائيل منذ اللحظة الأولى إلى تحييد حركة "حماس" ووضعها خارج الاستهداف، وقد عملت في هذا الإطار إلى استغلال تحدي الجهاد الإسلامي سلطة "حماس" في غزة، ومحاولته أن يظهر نفسه كزعيم المقاومة ضد إسرائيل في مقابل تمسك "حماس" بمساعي التهدئة مع إسرائيل. وعلى ما يبدو استطاعت إسرائيل حتى الآن تحقيق هدفها؛ والسؤال هو كيف سينعكس هذا مستقبلاً على مكانة "حماس" في غزة، على مساعي التهدئة بين الطرفين.

تساؤلات كثيرة أثارتها عملية "الحزام الأسود" بشأن مستقبل التنظيمات الجهادية الصغيرة التي تدعوها إسرائيل بـ"المارقة" في غزة وهل سيكون مصيرها مشابه لما حدث مع الجهاد الإسلامي؟ وهل عملية "الحزام الأسود" بداية مرحلة لتصفية هذه  المجموعات؟ وكيف سينعكس هذا على  حركة "حماس" وعلى الاستقرار الأمني في قطاع غزة عموماً.

يحاول هذا الملف أن يلقي أضواء على اغتيال القائد بهاء أبو العطا من حيث التوقيت وخلفياته، ومدى ارتباطه باعتبارت سياسية إسرائيلية داخلية. كما يعرض وجهتَي نظر فلسطينيتين لما حدث، ويبدأ بعرض تاريخي لنشأة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ومنطلقاتها وتطورها.